الطب العام

مرض جريفز يسبب جحوظ العين.. تعرف عليه

 بقلم د. حسين الحجار
مرض جريفز

يُطلق على مرض جريفز هذا الاسم نسبةً إلى الطبيب- روبرت جريفز– الذي اكتشفه لأول مرة لدى أحد مرضاه عام 1835. ويشير إليه البعض أيضًا باسم مرض باسيدو نسبةً إلى الطبيب الألماني أدولف فان بيسدو الذي وصف نفس المرض في عام 1840 لعدم علمه بأنه قد وُصف سابقًا بواسطة جريفز. 

يحدث مرض جريفز بسبب اضطراب المناعة الذاتية؛ الذي ينتج عنه زيادة في إفراز هرمون الغدة الدرقية (فرط نشاط الغدة الدرقية). حيث ينتج جهاز المناعة الأجسام المضادة التي تعرف باسم الجلوبيولين المناعي المُحفّز، الذي يهاجم خلايا الغدة الدرقية، ويرتبط بها (على نفس المستقبلات لهرمون TSH)؛ فيسبب نموها، ويحفزها لإفراز هرمون الثيروكسين بكمية أكبر من احتياجات الجسم.

تؤثر هرمونات الغدة الدرقية على العديد من الوظائف الحيوية للجسم مثل عملية التمثيل الغذائي، والاحتفاظ بالحرارة كما أن وجودها هام لتطور الدماغ. يؤدي إهمال علاج مرض جريفز إلى تعرض المُصاب به إلى العديد من المشكلات مثل فقدان الوزن، والاكتئاب والوهن البدني وهشاشة العظام ومشكلات القلب، والتعب العقلي وفرط في العواطف مثل البكاء الشديد، أو حتى الضحك الذي لا يُمكن السيطرة عليه!. لنتعرف أكثر في أسرة وطب ومن خلال هذا المقال على مرض الدراق الجحوظي (Graves’ Disease).

عوامل تزيد من احتمال الإصابة بمرض جريفز

  • يُصيب مرض جريفز النساء أكثر من الرجال خاصةً في المرحلة العُمرية ما بين 30 إلى 60 عامًا. وإذا كانت السيدة حامل ولديها اضطراب في الغدة الدرقية، يزداد احتمال إصابتها بهذا المرض في خلال السنة الأولى من بعد الولادة.
  • وجود تاريخ عائلي من مرض جريفز، أو العدوى الفيروسية في الغدة الدرقية.
  • وجود مرض آخر من أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، وفقر الدم الخبيث، والذئبة، وكذلك مرض السكري من النوع الأول.
  • يمكن أن يسبب الإجهاد العاطفي الشديد أو الصدمة مرض جريفز.
  • عادة التدخين تزيد من خطر الإصابة بهذا المرض، كما أنها تزيد من اعتلال العين الناتج عن مرض جريفز.

ولكن ما هي أعراض مرض جريفز؟

يمكن أن تبدأ أعراض مرض جريفز ببطء أو فجأة، ويُمكن أن لا يعاني بعض المصابين من أيةّ أعراض، وتتشابه تلك الأعراض كثيرًا مع الأعراض التي تحدث مع فرط نشاط الغدة الدرقية لأسباب أخرى وتشمل ما يلي:

  • فقدان الوزن- على الرغم من زيادة الشهية!
  • سرعة وعدم انتظام في ضربات القلب، والشعور بألم في الصدر.
  • التعرق الزائد وعدم القدرة على تحمل الحرارة.
  • العصبية والهيجان السريع.
  • سرعة في حركة الأمعاء وقد تصل إلى حد الإسهال.
  • الإعياء العام وضعف العضلات، وحدوث رعشة في اليد.
  • اضطراب النوم.
  • اعتلال جلدي يكون على شكل سماكة واحمرار في الجلد، خاصةً على الظنبوب (الجزء الأمامي من الجزء السفلي في الساق، ويسمى هذا الاعتلال بالوذمة المخاطية التي تسبق الحكة.
  • تضخم الغدة الدرقية وربما يسبب تورم الرقبة، وضيق أو صعوبة في التنفس أو السعال.
  • عدم انتظام فترة الطمث لدى النساء، ودورة شهرية أخف من الطبيعي.
  • صعوبة السيطرة على مرض السكري.

وما يميز مرض جريفز عن الأسباب الأخرى لفرط نشاط الغدة الدرقية هو تأثيره على العين:

يحدث اعتلال العين في مرض جريفز عندما تهاجم خلايا المناعة الأنسجة المحيطة بالعينين مما يؤدي إلى التهاب العين وتهيجها وانتفاخ التجاويف وكذلك المقلة (جحوظ العين أو الدراق الجحوظي)، وتصبح العين حساسة جدًا للضوء. يزيد أيضًا التدخين (بما في ذلك التدخين السلبي) من هذا الاعتلال، وإذا تُرك مرض جريفز بدون علاج، فقد يؤدي إلى تلف أعصاب العين الذي قد ينتج عنه العمى.

تشخيص مرض جريفز

عندما يشك طبيبك في إصابتك بهذا المرض بناءً على فحصه لك بدنيًا، وتاريخك الطبي والعائلي، وشكواك من أعراض مرض جريفز، لتأكيد التشخيص يطلب منك إجراء اختبارات الغدة الدرقية.

يجب عليك قبل إجراء هذه الاختبارات أن تخبر طبيبك عن جميع الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها، لأن بعض الأدوية مثل حبوب منع الحمل والأسبرين يُمكن أن تؤثر على نتائج هذه الاختبارات.

تشمل اختبارات الغدة الدرقية ما يلي:

  1. اختبار مستوى هرمون TSH.
  2. اختبار مستوى هرمون T3 و T4.
  3. اختبار مستوى الجلوبيولين المناعي المنبه للغدة الدرقية TSI.
  4. اختبار مستوى الأجسام المضادة لبيروكسيداز الغدة الدرقية TPO.
  5. مسح اليود المشع RAIU والمسح الضوئي.

ويمكنك التعرف على هذه الاختبارات وتحديد نوع الاضطراب في الغدة الدرقية بناءً على نتائجها من هنا.

مضاعفات مرض جريفز

في حالة عدم علاج مرض جريفز يُمكن أن تحدث بعض المضاعفات مثل:

  • التسمم الدرقي أو العاصفة الدرقية، وهي حالة نادرة للغاية ولكنها مهددة للحياة، يحدث فيها ارتفاع شديد لمستوى هرمون الغدة الدرقية فجأةً؛ فيؤدي إلى زيادة خطيرة في سرعة ضربات القلب ضغط الدم ودرجة الحرارة.
  • مشاكل في القلب مثل عدم انتظام ضربات القلب والرجفان الأذيني وفشل القلب.
  • هشاشة العظام حيث يؤدي مرض جريفز إلى حدوث اضطراب في دمج الكالسيوم في العظام.
  • مشاكل أثناء الحمل أو بعد الولادة: مثل الإجهاض أو الولادة المبكرة وانفصال المشيمة وتسمم الحمل والسكتة القلبية. يؤثر أيضًا مرض جريفز غير المُعالج على طفلك فيؤدي إلى زيادة في معدل ضربات القلب لديه أو ولادة جنين ميت أو حدوث العيوب الخِلقية أو ولادة طفل يعاني من مشاكل الغدة الدرقية.

علاج مرض جريفز

يعتمد علاج مرض جريفز على خفض كمية هرمون الغدة الدرقية، أو منع عمل هذا الهرمون، وتشمل العلاجات ما يلي:

الأدوية المضادة للغدة الدرقية:

 مثل مثيمازول وبروبيل ثيوراسيل (PTU)، هذه الأدوية تخفف الأعراض في غضون بضعة أسابيع، ولكن قد يعود فرط نشاط الغدة الدرقية بعد توقف المريض عن تناولها.

في حالة ما إذا كنتِ حاملًا، وأُصبتِ بمرض جريفز، فسوف يراقب طبيبك مستوى هرمون الغدة الدرقية ويضبط جرعة الدواء حسب الضرورة- حتى تظلِ أنتِ وطفلك بصحة جيدة. يُفضل استخدام دواء بروبيل ثيوراسيل PTU في حالة الحوامل.

وتشمل الآثار الجانبية لهذه الأدوية:

** الحساسية تجاهها حيث تظهر على شكل طفح جلدي أو الحكة.

** الغثيان والقيء وحرقة المعدة والصداع وآلام المفاصل أو العضلات وفقدان المذاق والطعم المعدني (عادة ما تكون هذه الآثار مؤقتة).

** ندرة المحببات (agranulocytosis)، يحدث فيه نقصان لعدد كريات الدم البيضاء؛ مما يجعلك أكثر تعرضًا للعدوى. إذا كنت تعاني من حمى أو التهاب في الحلق أثناء تناول الأدوية المضادة للغدة الدرقية؛ فعليك استشارة طبيبك فربما حدث ذلك بسبب ندرة المحببات.

استخدام اليود المشع (RAI):

يدمر اليود المشع خلايا الغدة الدرقية مفرطةّ النشاط؛ وبالتالي يقل مستوى هرمون الغدة الدرقية. يفضل بعض الأطباء العلاج باليود المشع عن الأدوية المضادة للغدة الدرقية خاصةً في علاج مرض جريفز الذي يتطلب تناول الدواء لفترات طويلة، وكذلك عن الجراحة (وهي الخيار الثالث للعلاج)، فربما تتضمن بعض المضاعفات الخطيرة.

يُستخدم اليود المشع على شكل كبسولات أو محلول مائي، وقد يستغرق الأمر شهورًا حتى يكون العلاج فعالًا، وربما تحتاج إلى تكرار الجرعات. وهناك جدل حول ما إذا كانت الجرعة الثابتة أم الجرعة الموصوفة بشكل فردي على حسب الحالة هي الأفضل.

الهدف الأمثل لعلاج مرض جريفز باستخدام اليود المشع هو ترك ما يكفي من خلايا الغدة الدرقية لإنتاج توازن صحي للهرمونات ولكن الخبر غير الجيد أنه ربما يُصاب المريض في نهاية المطاف بقصور الغدة الدرقية. لا يُمكن أيضًا استخدام اليود المشع إذا كنتِ حاملًا أو تخططين للحمل في غضون 6- 9 أشهر، حتى لا تحدث تشوهات في الجنين.

جراحة الغدة الدرقية:

تُعد الجراحة خيارًا لعلاج مرض جريفز، ولكنها تُستخدم بشكل أقل في حالة فشل العلاجات السابقة أو في حالة الاشتباه بوجود سرطان الغدة الدرقية أو وفي حالة سيدة حامل فلا يُمكن استخدام اليود المُشع كما ذكرنا.

تجرى جراحة الغدة الدرقية تحت التخدير العام، وتستغرق عدة ساعات حيث يقوم الطبيب بإزالة جزء أو الغدة الدرقية بالكامل من خلال شق صغير في الجزء الأمامي من الرقبة.

تتضمن المضاعفات المحتملة لجراحة الغدة الدرقية؛ العدوى والنزيف وانسداد مجرى الهواء وبحة في الصوت وانخفاض مستويات الكالسيوم في الدم بشكل غير طبيعي. يُمكن أن تزداد هذه المضاعفات على حسب المشاكل الطبية القائمة لديك.

 من المؤكد أنك ستحتاج بصفة مستمرة إلى علاج بديل لهرمون الغدة الدرقية الذي لم يعد جسمك قادرًا على إنتاجه. سوف يحدد طبيبك الجرعة الصحيحة ويتابع فعاليتها مرة أو أكثر في السنة من خلال اختبار الدم.

حاصرات بيتا:

تُستخدم هذه الأدوية للتغلب على تأثيرات مرض جريفز على القلب حيث تبطيء معدل ضربات القلب، كما تقلل الأعراض الأخرى مثل الرعشة والعصبية. تعطي هذه الأدوية تأثيرًا سريعًا فتساعدك على الشعور بتحسن أثناء انتظارك لبدء عمل علاج الغدة الدرقية.

يجب ملاحظة أن مرض جريفز يُمكن أن لا يسبب أيةً أعراض على الأقل في مراحله الأولى، لكن عند بدء شعورك بالأعراض السابق ذكرها وكنت تعتقد أنك مُصابًا بمرض جريفز، فيجب عليك اللجوء إلى طبيبك في أقرب وقت ممكن، وتأكد من ذكرك للأعراض التي تشكو منها بشكلٍ صحيح حتى يتمكن طبيبك من إجراء التشخيص الدقيق لحالتك.

السابق
طريقة عمل كيكة الفانيليا بالفواكه المجففة
التالي
طريقة البيتزا.. طريقة عمل عجينة البيتزا الهشة