بقلم د. مجدي راشد
مرض السكري من الأمراض المزمنة، ويُعد ثالث مُسببات الوفاة في العالم بعد السرطان وأمراض القلب، وهو مرض مُرتبط بدرجة كبيرة بنمط الحياة، خاصةً النوع الثاني الذي يُعد من أمراض الأيض الغذائي، وهناك مرحلة تُسمى مرحلة ما قبل السكري؛ يكون فيها معدل السكر في الدم أعلى من الطبيعي وأقل من المعدل التشخيصي لمرض السكري، يتم تشخيص 90 % من المصابين بمرحلة ما قبل السكري بعد ذلك بالنوع الثاني من مرض السكري.
تشخيص وعلاج مرحلة ما قبل السكري تقلل من خطر الإصابة بمرض السكري ومضاعفاته في مراحله المبكرة.
أسباب مرحلة ما قبل السكري
ليس هناك سبب معين لمرحلة ما قبل السكري، لكن هناك بعض العوامل المصاحبة المرتبطة بالإصابة بهذه المرحلة:
- التاريخ العائلي لمرض السكري في الأقارب من الدرجة الأولى.
- زيادة الوزن والسمنة المفرطة، خاصةً في منطقة الخصر (الكرش) حتى بالنسبة للأشخاص الذين لا يُعانون من البدانة.
- ارتفاع ضغط الدم عن أو يساوي 90/140 لفترة طويلة.
- ارتفاع مستوى الكوليسترول، وفي حالة نقص الكولسترول الحميد عن 35 مجم، وزيادة نسبة الدهون الثلاثية عن 250 مجم.
- الإصابة السابقة بسكر الحمل بالنسبة للمرأة، أو ولادة طفل يزيد وزنه عن 4 كجم.
- قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، خاصةً في فترة الحجر المنزلي التي نمر بها بسبب فيروس الكورونا.
- نمط التغذية الخاطئة التي تؤدي مع الوقت إلى الإصابة بالالتهاب المزمن، وكذلك تناول السكريات والنشويات بكثرة.
أعراض وتشخيص مرحلة ما قبل السكري
عادةً لا توجد أعراض، لكن توصي (الجمعية الأمريكية للسكري) بعمل تحليل لمستوى السكر في الدم لأي شخص فوق عمر 45 سنة؛ خاصةً الذين يُعانون من البدانة أو من لديه تاريخ عائلي للسكري.
لتشخيص مرحلة ما قبل السكري هناك نوعان من التحاليل وهما:
- تحليل السكر الصائم: يمتنع الشخص عن الأكل لمدة 8 ساعات (ما عدا الماء)، إذا كانت القراءة ما بين 100 – 125 مجم / دسل يكون مصاب بمرحلة ما قبل السكري.
- تحليل تحمل الجلوكوز: يشرب الشخص 240 مل من شراب الجلوكوز؛ وتؤخذ قراءات قبل الشرب وبعده (كل ساعة) لمدة تتراوح من ساعتين إلى ثلاث ساعات، يكون تحليل السكر الصائم في حالة المصاب بمرحلة ما قبل السكري بين 100 – 125 مجم / دسل، وتحليل تحمل الجلوكوز فوق 140 – 199 مجم / دسل.
لماذا يُنصح بعلاج مرحلة ما قبل السكري؟
علاج مرحلة ما قبل السكري هام جدًا للأسباب التالية:
- يبدأ إلحاق الضرر بأعضاء الجسم نتيجة ارتفاع سكر الدم من مرحلة ما قبل السكري، ونظرًا لأن هذه المرحلة قد تطول قبل اكتشافها؛ فإن علاجها يُصبح هامًا جدًا بمجرد تشخيصها.
- ارتفاع سكر الدم عن المعدل الطبيعي (من 80 – 100 مجم / دسل) لفترة طويلة دون علاج؛ يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية بنسبة 50%.
- علاج هذه الحالة مبكرًا بواسطة ممارسة الرياضة وتغيير نمط المعيشة؛ يؤدي إلى ضبط معدلات السكر في الدم إلى المستوى الطبيعي، وبالتالي تجنب الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
علاج مرحلة ما قبل السكري
- ثبت أن خفض الوزن بنسبة من 7 – 10 %؛ يُقلل من مقاومة مستقبلات الأنسولين لعمله بنسبة تتجاوز 50 %، وهي نسبة كافية للوقاية من مرض السكري ووقف خطورته في مراحله الأولى، ومن المعروف أن زيادة مُحيط الخصر عن 102 سم في الرجال؛ و90 سم في النساء يزيد من فُرص الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والشرايين، إذ يُعد هذا الدهن الداخلي في منطقة البطن بمثابة غدة صمَّاء؛ تفرز العديد من الهرمونات وبعض المواد التي تسبب التهاب مُزمن بكل الجسم، ويتجمع هذا الدهن تحديدًا داخل الكبد ويؤثر على عمله ويزيد من مقاومة الأنسولين.
- ممارسة الرياضة على سبيل المثال رياضة المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا، إذ تُنشِّط الدورة الدموية والقلب وتُحسِّن مستوى الكوليسترول وضغط الدم.
- الإكثار من تناول الخضروات والسلطة، وتناول الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة والحبوب الكاملة والبقول الغنية بالألياف، والسمك خاصةً الأسماك الدهنية الغنية بأوميجا 3 والدجاج باعتدال والإقلال من اللحوم الحمراء والدهون والسكريات.
- ينصح بعض الأطباء باستخدام الحبوب المُنظِّمة؛ مثل الجلوكوفاج إذ تُساعد في الوقاية من الإصابة بالسكري من النوع الثاني؛ لكن لا يُنصح باستخدامها إلا تحت إشراف الطبيب ويعتمد ذلك أيضًا على الوزن والسن.
أهمية التشخيص المبكر لمرحلة ما قبل السكري
مرحلة ما قبل السكري هي من الحالات التي يتأخر المصاب بها في تشخيصها، وقد تصل مدة الإصابة بها قبل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني إلى 5 سنوات أو أكثر، وكما ذكرنا فإن إلحاق الضرر بأجهزة الجسم يبدأ من هذه المرحلة، لذلك يكونون أكثر عُرضة للإصابة بمضاعفات مرض السكري المزمنة (مثل مشاكل العين والأعصاب والقلب والكلى والقدمين) عن غيرهم ممن اكتشفوا الإصابة مبكرًا.
تُعد مرحلة ما قبل السكري بمثابة المؤشر الذي يسبق الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وكلما تأخر اكتشاف هذه المرحلة زادت احتمالات الإصابة بمضاعفات مرض السكري المزمنة، وعلاج مرحلة ما قبل السكري يعتمد أساسًا على تغيير نمط المعيشة واتباع قواعد التغذية السليمة، ولكن يلزم الحذر من أن الشخص الذي يُصاب بهذه الحالة هو عرضة دائمًا للإصابة بمرض السكري، لهذا يجب اتباع نمط معيشة صحي دائم وتجنب زيادة الوزن.
