التغذية الصحية

نصائح غذائية هامة تخص مريض قرحة المعدة والاثنى عشر

بقلم د. مجدي راشد
قرحة المعدة والاثنى عشر

نصائح غذائية هامة جدًا إلى مريض قرحة المعدة والاثنى عشر

قرحة المعدة هي تكوّن قُرح في بطانة المعدة و/أو الاثنى عشر نتيجة عدة عوامل منها: زيادة إفراز حمض المعدة، بالتزامن مع ضعف عوامل الحماية لبطانة المعدة؛ وزيادة العوامل الداخلية والخارجية الضارة ببطانة المعدة؛ والتي سنتعرف عليها في هذا المقال من أسرة وطب

تتسبب قُرحة المعدة والاثنى عشر في أعراض متباينة في الشدة تتراوح ما بين آلام شديدة في البطن؛ إلى نزيف وظهور دم في القيء يُشبه مطحون البُن، وفي البراز على هيئة لون أسود قطراني؛ وقد يصل الأمر في حالة إهمال العلاج إلى حدوث ثقب في المعدة وانسداد في مخرج المعدة، وقد تصل في حالات نادرة إلى سرطان.

يُحاول الجسم المحافظة على التوازن بين عوامل الحماية الطبيعية الموجودة في المعدة، وعوامل هدم الحماية الموجودة بصورة طبيعية في المعدة؛ أو نتيجة لعوامل خارجية مثل تناول بعض الأدوية خاصةً المُسكنات ومضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDs) مثل: الديكلوفيناك (فولتارين وكتافلام…) والإيبوبروفين (بروفين…)…، وبنسبة أكبر نتيجة الإصابة بجرثومة المعدة المسؤولة عن 90% من حالات قرحة المعدة. 

نصائح غذائية هامة جدًا إلى مريض قرحة المعدة والاثنى عشر

تحدث قُرح المعدة والاثنى عشر عندما تتغلب عوامل الهدم على عوامل الحماية.

تعتمد خطة التغذية الصحية من أجل مريض قرحة المعدة والاثنى عشر على ثلاثة محاور:

أولًا: التحكم في عوامل الهدم بتجنبها وتقليل تأثيرها.

ثانيًا: تدعيم عوامل الحماية وزيادتها.

ثالثًا: المساعدة على التئام القُرح وتخفيف الألم ومنع المُضاعفات.

مع ملاحظة أن نمط الحياة الصحي الذي يجب أن يتبعه مريض قُرحة المعدة والاثنى عشر لا ينفصل عن خطة التغذية الصحية.

دعونا نلقي الضوء على طبقات المعدة وإفرازاتها التي تساعد على هضم الطعام وحماية المعدة في الإنسان السليم؛ أو تتحول بعضها إلى عوامل هدم الحماية:

  • الطبقة المُخاطية (Mucosa): الملاصقة لتجويف المعدة، والأكثر عُرضةً لحمض المعدة، تُنتج هذه الطبقة المخاط (Mucous) الغني بمادة البيكربونات التي تحمي بطانة المعدة من الحمض، وتحتوي الطبقة المُخاطية على عدة خلايا مُختلفة مثل:

* الخلايا الجدارية (Parietal cells): التي تُنتج (حمض الهيدروكلوريك) شديد الحموضة؛ إذ يقضي على الجراثيم الموجودة في الطعام بجانب دوره في الهضم.

* الخلايا الرئيسية (Chief cells): التي تُنتج مادة (الببسينوجين)؛ التي تختلط مع (حمض الهيدروكلوريك) لإنتاج مادة (البيبسين)؛ المسؤولة عن هضم البروتينات.

* خلايا الجاسترين: التي تُفرز مادة (الجاسترين) المُحفزة لإفراز حمض المعدة.

  • الطبقة تحت المُخاطية (Submucosa): تحتوي على الأوعية الدموية، والخلايا العصبية، والأنسجة الضامة.
  • العضلات الخارجية (Muscularis externa): تتكون من عضلات ملساء تساعد على دفع الطعام خلال القناة الهضمية.
  • الطبقة المصلية الخارجية (Serosa): الطبقة الخارجية تتكون من خلايا ضامة، وتفصل بين المعدة وباقي الأعضاء.

تتضمن الأسباب الشائعة للإصابة:

  • الإصابة بجرثومة المعدة أو ما تُعرف بالبكتيريا الملوية البوابية: فقط من 10-15% من المصابين بها يُصابون بقرحة المعدة، ولكن 90% من المصابين بقرحة المعدة مصابون بجرثومة المعدة.
    تحمي الطبقة المخاطية المُبطنة للمعدة خلايا المعدة من التعرض المباشر للحمض، ولكن هذه البكتيريا تتمكن من الوصول إلى خلايا المعدة واستعمارها، مما يتسبب في إضعاف هذه الطبقة المخاطية، ووصول الحمض إلى خلايا المعدة، والتسبب في حدوث قُرح والتهاب؛ ينتج عنه زيادة إفراز حمض المعدة، وقد يصل إلى الاثنى عشر ويتسبب في قرحة الاثنى عشر، تنتقل هذه البكتريا عن طريق الفم سواءً عن طريق الطعام والشراب أو الرذاذ أو التقبيل، كذلك عن طريق براز المصاب.
  • استخدام بعض الأدوية بصفة منتظمة لفترات طويلة: مثل: الأسبرين منخفض التركيز المُستخدم في منع التجلط عند مرضى القلب، والمسكنات ومضادات الالتهابات اللاستيرويدية (NSAIDs) -مثل: الإيبوبروفين، و الديكلوفيناك…- المستخدمة في علاج التهاب المفاصل وتسكين الألم- وخاصَّةً عند كبار السن، إذ تعمل هذه الأدوية على منع إنتاج مادة البروستاجلاندين التي تلعب دورًا كبيرًا في حماية بطانة المعدة عن طريق تحفيز إفراز المادة المخاطية الغنية بالبيكربونات التي تحمي بطانة المعدة، وتقليل إفراز حمض المعدة من الخلايا الجدارية (Parietal cells)، ونمو خلايا المعدة.
  • متلازمة زولينجر إليسون (Zollinger-Ellison Syndrome): هي مرض نادر يحدث فيه نمو لورم أو أكثر في البنكرياس، أو الاثنى عشر -تُعرف باسم الجاسترينوما-، وتُنتج كميات كبيرة من هرمون الجاسترين (Gastrin)؛ الذي يُحفِّز زيادة إفراز حمض المعدة، ويؤدي إلى تكوّن القُرح الهضمية، وأعراض أخرى مثل: الإسهال، وألم البطن…، وتُعالج بأدوية الحموضة المعروفة.
  • التدخين، وتناول الكحول، وأسباب جينية.

علاج قرحة المعدة والاثنى عشر:

  • معظم القُرح تُشفى بالعلاج الدوائي، والنظام الغذائي، ونمط الحياة؛ ولا نلجأ للعلاج الجراحي إلا في حالات معينة للسيطرة على المضاعفات (مثل: النزيف الحاد، أو انفجار المعدة، أو انسداد مخرج المعدة).
  • يشتمل العلاج الدوائي على: الأدوية التي تُعادل حمض المعدة، وتُبطن جدار المعدة؛ مثل:
    * مضادات الحموضة العادية التي تُمضغ في الغالب، وتخفف من ألم الحموضة لكنها لا تُعالج القرحة.
    * أو الأدوية التي تحد من إفراز الحمض؛ مثل: مُضادات الهيستامين (H2) التي تُحفِّز الشفاء وتقلل الألم (مثل: الرانتدين).
    * أو مُثبطات مضخات البروتون (PPI) التي تكبح إفراز حمض المعدة؛ وتُحفز الشفاء (مثل الأوميبرازول…). 
    * والمضادات الحيوية (في حالة التأكد من الإصابة بجرثومة المعدة؛ وأنها تسببت في القرحة).
    تعرف على علاج جرثومة المعدة من المقال. 

النظام الغذائي الذي يجب أن يتبعه مريض قرحة المعدة والاثنى عشر:

تحدث قرحة المعدة عندما تتغلب عوامل هدم الحماية (المتمثلة في: جرثومة المعدة، وبعض الأدوية، وعادات غذائية خاطئة، وزيادة إفراز حمض المعدة، والبيبسين…) على عوامل الحماية (المتمثلة في: الطبقة المخاطية المُبطنة للجدار الداخلي للمعدة، وإفراز هذه الطبقة من مادة البيكربونات، والبروستاجلاندين).

لا ينفصل النظام الغذائي عن نمط الحياة الذي يشتمل على: ممارسة الرياضة، وتغيير عادات وأوقات الأكل، وشُرب المياه، والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم (7-8 ساعات)، في الوقت الأنسب وهو الليل.

نمط الحياة الصحي الأفضل لك عزيزي مريض قرحة المعدة والاثنى عشر:

  • يُنصح بتجنب التدخين والمشروبات الكحولية، ويُنصح أيضًا بممارسة الرياضة بشكل منتظم لتحسين قدرة الجسم على الهضم؛ إذ تُساعد الرياضة المنتظمة في انتظام حركة الجهاز الهضمي، وسرعة إفراغ المعدة والأمعاء، وتحسن حالات الإمساك.
  • آخر وجبة تكون قبل النوم بثلاث ساعات.
  • تناول عدة وجبات خفيفة أثناء اليوم، وتجنب الوجبات الثقيلة المُشبعة.
  • الأكل ببطء مع مضغ الطعام جيدًا.
  • تجنُّب السهر لأنه يؤدي إلى الجوع المتأخر، ويؤثر على ساعة الجسم البيولوجية.
  • تنظيم أوقات النوم؛ مع أخذ القسط الكافي من النوم خاصةً وقت الليل (تقريبا ثمانية ساعات) إذ يُساعد هرمون الميلاتونين الذي يُفرز أثناء النوم في حماية المعدة؛ بواسطة زيادة الدم المُتدفق إلى الطبقة تحت المخاطية؛ وتدعيم إفراز البروستاجلاندين، وتخفيف التوتر الذي يُفاقم حالة مريض القرحة.
  • يؤدي تنظيم أوقات تناول الطعام، وتنظيم أوقات النوم إلى انتظام الساعة البيولوجية التي تؤثر على انتظام إفراز الهرمونات في الأوقات المناسبة، ومنها هرمونات حماية الجهاز الهضمي.

أطعمة تُساعد على تحسين قُرحة المعدة والاثنى عشر: 

علاج قرحة المعدة والاثني عشر


أولًا: مأكولات يُنصح بتجنبها، أو التقليل منها لأنها تؤدي إلى زيادة عوامل هدم الحماية:

  • تُخفِّف الألبان من حموضة المعدة مؤقتًا؛ ثم يتبع ذلك زيادة في الحموضة لأنها تؤدي بعد ذلك إلى زيادة إفراز حمض المعدة، عكس المُعتقد بأن الحليب يُقلل الحموضة، لذلك لا يُنصح مريض القُرحة بتناول الكثير من الحليب، ولكن يُنصح بتناول الزبادي لأنه يحتوي على البكتيريا النافعة الضرورية لإحداث توازن في حالة الإصابة بجرثومة المعدة.
  • يُنصح بتجنب أو تقليل الأطعمة الحارة، والطماطم، وعصائر الفواكه الحمضية مثل: الليمون والبرتقال، والمأكولات المُسبَّكة التي تحتوي على صلصات وبصل وثوم بكثرة مع الزيوت المهدرجة، والدهون الزائدة التي تؤدي إلى زيادة إفراز العصارة الصفراوية التي تزيد من تفاقم القُرح، والقهوة، والشيكولاتة…
  • بصفة عامة يُنصح كل شخص بأن يُلاحظ أثر الأطعمة التي تُفاقم حالته أو تتسبب في زيادة الألم؛ ويتجنبها أو يُقلل من تناولها، فقد تؤثر بعض الأطعمة على أشخاص ولا تؤثر على آخرين، وذلك لتجنب حظر أطعمة مفيدة بداعي تأثيرها السلبي على القرحة.

ثانيًا: مأكولات يُنصح بتناولها لتدعيم إفراز المخاط المعدي، وحماية المعدة من تأثير جرثومة المعدة، والمساعدة على التئام القُرح؛ وتخفيف آلامها:

  • الخرشوف، والكرنب (يحتوي على مادة الجلوتامين التي تساعد على زيادة المخاط المعدي؛ وتساعد على التئام القُرح)، والبروكلي (خاصةً براعم بذور البروكلي المُسْتنبتة)؛ والتي تحتوي على مادة (Sulphoraphane) التي تقلل من نشاط جرثومة المعدة، ولكن يجب تناولها باعتدال لتجنب الغازات والانتفاخ.
  • يساعد الموز (الأخضر قبل استوائه) على إفراز المخاط المعدي، وكذلك الكركم.
  • تُساعد المأكولات الغنية بالألياف الذائبة على زيادة إفراز المخاط المعدي؛ وتغذية البكتيريا النافعة؛ (مثل: الشوفان، ونُخالة الشوفان، وقشور السيليوم، وبذور الكتان، والمكسرات النيئة، والبقوليات خاصةً العدس والحمص، والتفاح، والجزر…).
  • تُساعد أيضًا المأكولات المحتوية على الألياف غير الذائبة؛ على انتظام إفراغ الأمعاء الغليظة، وتحسين حركة الأمعاء، وتخفيف تركيز العصارة الصفراوية (Bile acids) التي تتسبب في زيادة الألم نتيجة ملامسة القرح، مثل: الحبوب الكاملة، والخضروات الورقية الداكنة، والجزر، والبنجر، والفجل، وبذور الكتان، وحبوب الكينوا والشيا…

 نمط حياتك وعاداتك الغذائية إما أن تُجنبك الكثير من الأمراض، أو تُصيبك بالأمراض وتُفاقم حالتك الصحية؛ التي تنعكس على راحتك وسعادتك، اتبع نمط حياة صحي حرصًا على صحتك وصحة أسرتك.
تابعنا في أسرة وطب تجد كل جديد ومفيد.

السابق
التهاب البربخ | مشكلة تؤرق الكثير من الرجال
التالي
الم الخصية | لا تتجاهله فربما يتطور لمضاعفات خطرة