الطب العام

ما هي الغدة الدرقية.. الاضطرابات والأعراض

 بقلم د. حسين الحجار
الغدة الدرقبة تشبة الفراشة
الغدة الدرقية

هي غدة توجد في الجزء الأمامي من الرقبة، أسفل تفاحة آدم على طول الجزء الأمامي من القصبة الهوائية، وتُعدّ إحدى الغدد الصماء في الجسم (تُسمى صماء لأن إفرازها من الهرمونات يذهب مباشرةً إلى مجرى الدم دون وجود قنوات). تتكون الغدة الدرقية من فصين جانبيين (أيمن، وأيسر)، متصلين بجسر في المنتصف (برزخ)؛ فتظهر على شكل فراشة ذات لون بني مائل للاحمرار (فهي غنية بالأوعية الدموية)، ويحتضن جناحيها القصبة الهوائية.

تُفرِز الدرقية اثنين من الهرمونات، الهرمون الرئيسي هو  الثيروكسين T4 (يحتوي على 4 ذرات من اليود) وكذلك تفرز هرمون ثلاثي يود الثيرونين T3 (يحتوي على 3 ذرات من اليود) تؤثر هذه الهرمونات على خلايا الجسم كله، فهي ضرورية في عمليات التمثيل الغذائي والنمو والتطور خلال فترة الطفولة، كما أن الهرمون الدرقي الكافي أمرًا بالغ الأهمية لنمو الدماغ. تنتج هذه الغدة أيضًا هرمون الكالسيتونين، الذي قد يعزز من قوة العظام عن طريق المساعدة في إدخال الكالسيوم إلى العظام.

تُعد الاضطرابات الدرقية من الأمراض الشائعة جدًا، خاصةً لدى النساء، ولكن أيضًا يمكن أن يتعرض أي شخص في أي مرحلة من عُمره لهذه الاضطرابات، والتي قد تكون مؤقتة أو دائمة.

وظيفة هرمونات الغدة الدرقية:

تؤثر الهرمونات الدرقية مباشرةً على عملية التمثيل الغذائي لخلايا الجسم، أو بمعنى أخر السرعة التي تعمل بها الخلايا. يؤدي إفراز كمية كبيرة من هذه الهرمونات إلى نشاط متزايد للخلايا أو أعضاء الجسم مثل زيادة سرعة ضربات القلب، وزيادة حركة الأمعاء المتكررة، والتي قد تصل إلى حد الإسهال. تسمى هذه الحالة فرط نشاط الغدة الدرقية.  يؤدي إنتاج القليل جدًا من الهرمونات الدرقية إلى تباطؤ في عمل الأعضاء مثل تباطؤ ضربات القلب، وقلة حركة الأمعاء والتي قد تصل إلى حد الإمساك.

كيف يُجرى التحكم في إفراز الغدة الدرقية لهرموناتها؟

يجب أن يكون هناك نوع من الآلية التي تنظم بعناية شديدة كمية T4 وT3 التي تفرزها الدرقية؛ حتى تكون صحيحة، ثم تُسلم إلى الدم. يشبه ذلك إلى حد كبير، تلك الآلية التي تنظم التدفئة المركزية في المنزل حيث يوجد ترموستات في غرفة المعيشة، ويتم ضبطه على درجة حرارة معينة ويكون هو المسئول عن تنظيم نشاط المدفأة التي تعمل بالغاز أو الكهرباء. يتكون الترموستات في حالة الغدة الدرقية من غدة صغيرة تسمى الغدة النخامية تقع تحت دماغك في جمجمتك. تستشعر الغدة النخامية مستوى هرمونات الدرقية في مجرى الدم، تمامًا مثل استشعار الحرارة في غرفة المعيشة. إذا انخفض المستوى إلى أقل بقليل من الطبيعي، تؤثر الغدة النخامية عن طريق إفراز هرمون يسمى الهرمون المُحفز للغدة (TSH)، وينشط هذا الهرمون الغدة لإخراج المزيد من T4 وT3.

على العكس من ذلك، عندما ترتفع مستويات الهرمونات الدرقية فوق المعدل الطبيعي، يستشعر “الترموستات” ذلك وتتوقف الغدة النخامية عن إفراز هرمون TSH بحيث تتوقف الدرقية عن العمل؛ فيقل إفراز T4 وT3.

الاضطرابات الدرقية والأعراض المصاحبة لها:

تحدث الاضطرابات الدرقية لأسبابٍ مختلفة، ولكن المناعة الذاتية هي السبب الأكثر شيوعًا في الأمراض الدرقية. يهاجم جهاز المناعة خلايا الجسم، كما لو كانت خلايا غريبة؛ فينتج عن ذلك فرط في نشاط الغدة، أو قصور في وظيفتها.

  1. قصور الغدة الدرقية (نقص نشاطها) – يعني عدم إنتاج ما يكفي من هرموناتها لتلبية احتياجات الجسم، وهو أكثر الاضطرابات شيوعًا. أما عن الأعراض المُصاحبة له فتشمل: التعب والشعور بالبرد وزيادة الوزن وضعف التركيز والاكتئاب. 
  2. فرط نشاط الغدة الدرقية عندما تفرز الكثير من هرموناتها لتلبية احتياجات الجسم. وتكون الأعراض المصاحبة له: فقدان الوزن، والشعور بالحرارة، والقلق، وأحيانًا التهاب العينين وكذلك الألم.

وهناك اضطرابات أخرى يمكن أن تحدث مثل:

  • التهاب الدرقية: يحدث عادةً بسبب عدوى فيروسية أو حالة مناعية ذاتية. يمكن أن يكون التهاب الدرقية مؤلمًا، أو ليس له أعراض على الإطلاق.
  • داء جريفز (غريفز) أو الدُّراق الجُحوظِيّ – مرض مناعي ذاتي يحدث فيه فرط في نشاط الغدة، وتضخمها (جويتر)، كما يحدث فيه انتفاخ في العين (جحوظها).
  • مرض هاشيموتو: يُسمى أيضًا الالتهاب الدرقي اللمفاوي، وهو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه جهاز المناعة الغدة الدرقية؛ ويؤدي غالبًا إلى قصور في نشاطها وتضخمها (جويتر).
  • سرطان الغدة الدرقية – هذا نادر جدًا، وعادة ما يكون قابلاً للشفاء. يمكن استخدام العلاجات الجراحية والإشعاعية والهرمونية، ولكن من الهام أن تطلب من طبيبك فحص أي كتلة في رقبتك.
  • العقيدات أو التورم: وهي شائعة حيث تتكون كتلة أو عدة كُتل صغيرة غير طبيعية والقليل منها يكون ذات طبيعة سرطانية. يمكن أن تُسبب هذه الكتل فرط في النشاط الدرقي، أو لا تسبب أية مشاكل.
  • التهاب الدرقية بعد الولادة، قد يكون مؤقتًا ولكنه قد يُصاحب الحمل كل مرة.

تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية

الكشف الظاهري:

يستمع طبيبك إلى الأعراض، ويطرح عليك بعض الأسئلة، ثم يفحص رقبتك.

كما تُجرى اختبارات الغدة الدرقية وتشمل:

اختبار الثيروكسين T4:

ارتفاع مستوى هذا الهرمون عن المعدل الطبيعي (5- 11 ميكروغرام/ دسل)؛ يعني الإصابة بفرط نشاط الدرقية. انخفاض مستوى الـ T4  يحدث في حالات قصور الغدة.

اختبار ثلاثي يود الثيرونين T3:

يستخدم هذا الاختبار للكشف عن فرط نشاط الدرقية.

هرمون تحفيز الغدة الدرقية (TSH):

تفرزه الغدة النخامية ويُنظم إطلاق الهرمون الدرقي. يشير ارتفاع مستوى الـ TSH إلى انخفاض مستويات الهرمونات الدرقية (قصور في الغدة)، بينما يشير انخفاض مستواه إلى فرط نشاط الغدة الدرقية.

اختبار الأجسام المضادة لإنزيم بيروكسيداز الدرقي (TPO):

يوجد إنزيم بيروكسيداز الدرقي في الغدة الدرقية، ويلعب دورًا هامًا في إنتاج الهرمونات الدرقية (T3  و T4 ). يؤدي اعتلال الغدة بسبب اضطراب المناعة الذاتية؛ إلى تكون أجسام مضادة لهذا الإنزيم. يهدف هذا الاختبار إلى البحث عن وجود هذه الأجسام المناعية خاصةً عند إصابتك بأمراض المناعة الذاتية مثل مرض هاشيموتو، أو داء جريفز.

اختبار الغلوبيولين الدرقي:

تنتج الخلايا الدرقية الطبيعية والسرطانية هذا البروتين. يُستخدم هذا الاختبار بعد الإجراء الجراحي لسرطان الدرقية؛ بهدف تقييم الحالة بعد العلاج.

اختبارات أخرى لكشف اعتلال الغدة الدرقية

الموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية:

يُستخدم فيه مسبار طبي بوضعه على جلد الرقبة، ويمكن للموجات الصوتية المنعكسة الكشف عن المناطق غير الطبيعية من أنسجة الغدة.

مسح الغدة:

يُعطى المريض كمية صغيرة من اليود المُشع عن طريق الفم. تستخدم الغدة الدرقية هذا اليود لإنتاج هرموناتها. يستخدم جهاز خاص يوضع في الجزء الأمامي من الرقبة، ليكون قريبًا من الدرقية؛ ويقيس كمية اليود المُمتص. تؤخذ القياسات بعد 4-6 ساعات من تناول اليود المشع، كما يُعاد مرة أخرى بعد مرور 24 ساعة. يُجرى هذا الاختبار للكشف عن داء جريفز.

خزعة الغدة:

تُؤخذ كمية صغيرة من أنسجة الدرقية باستخدام إبرة خاصة؛ عادة للبحث عن سرطان الغدة.

  اختبارات التصوير الأخرى:

إذا انتشر سرطان الدرقية، يمكن أن تساعد الاختبارات مثل الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب (PET) في تحديد مدى الانتشار.

علاج اضطرابات الغدة الدرقية

يمكن علاج الاضطرابات الدرقية والعديد من الأعراض المُصاحبة لها. باستخدام الأدوية اليومية، ولكن هناك علاجات أخرى للاضطرابات التي لا يمكن السيطرة عليها، وتشمل العلاجات:

الأدوية:

يمكن للأدوية (مثل ميثيمازول، وبروبيل ثيوراسيل)، أن تقلل من إنتاج الدرقية لهرموناتها.

حبوب الهرمون الدرقية: يعوض العلاج اليومي الهرمون الذي لم تعد تنتجه الغدة في حالة القصور الدرقي، كما تُستخدم أيضًا للمساعدة في منع عودة سرطان الغدة بعد العلاج.

اليود المشع:

يُستخدم بجرعات كبيرة لتدمير الخلايا الدرقية السرطانية.

استئصال الغدة:

في حالة سرطان الغدة الدرقية أو تضخمها أو فرط نشاطها، حيث يُجرى استئصال جزء أو كل الغدة.

الإشعاع الخارجي:

يتم توجيه حزمة من الإشعاع عالي الطاقة إلى الغدة في عدة جلسات؛ تساعد هذه الأشعة على قتل الخلايا السرطانية.

 الغدة الدرقية هي أكبر الغدد الصماء في جسم الإنسان، تتحرك مع الحنجرة أثناء البلع أو التحدث، وتؤثر هرموناتها في العديد من وظائف الجسم الحيوية: مثل ضربات القلب، ومعدل حرق السعرات الحرارية، وترميم الجلد، والنمو، وإنتاج الحرارة، والخُصُوبَة، والهضم. يُعد اليود عنصرًا ضروريًا لصنع الهرمونات الدرقية، والحِفاظ عليها. يحتاج معظم الناس إلى مصدر إضافي لليود لقلة نسبته في النظام الغذائي، لذلك فإن اليودنة (إغناء الملح المُستخدم للاستهلاك الآدمي باليود)، هو أمر في غاية الأهمية في كثير من بلدان العالم. يُعد نقص اليود هو السبب الأكثر شيوعًا للتضخم الدرقي (جويتر)؛ لذا ننصحك في أسرة وطب بتحري نسبة اليود في الملح الذي تستخدمه ومراعاة النسب المناسبة للحفاظ على هذه الغدة الهامة في جسمك. 

السابق
طريقة عمل فراخ استربس مقرمشة كالمطاعم
التالي
طريقة عمل العيش البلدي في المنزل