الطفل

مرض التوحد عند الأطفال ما هي أسبابه؟ وطرق التشخيص والعلاج؟

بقلم د. سلمى محمد

مرض التوحد هو أحد المصطلحات العلمية الحديثة التي ترددت في الآونة الأخيرة في مجال طب الأطفال، بين طبيب، وأدوية علاج نفسي، وأمل في الشفاء حار كثير من الأمهات والآباء…

حسب الإحصائيات الأخيرة فإن طفل من كل 59 طفل يشخص على أنه مصاب بمرض التوحد، وهذه النسبة في زيادة مستمرة، ويعد الذكور أكثر عرضةً للإصابة به من الفتيات، فتجد الطفل المصاب بمرض التوحد له نمط محدد من الاضطراب السلوكي، تختلف شدته من طفل لآخر، وتصاحبه بعض الصعوبات في التواصل الاجتماعي وغالبًا ما تظهر هذه الأعراض في سن الرضاعة قبل بلوغ الطفل سن الثانية.

لذلك سوف نستعرض فى هذا المقال من أسرة وطب مرض التوحد عند الأطفال، وما هي أسبابه الحقيقية وكيفية تعامل الأهل مع الطفل المصاب، كذلك ما هي خطورته وكيفية علاجه.

مرض التوحد

ما هو مرض التوحد (Autism spectrum disorder):

هو نوع من الاضطرابات العصبية والسلوكية التي تصيب الأطفال، ينتج عنه خلل في وظائف الدماغ يصاحبه صعوبات في التواصل الاجتماعي والسلوكي، فتجد الطفل يعاني من خلل في التواصل مع الآخرين وصعوبة فى النطق، فيبدأ الطفل تكرار بعض الحركات والسلوكيات بشكل مبالغ فيه وملحوظ.

يُعرف مرض التوحد أيضًا بين الأطباء باسم اضطراب الطيف، ويشمل كثيرًا من الأعراض التي تختلف من طفل لآخر وتستمر معه مدى الحياة، ولكن عند البالغين فإنه يختلف عن الأطفال. وكثيرٌ من الأشخاص البالغين تعلموا أن يتعايشوا مع مرض التوحد وتأقلموا معه وتغلبوا على هذا الاضطراب السلوكي.

أكثر سمة مميزة لمريض التوحد هي نقص التواصل والتفاعل مع الآخرين والقيام بحركات معينة بشكل متكرر، لذلك يجب على الوالدين ملاحظة تطور الطفل العقلي والسلوكي خاصة في سنوات الطفل الأولى حيث تظهر اضطرابات النمو بشكل ملحوظ.

أعراض التوحد عند الاطفال:

مرض التوحد

تختلف أعراض التوحد من طفل لآخر، ولكنها تتركز في نقطتين أساسيتين هما: اضطراب السلوك، واضطراب النمو والتطور العقلي، وإليكم بعض هذه الأعراض:

1. فقدان التواصل البصري، فلا يستطيع الطفل التركيز فترة طويلة أو النظر في عين المتكلم فترة طويلة.

2. حساسية شديدة لبعض الأصوات أو اللمس المباشر.

3. صعوبة فهم الآخرين والتواصل معهم.

4. تكرار كلمات أو حركات معينة بشكل مبالغ فيه.

5. لا يستجيب عند مناداة اسمه، كما أنه لا يستجيب لأصوات الأشخاص المحيطين به.

6. الانطوائية والميل للعزلة أو اللعب بمفرده.

7. تأخر القدرة على الكلام في بعض الحالات.

8. قد يواجه الطفل المصاب باضطراب الطيف صعوبات في التعلم نتيجة لنقص التفاعل مع الآخرين، وصعوبة الاستجابة للتعليمات الموجهة إليه.

9. بعض الأطفال المتوحدين تجدهم يتحدثون بطريقة غريبة مثل الروبوت أو الإنسان الآلي.

10. تجد الطفل بدلاً من أن يلعب بالألعاب يقوم بترتيبها وتنظيمها بطريقة محددة.

كيف يتم تشخيص مرض التوحد؟

يعد مرض التوحد من أصعب الأمراض التي يمكن تشخيصها نظرًا لاختلاف أعراضه من شخص لآخر، كما أنه لا توجد تحاليل طبية معينة أو اختبارات سريرية يمكن للطبيب إجراؤها للتشخيص.

يُشخص المرض عند سن 18 شهر أو حتى أصغر من ذلك، وكلما كان التشخيص مبكرًا استطاع الطبيب والوالدان التعامل مع الطفل وتقديم الدعم والمساعدة الكافية  حتى يتمكن من تخطي هذه المرحلة.

يتابع الطبيب المختص سلوك الطفل جيدًا ويلاحظ كيفية تواصله مع الآخرين وطريقة استجابته للتعليمات الموجهة إليه، بالإضافة إلى ذلك يتابع الطبيب نمو الطفل وتطوره اللغوي والسلوكي خاصة عند سن 18 شهر و24 شهر.

من أهم العوامل للتشخيص عند الأطفال معرفة التاريخ المرضي للعائلة، وما إذا كان هناك أحد في العائلة قد أصيب به، ومعرفة ظروف الحمل والولادة للطفل.

أسباب مرض التوحد الرئيسية:

منذ أن وضع العالم كانر مصطلح (التوحد الطفولي المبكر) قبل سبعين عامًا لم يستطع العلماء أن يحددوا سببًا واضحًا أو يجدوا جينًا معينًا أو نشاطًا كهربائيًا مميزًا في دماغ المصاب لتحديد سبب الاضطراب.

توصل العلماء حديثًا إلى أن هناك الكثير من العوامل الوراثية والبيولوجية وحتى البيئية التي تلعب دورًا كبيرًا في الإصابة بمرض التوحد، نستعرض منها ما يلي:

1. إصابة أحد أفراد العائلة بمرض التوحد يزيد من احتمالية إصابة أحد الأطفال بنفس المرض، أي أن العامل الوراثي له دور كبير. 

2. إصابة الطفل ببعض أمراض الطفرات الجينية مثل متلازمة ريت (Rett syndrome)، وهي حالة وراثية تسبب تباطؤ في نمو الدماغ والإعاقة الذهنية، أيضًا الإصابة بمتلازمة كروموسوم x الهش (Fragile x syndrome) تجعل الأطفال أكثر عرضةً للإصابة بمرض التوحد.

3. تناول الأم بعض الأدوية أثناء الحمل لعلاج نوبات التشنج والصرع مثل: valporic acid، أو عقار Thalidomide المستخدم لعلاج بعض الأورام السرطانية.

4. أثبتت بعض الدراسات أن العوامل البيئية مثل: العدوى الفيروسية والبكتيرية وملوثات الهواء تلعب دورًا في الإصابة.

5. توصل خبراء دوليون إلى أن التطعيمات واللقاحات المخصصة ضد الحصبة والحصبة الألمانية (MMR) بصورة خاصة ليس لها علاقة ولا تسبب مرض التوحد.

6. أظهرت الأبحاث أن الأطفال المولودين لرجال فوق سن الأربعين عامًا أكثر عرضةً للإصابة بمرض التوحد.

مضاعفات مرض التوحد:

أكثر ما يعانيه الطفل المصاب هو صعوبة التفاعل والتواصل السلوكي مع المحيطين به، لذلك قد يعاني من بعض المضاعفات مثل: 

1. صعوبات في التعلم، والتأخر الدراسي.

2. الميل للعزلة والانطوائية والابتعاد عن الاختلاط مع الناس.

3. يكون الطفل أكثر عرضةً للتنمر من أصحابه وأقرانه في المدرسة.

4. مشاكل مستقبلية في الالتحاق بالوظائف المختلفة والاندماج في المجتمع.

تشير الدراسات إلى أن 50% من الأطفال المصابين يعانون من إعاقات ذهنية كثيرة.

5. يعاني كثيرٌ من الأطفال المصابين من نوبات الصرع والاكتئاب وفرط الحركة.

علاج مرض التوحد:

علاج مرض التوحد

لا توجد خطة علاجية واضحة لمرض التوحد (ِASD)، ولكن هناك طرق عديدة لمساعدة المريض على تقليل الأعراض ومحاولة تطوير قدراته.

أغلب المرضى تكون لديهم بعض القدرات الخاصة، فمعدل ذكاء الأطفال المصابين بالتوحد يتراوح بين طبيعي إلى مرتفع، إذ أنه يتعلم بسرعة ولديه قدرة عالية على التركيز على أدق التفاصيل، إلا أن لديه مشكلة في التواصل والتكيف مع المواقف الاجتماعية المختلفة، لذلك لا بد من استغلال قدراتهم بشكل جيد، وتوظيف مواهبهم المختلفة في مكانها الصحيح.

يُمكّن التدخل المبكر وعلاج التوحد خلال السنوات الأولى قبل الدراسة من مساعدة الطفل في تعلم مهارات سلوكية متقدمة ومهارات التواصل المختلفة.

تشمل طرق العلاج ما يلي:

1. علاج تربوي: يستجيب الأطفال المصابون جيدًا للبرامج التربوية التي توضع من قِبَل متخصصين ويشرف عليها الأطباء بشكل منتظم، وهناك أيضًا مجموعة من الأنشطة لتحسين المهارات الاجتماعية والتعامل مع الآخرين.

2. علاج تنمية وتطوير السلوك: تعالج هذه البرامج الصعوبات الاجتماعية واللغوية، وتركز على الحد من السلوكيات المثيرة للمشاكل وتعليم الطفل كيفية التصرف في المواقف الاجتماعية المختلفة.

3. علاج من قِبَل الأسرة: لا بد أن يتعلم أفراد الأسرة كيفية التعامل مع الطفل المصاب واللعب معه وتهدئته أثناء نوبات الغضب المختلفة، وتقديم الدعم الكامل له لتحسين أدائه.

4. العلاج بالأدوية: قد يصف الطبيب الأدوية المضادة للاكتئاب لعلاج القلق المصاحب، أو أدوية لعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه.

مرض التوحد من الأمراض المزمنة التي تلازم الطفل بقية حياته، لذلك يجب عليه تعلم كيفية التكيف معه، ويجب على الأسرة تقديم الدعم النفسي الكامل للطفل حتى يتجاوز صعوبات هذا المرض ويندمج في المجتمع، ويعيش حياة طبيعية مثل بقية أصحابه.

السابق
فقر الدم المنجلي أسبابه وأعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه
التالي
علاج ضعف الانتصاب وزيادة القُدرة الجنسية بالأعشاب