الطب العام

مرض السكري.. معلومات يجب أن يعرفها مريض السكري

بقلم د. مجدي راشد
مرض السكري

يُعد مرض السكري من أمراض العصر المزمنة، وهو مرض غير معدي، يحتل مرض السكري الآن المرتبة الثالثة بعد أمراض القلب والسرطان كأهم مسببات الوفاة، ولكن التحكم في معدلات السكر في الدم واتباع تعليمات الطبيب ونظام غذائي سليم يُجنبنا اعراض مرض السكر ومضاعفاته بصورة كبيرة.

للتحدث عن مرض السكري يجب علينا معرفة اللاعبين الأساسيين المتحكمين في معدل السكر الطبيعي في الدم، وأي خلل يحدث في واحدٍ منهم يؤدي إلى ظهور اعراض مرض السكر، هؤلاء اللاعبون هم:

  • الجلوكوز يُعد أهم مصدر للطاقة في أجسامنا، وحتى يدخل الجلوكوز إلى الخلايا يحتاج إلى مساعدة الأنسولين. 
  • هرمون الأنسولين، يُفرز بواسطة خلايا بيتا في البنكرياس عند وجود الجلوكوز في الدم.  
  • يلتصق الأنسولين بمستقبلات الأنسولين على الخلايا؛ وتسمح بدخول الجلوكوز إلى الخلايا لإنتاج الطاقة اللازمة للجسم. 
  • يُخزِّن الكبد الكمية الزائدة من الجلوكوز على هيئة جليكوجين، وفي العضلات لحين الحاجة.
  • يُفرز هرمون الجلوكاجون بواسطة خلايا ألفا في البنكرياس عندما يقل مُعدل السكر في الدم؛ فيُحوِّل مخزون الكبد من الجليكوجين إلى جلوكوز.

هرمون الأنسولين هام جدًا فهو يعمل كمفتاح دخول الجلوكوز إلى خلايا الجسم، تمهيدًا لإنتاج الطاقة التي يحتاجها الجسم، وتدمير خلايا البنكرياس المُنتجة له كما في النوع الأول، أو قلة إفرازه أو مقاومة مستقبلات الأنسولين لعمله كما في النوع الثاني، تؤدي إلى تراكم السكر في الدم لعدم قدرته على دخول الخلايا، وتبدأ اعراض السكر في الظهور.

اعراض السكر 

  • تعدد مرات التبول (Polyuria). 
  • شعور المريض بالعطش الدائم (Polydipsia). 
  • الجوع المستمر (Polyphagia). 
  • الإرهاق نتيجة قلة الطاقة. 

أنواع مرض السكري

ينتج مرض السكري عن فشل الجلوكوز في دخول الخلايا، إما بسبب نقص أو عدم وجود الأنسولين، أو بسبب مقاومة مُستقبلات الأنسولين نتيجة كثرة تعرضها للأنسولين بسبب نمط التغذية والسمنة المُفرطة. 

  • مرض السكري النوع الأول: من أمراض المناعة أو جيني؛ وتكون فيه خلايا بيتا بالبنكرياس مُدمَّرة، وعادةً ما يصيب صغار السن، ويشكل نسبة 5% تقريبًا من مرضى السكري، يُعالج فقط بحقن الأنسولين ويؤدي توقف العلاج ليوم واحد إلى مُضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة، ويتميز المريض بهذا النوع بأنه يكون نحيلًا وصغير في السن، ويحدث هذا النوع فجأة دون مُقدمات.
  • مرض السكري النوع الثاني: شائع في الكبار وفيه تقل كفاءة خلايا بيتا في البنكرياس، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنمط الحياة والعادات الغذائية السيئة، ويدخل تحت متلازمة التمثيل الغذائي، والسمنة المُفرطة خاصةً في منطقة البطن والخصر تؤدي إلى مقاومة عمل الأنسولين، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمراض القلب والأوعية الدموية إذ أن حوالي 65-80% منهم يُصابون بجلطات القلب والدماغ في حالة عدم المتابعة الجيدة أو إهمال العلاج، ويتحسن هذا النوع بصورة كبيرة جدًا بخفض الوزن وتغيير نمط الحياة وممارسة الرياضة واتباع حمية منخفضة الكربوهيدرات، ويعتمد هذا النوع في العلاج على الحبوب؛ وقد يحتاج مريض النوع الثاني إلى الأنسولين خاصةً بعد مرور أعوام عديدة على المرض.
  • النوع الثالث (سكر الحمل): يظهر أثناء الحمل خاصةً إذا كان هناك تاريخ عائلي مرضي بالسكر، أو نتيجة للسمنة أو البدانة، وتكمن خطورته في حالة عدم علاجه أو إهماله، إذ قد يؤدي إلى مضاعفات على الأم فتكون مُعرَّضة للإجهاض، واحتمال الإصابة المستقبلية بمرض السكري من النوع الثاني، ونتيجة الزيادة الكبيرة في حجم المولود يضطر الطبيب إلى اللجوء إلى الولادة القيصرية، أما الجنين فيكون وزنه زائد، وتزيد فرصة الإصابة المستقبلية بمتلازمات الأيض مثل السمنة وما يترتب عليها من أمراض أخرى مزمنة، وانخفاض مستوى السكر بالدم ، واليرقان ، وضيق النفس، وانخفاض مستوى الكالسيوم وعسر ولادة الكتف.

مريض السكري يجب أن يكون مُلِمًّا بأعراض انخفاض السكر وكيف يتعامل معها نظرًا لخطورة هذا العرض على الحياة.

أعراض نقص سكر الدم عند مريض السكري

يُعد حدوث هذه الأعراض بمثابة تحذير من الدماغ بأنه في حاجة ماسَّة وعاجلة إلى السكر؛ ويُرسل رسائل إلى أعضاء الجسم لتقوم بردود أفعال تحذيرية قبل الدخول في غيبوبة، وتتفاوت الأعراض حتى بالنسبة لنفس الشخص من بينها: ضعف التركيز قد يصل إلى هذيان وتصرفات غريبة.

  • دوخة وزغللة في العينين.
  • إرهاق ووهن شديد.
  • تسارع ضربات القلب.
  • تعرُّق وإحساس بالبرودة.
  • شحوب في الوجه.
  • شعور مُفاجيء بالجوع الشديد.
  • قد يحدث تنميل حول الفم واللسان.
  • غيبوبة وفقدان الوعي.

كيف نتعامل مع أعراض نقص السكر؟ وكيف نتجنبها؟

تشمل الإجراءات الوقائية عدة احتياطات منها:

1- ضرورة حمل عدد من السكاكر (باستيلية) سريعة الامتصاص، ولا يُفضَّل الاعتماد على الشيكولاتة لأن بها دهون بطيئة الامتصاص.

2- حمل بطاقة تعريفية أو أسورة توضِّح أنه مريض سكري، وعلى ظهرها كيفية التصرف في حالة ظهور علامات هبوط السكر.

3- حمل جهاز قياس سكر في السيارة، والتوقف عن القيادة فورًا بمجرد الشعور بالعلامات التحذيرية؛ وتناول أي مادة سكرية معه.

4- انتظام الوجبات والوجبات البينية في مواعيد مُحددة قدر المُستطاع، وقياس المُعدل بصفة منتظمة، والحرص على تناول الوجبة مباشرةً بعد أخذ الأنسولين السريع.

5- في حالة عدم توفر جهاز قياس السكر، ونظرًا لتشابه بعض أعراض انخفاض السكر وارتفاع السكر؛ في هذه الحالة نتعامل مع الحالة على أنه انخفاض؛ لأن الانخفاض أخطر، ونبدأ في إسعافه بالخطوات التالية.

خطوات إسعاف نوبة نقص السكر

اتباع قاعدة (15-15-15) وتتلخص في:

  • في حالة كان المريض لم يفقد الوعي بعد:

1- نعطي 15جم سكريات سريعة الامتصاص متمثلة في (نصف كوب عصير مُحلَّى زيادة، أو ملعقة طعام كبيرة عسل نحل، أو 3 ملاعق سكر مُذابة في كوب ماء، أو 6 حبات ملبس).

2- بعد 15 دقيقة نقيس السكر في الدم، إذا وصل إلى 70مجم/دسل فما فوق؛ نعطي المريض 15جم من الكربوهيدرات (قطعة خبز وكوب حليب)، أما إذا كان القياس بعد الرُّبع ساعة أقل من 70 مجم/دسل؛ نُعيد نفس الخطوات السابقة من البداية حتى تصل القراءة إلى 70 فما فوق؛ ثم نُثبِّتها بوجبة خفيفة.

  • في حالة فقدان الوعي:

1- يُعطى حقنة جلوكاجون (يجب توفيرها في المنزل) التي تُحسِّن الحالة في خلال 15-20 دقيقة، ويتناول بعدها كوب حليب وقطعة خبز (أو قطعة خبز بالجبنة).

2- في حالة عدم توفر حقنة الجلوكاجون، يجب نقل المريض فورًا إلى طوارئ المستشفى لإسعافه بأسرع وقت.

مضاعفات مرض السكري

مرض السكري ينخر في صحة الإنسان ببطء كما السوس، تحدث مضاعفات مرض السكري والتي يصعُب علاجها في حالة طول فترة الإصابة بالمرض؛ مع إهمال العلاج والمُتابعة وعدم انتظام معدل السكر في الدم،  ولكن المتابعة الجيدة والالتزام بالعلاج والتغذية السليمة تُجنِّب المريض مضاعفات مرض السكري، ماهي هذه المضاعفات؟:

  • اعتلال شبكية العين مما يؤدي إلى فقدان البصر، لذلك يُنصح بالكشف على قاع العين مرة في السنة.
  • تدهور عمل الكلى خاصةً إذا كان المريض يُعاني من ارتفاع ضغط الدم مع السكر، تبدأ المضاعفات بظهور البروتين الدقيق أو الزلال في البول، وتصل إلى مرحلة الفشل الكلوي التي تحتاج إلى الغسيل الكلوي، وقد يحتاج المريض إلى زراعة الكلى، لذلك يُنصح بقياس نسبة الزلال (الميكرو ألبيومين) في البول مرة سنويًا على الأقل، والحرص على خفض ضغط الدم إلى المستوى الطبيعي.
  • التهاب الأعصاب الطرفية خاصةً القدمين، وتبدأ بآلام في الأصابع وأماكن الضغط في باطن القدم؛ وتصل في مرحلة متأخرة إلى فقدان الإحساس بالقدمين؛ وقد يُجرح المريض دون أن يشعر بالألم ويسبب القدم السكري ويصل الأمر إلى بتر الأصابع أو القدم.
  • أمراض الشرايين مثل تصلب الشرايين مثل شرايين القلب والدماغ والأطراف، وزيادة احتمالية الإصابة بالجلطات المسببة للوفاة، وتزداد خطورة الإصابة في مرضى النوع الثاني الذين يُعانون من ارتفاع ضغط الدم والمدخنون خاصةً؛ لذلك يجب الامتناع التام عن التدخين، وخفض ضغط الدم إلى المعدل الطبيعي، وكذلك السيطرة على معدل الكوليسترول والدهون الثلاثية بواسطة النظام الغذائي والأدوية.

السمنة ودهون الخصر وعلاقتها بمرض السكري

أثبتت الأبحاث ارتباط السمنة ارتباطًا وثيقًا بمرض السكري من النوع الثاني، خاصةً الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لمرض السكر في أقاربهم من الدرجة الأولى؛ مثل الأم والأب والإخوة والأخوال والأعمام من الرجال والنساء، إذ أن السمنة تُضاد عمل الأنسولين، وثبت أن خفض الوزن بنسبة من 7-10% يُقلل من مقاومة مستقبلات الأنسولين لعمله بنسبة تتجاوز 50% وهي نسبة كافية للوقاية من مرض السكري ووقف خطورته في مراحله الأولى.

وثبت أن الأشخاص الذين لديهم تجمع دهون في منطقة الخصر (الكرش)؛ يكونون أكثر عُرضة للإصابة بمرض السكري وأمراض القلب، ومن المعروف أن زيادة مُحيط الخصر عن 102 سم في الرجال؛ و90 سم في النساء يزيد من فُرص الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والشرايين، إذ يُعد هذا الدهن الداخلي في منطقة البطن بمثابة غدة صمَّاء تفرز العديد من الهرمونات وبعض المواد التي تسبب التهاب مُزمن بكل الجسم، ويتجمع هذا الدهن تحديدًا داخل الكبد ويؤثر على عمله ويزيد من مقاومة الأنسولين، حتى ذوي الكرش من الأشخاص الذين لا يُعانون من البدانة يكونون أكثر عُرضة أيضًا للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والشرايين.

أساسيات التخلص من السمنة

  • يُنصح بتجنب الكربوهيدرات المُصنَّعة (المُكرَّرة) أو البسيطة، مثل السكر ومنتجات الدقيق الأبيض من المخبوزات والحلويات والأرز، إذ تسبب ارتفاع سريع وشديد في سكر الدم، وبالمقابل تُفرز كمية كبيرة من الأنسولين لإدخالها إلى الخلايا وتُشعر بالجوع بسرعة، فتضطر للأكل ويُفرز أنسولين زيادة مما يتسبب في مقاومة مستقبلات الأنسولين له لكثرة تعرضها للأنسولين؛ ويؤدي هذا على المدى الطويل إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وزيادة الالتهابات في الجسم، والسمنة لأن تراكم الأنسولين يمنع استهلاك الدهون من الخلايا الدهنية ويزيد من تخزين الدهون خاصةً في الكبد (الكبد الدهني)، والإصابة بالسمنة والعديد من الأمراض المزمنة.
  • تجنب المشروبات الغازية والعصائر المُحلاة والمُعلبة.
  • يُنصح بتناول الكربوهيدرات المُعقَّدة أو الكاملة بصورتها الطبيعية بكميات مُعتدلة، بدلًا من المُعالَجَة أو المُصنَّعة، مثل: الحبوب الكاملة مثل حبوب القمح الكاملة التي تُعد منها البليلة والخبز الأسمر، وحبوب الشوفان الكاملة وتتوفر بصورة مطحونة جزئيا وتكون مُفيدة للأطفال والرياضيين وراغبي تخفيض الوزن. 
  • وتناول البقوليات بقشرتها مثل الفول والعدس والحمص والفاصوليا، وتحتوي أيضًا على بروتينات نباتية مُفيدة.
  •  وتناول الخضروات الطازجة والمطبوخة، فهي غنية بالألياف والأملاح المعدنية ومضادات الأكسدة.
  • وتناول الفاكهة الكاملة باعتدال (وهي أفضل من العصائر حتى الغير مُحلَّاة).
  • تناول اللحوم بدون دهن مرة أو مرتين أسبوعيًا والدجاج والأسماك، والبيض ومنتجات الألبان مثل الجبن القريش والزبادي.
  • تناول الشاي والقهوة بدون سكر.
  • يُنصح بممارسة الرياضة خاصةً رياضة المشي والسباحة نصف ساعة يوميًا، وبناء العضلات برفع بعض الأثقال الخفيفة إذ يفقد مريض السكري حوالي نصف كيلو جرام من العضلات سنويًا.

كيف يتابع مريض السكر مرضه؟

على مريض السكري متابعة قياس السكر يوميًا بصورة مستمرة بالتحليل قبل الوجبات وقبل النوم، ويجب أن ينخفض نسبة السكر في الدم قبل الوجبات الى أقل من ١٣٠ مجم/دسل، وبعد الأكل الى أقل من ١٨٠ مجم/دسل، كما يجب قياس معدل تخزين السكر (التراكمي) والمسمى A1C مرة كل ثلاثة أشهر والحفاظ على هذه النسبة أقل من ٧٪‏ باستمرار، كما يجب قياس نسبة الكوليسترول الضار كل ٦ شهور وفحص نسبة الزلال في البول ووظائف الكلى والكبد وفحص قاع العين سنويًا.

السابق
طريقه عمل الزبادي في المنزل
التالي
طريقة عمل مندي الدجاج في البيت