التغذية الصحية

فيروس كورونا.. وتأثير الحجر الصحي المنزلي على جهاز المناعة

بقلم د. مجدي راشد
جهاز المناعة

 في ظل ظروف جائحة فيروس كورونا المُستجد، لا شك أن اتباع نظام غذائي صحي يراعي ظروف وتداعيات الحجر المنزلي هو هاجس معظم الناس في أنحاء العالم، كيف نقوي جهاز المناعة ونتغلب على آثار الحجر المنزلي؟، وهل هناك نظام غذائي صحي يساهم في تخطي جائحة فيروس كورونا بسلام؟، دعونا نحاول وضع نظام غذائي ونمط حياة صحي يُراعي ظروف الحجر المنزلي المفروض ويُجنبنا اللجوء إلى تناول الغذاء خارج المنزل، ويقوي جهاز المناعة.

الحجر المنزلي خلال فترة فيروس كورونا المستجد؛ تتَّصف بالتالي:

  • قلة الحركة، وكثرة الجلوس، وقلة ممارسة الرياضة.
  • قلة النوم وطول السهر، والأرق، والاستيقاظ المتأخر.
  • الاعتماد على وسائل الإعلام بما تبثه من أخبار غالبها مُحبِط، مما يؤثر سلبًا على الحالة النفسية.
  • وسائل التسلية تعتمد على الألعاب الإلكترونية التي لا تخلو من عنف وشد عصبي، أو على وسائل التواصل الاجتماعي وما فيها من أخبار تزيد من درجة التوتر العصبي.
  • الإفراط في تناول الطعام على سبيل التسلية وليس الضرورة؛ بما في ذلك من وجبات بَيْنِيَّة؛ من حلويات ومقليات وشيبسي ومشروبات غازية وعصائر مُحلَّاة وتسالي مثل المكسرات واللب والفيشار.
  • هاجس البعض من أكل بعض الخضروات، وبعض أنواع الفاكهة بدعوى صعوبة غسلها، والتخلص من فيروس كورونا إن علِق بها.
  • الاستخدام المُبالغ فيه للمطهرات والمنظفات، خاصَّةً الكلور بتركيزات عالية واستنشاقه ولمسه.
  • ملازمة المنازل في حد ذاتها، وقلة الخروج إلى الأماكن المفتوحة جيدة التهوية من مساويء هذه الفترة.
  • زيادة فقد الماء وقلة تعويضه؛ نتيجة تناول السكريات والنشويات البسيطة في وقت متأخر من الليل؛ مما يؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم وكثرة التبول أثناء الليل، كذلك عدم التعرق نتيجة قلة المجهود والاحتجاب عن الشمس يؤدي إلى عدم الشعور بالعطش (العطش ليس مؤشر لقلة الماء بالجسم، بل يجب شرب حصة الفرد من الماء بغض النظر عن العطش من عدمه)؛ إذ يحتاج الجسم إلى 6 – 8 أكواب من الماء في وضع الراحة، وتزيد الحاجة عند بذل المجهود والتعرق.

التأثيرات الجانبية للحجر المنزلي على الجسم وجهاز المناعة

يتأثر جهاز المناعة والجسم بصفة عامة، بصورة سلبية نتيجة عدة عوامل؛ معظمها للأسف متوفر في فترة الحجر المنزلي، دعونا نستعرضها معكم:

  • قلة الحركة تؤدي إلى تأثر الدورة الدموية الهامة لعمل جهاز المناعة، وكثرة الجلوس بصورة غير سليمة تؤدي إلى الضغط على الأوعية الدموية والأعصاب خاصةً أسفل الركبتين والفخذين، وتقوس العمود الفقري يؤدي إلى الضغط على الوسائد الغضروفية بين الفقرات وتسبب آلام في الظهر والرقبة وتنميل في اليد وأطراف الأصابع.
  • يؤثر قلة النوم والأرق أيضًا على صحة الجسم وجهاز المناعة، إذ يحتاج الجسم إلى عدد ساعات معين (من 6 – 8 ساعات يوميًا)؛ يُفضل أن تكون معظمها في فترة الليل (يزيد إفراز هرمون الميلاتونين الهام للدورة الدموية وجهاز المناعة و كمضاد للأكسدة في الظلام ويقل بالنهار وفي النور).
  • كما أوضحنا أن النوم في وقت الليل أفضل من النوم بالنهار، فإن الاستيقاظ المُبكر هام جدًا خاصةً وقت الفجر إذ تزيد معدلات الأوكسجين في هذه الفترة من اليوم، وكذلك التعرض لضوء الشمس في وقت الصبح قبل الظهر وبعد العصر له فوائده العظيمة، إذ تتوفر الأشعة الفوق بنفسجية الضرورية لتصنيع فيتامين (د) الضروري لامتصاص الكالسيوم والحديد؛ وهام أيضًا لجهاز المناعة، وهناك أبحاث مختبرية أولية تشير إلى أهمية الأشعة فوق البنفسجية في تحفيز الخلايا التائية (خلايا مناعية) على زيادة حركتها في الدورة الدموية، وبالتالي زيادة كفاءة جهاز المناعة.
  • يُساهم انتظام الساعة البيولوجية وانتظام أوقات النوم والاستيقاظ في ضبط معدلات إفراز الهرمونات بصورة متوافقة مع النشاط اليومي (إذ تُفرَز هرمونات معينة في الصباح للمساعدة على النشاط، وإمداد الجسم بما يحتاجه لأداء مهامه مثل الكورتيزونات، وتُفرَز هرمونات أخرى في المساء لتعين الجسم على الراحة والنوم وصيانة أعضاء الجسم مثل الميلاتونين)، وقد أثبتت الدراسات أن العاملين بالليل يتعرضون لأمراض أكثر من العاملين بالنهار؛ بما فيها الأمراض المُعدية نتيجة تأثر جهاز المناعة.
  •  يُعد العامل النفسي من العوامل التي تؤثر بدرجة كبيرة على جهاز المناعة، لذلك فإن مُتابعة الأخبار المُحبطة والمُبالغة في ردود الأفعال في هذه الفترة تؤثر سلبًا على جهاز المناعة.
  • يُساهم كثرة التعرض للإشعاعات من الأجهزة الإلكترونية، في التأثير السلبي على شبكية العين، وقلة إفراز هرمون الميلاتونين، خاصة عند استخدام الهواتف المحمولة أو الكمبيوتر في الليل وقت النوم، كما أن بعض الألعاب الإلكترونية الحماسية والعنيفة تثير الأعصاب وتزيد من إفراز بعض الهرمونات التي تؤثر سلبًا على جهاز المناعة.
  • يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى اكتساب السمنة، وزيادة مخزون الجسم من الدهون، وزيادة خطر الإصابة بما يُسمى أمراض التمثيل الغذائي، المُتسببة في معظم الأمراض المُزمنة؛ مثل ضغط الدم والسكري من النوع الثاني وأمراض الجهاز الهضمي والغدة الدرقية والكثير من الأمراض المناعية، والتي تصل إلى الإصابة بالسرطان. 
  • نوعية الطعام تؤثر أيضًا على جهاز المناعة، إذ يلجأ الناس في هذه الفترة إلى تناول المقليات والشيبس، والمكسرات واللب والفول ومعظمها يكون مُملّح، والمشروبات الغازية والعصائر المُحلّاة بالسكر، والسكريات والحلويات، كل هذه المأكولات ضارة بجهاز المناعة وبالصحة العامة، وتزيد الالتهاب المُزمن في الجسم، إذ تحتوي على نسب عالية من الأملاح، والزيوت المُهدرجة، والمواد الحافظة، ومُكسبات الطعم واللون، نستثني منها المكسرات بدون ملح، والفول واللب بدون ملح، لكن بكميات صغيرة لا تتجاوز قبضة اليد، وكذلك فُشار الذرة الصفراء معتدل الملوحة لا ضرر منه.
  • تناول الوجبات المتأخرة قبل النوم بأقل من ثلاث ساعات يؤدي إلى مشاكل كثيرة في الجهاز الهضمي مثل ارتجاع المريء، والانتفاخات، والحموضة، والأرق. 
  • قلة تناول الخضروات والفاكهة؛ نتيجة الخوف من صعوبة التخلص من فيروس كورونا العالق بها؛ يؤدي إلى نقص كبير في الفيتامينات والأملاح المعدنية الضرورية لجسم الإنسان، التي لا يستطيع الجسم تصنيعها، ويحتاجها الجسم للقيام بوظائفه الحيوية، ومضادات أكسدة، وتساعد في عمل جهاز المناعة.
  • يؤدي الاستخدام المُبالَغ للمطهرات مثل الكحول، والمنظفات مثل الكلور، إلى تضرر الجهاز التنفسي والأغشية المُخاطية من جراء استنشاق أبخرة الكلور، وقد يؤدي عدم الوعي باستخدامه مثل إضافته إلى أي مواد غير الماء إلى حالات تسمم، يؤدي كثرة استخدام الكحول إلى جفاف الجلد وتشققه؛ إذ يؤثر كثرة استخدامه على البكتيريا النافعة الموجودة على سطح الجلد التي تحميه وتحافظ على حيويته، وكذلك يتسبب استعمال تركيزات عالية من الكلور في حروق الجلد، وكما هو معروف أن الجلد السليم هو من أهم عناصر جهاز المناعة وحائط الصد الأول ضد الجراثيم الضارة.
  • يؤدي فقد الماء وعدم تعويضه إلى تأثر الدورة الدموية وبالتالي نقص كفاءة جهاز المناعة.

نصائح للتغلب على آثار الحجر المنزلي على جسمنا وجهاز المناعة

  • ممارسة الرياضة بصفة يومية بالوسائل المُتاحة في المنزل؛ أو حوله دون مُخالطة الآخرين، وتخصيص وقت كافٍ للصلاة خاصةً قيام الليل، وقد أثبتت الدراسات أن الركعة الواحدة تستهلك من 10-20 سعرة حرارية.
  • تجنب الجلوس لفترات طويلة والتحرك كل 20 دقيقة داخل المنزل، أو في الشُرفة.
  • الجلوس بطريقة سليمة يكون فيها الظهر في وضع مُستقيم، واستخدام كرسي مُريح، وعدم وضع اليد على الماوس لفترات طويلة.
  • تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ، مع الحرص على الحصول على عدد كافٍ من ساعات النوم (6 – 8 ساعات)، والنوم المُبكر بالليل في حجرة مُظلمة، والاستيقاظ المُبكر وممارسة نشاط يومي مع الحرص على التعرُّض للشمس في الأوقات المُناسبة، واستنشاق الهواء النقي في هذه الأوقات المُبكرة حتى لو كان في شُرفة المنزل.
  • تجنب مُتابعة ما لا يهم من الأخبار، ومحاولة صرف الانتباه عنها بالقراءة أو ممارسة أي نشاط ترفيهي مع الأسرة، أو المُساعدة في أعمال المنزل.
  • تجنب الاستخدام المُفرط لأجهزة الكمبيوتر والهواتف النقَّالة، وابتكار وسائل ترفيهية فيها حركة ومُشاركة مع الأسرة.
  • تناول وجبات صغيرة مُتعددة مُعدة في البيت في أوقات مُنتظمة من اليوم، وتجنب الأكل المتأخر والنوم بعده بأقل من 3 ساعات، ومضغ الطعام جيدًا وببطء يُنبه المخ بالشبع (بعد 20-30 دقيقة)،  وكذلك اختيار نوعية الوجبات فيما تُعرف بالوجبات المضادة للالتهاب (Anti-inflammatory Diet)، سوف نتعرف على مكوناتها في هذا المقال لاحقًا، وتجربة الصيام المُتقطع.
  • هاجس غسيل الخضروات خاصةً الورقية؛ يمكن التغلب عليه بإزالة الأوراق الخارجية مثلًا للكرنب والخس وغسل الجزء الداخلي جيدًا بالماء (والخل 5%) عدة مرات، والفاكهة يُمكن التركيز على الفاكهة ذات القشرة مثل الموز والبرتقال مع الحرص على غسلها جيدًا من الخارج، بالنسبة للخضروات التي تُطهى تُغسل جيدًا بالماء ثم تُطهى.
  • يُنصح بتجنب المُبالغة في استخدام الكحول داخل المنزل؛ والاكتفاء باستخدامه خارج المنزل، ويُنصح باستخدام مُرطبات الجلد العادية أو الفازلين الطبي لتجنب جفاف الجلد، وكذلك استخدام الكلور المُخفف للأسطح مع الحرص على استخدام جوانتي، وعدم تخفيف الكلور إلا بالماء فقط. 
  • يُنصح بتناول كمية كافية من الماء خلال اليوم (6-8 أكواب) وعدم الاستعاضة عنها بالعصائر المُحلاة أو المُعلبة، وتجنب تناول السكريات والشاي والقهوة والكولا قبل النوم؛ لأنها تحتوي على كافيين المدر للبول ويسبب فقد الماء والجفاف والأرق.
جهاز المناعة

مكونات الوجبات المضادة للالتهاب

  • مأكولات يُنصح بتجنبها:

المقليات، والزيوت المُهدرجة والسمن الصناعي، اللحوم المُصنعة مثل اللانشون والهوت دوج، والتقليل من اللحوم الحمراء، والمُعلبات، والشيبس والبسكويت المُغلف ويُستعاض عنه بالمصنوع في المنزل بدقيق الحبة الكاملة، والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والسكر والمنتجات المُحلاة بسكر الفاكهة أو شراب الذرة أو الفركتوز (لأنها مسميات لشراب الذرة العالي المحتوى من الفركتوز High fructose corn syrup واختصاره HFCS).

  • مأكولات مُضادة للالتهاب يُنصح بتناولها:

الخضروات والفواكه، والأسماك الزيتية الغنية بأوميجا 3 مثل البوري والماكريل والسردين، البروتينات النباتية مثل البقوليات المطبوخة (اللوبيا والفاصوليا الجافة، والفول والحمص والعدس…)، والخضروات المطبوخة (البامية والفاصوليا والبازيلاء والكوسة والسبانخ والملوخية…)، زيت الزيتون والزيتون، وزيت بذر الكتان (الزيت الحار)، وبذور الكتان (يجب طحنها قبل أكلها مباشرة أو طحن كمية ليومين وتوضع في الثلاجة)، الحبوب الكاملة مثل القمح والشوفان والذرة الصفراء (الفشار)، المكسرات بدون ملح بكميات بسيطة (قبضة اليد)، والفول السوداني والحمص، والزبادي والزبدة البلدي باعتدال.

مُصطلح تقوية جهاز المناعة هو مصطلح مُعقَّد، لأن جهاز المناعة عبارة عن منظومة من الخلايا والأعضاء وشبكة من الغدد الليمفاوية، وقبل أن نبحث عن تقويته يجب أن نُغير عاداتنا في الأكل ونمط الحياة التي أوصلتنا إلى ضعف مناعتنا، وقد أساء البعض استغلال حاجة الناس لترويج منتجات معينة ويُخاطبونهم بمفهوم سطحي خادع، لأن احتياج الجسم للمكملات قليل جدًا إذا تجنبنا المأكولات المسببة للالتهاب، وتناولنا الوجبات المُضادة للالتهاب التي ذكرناها وسوف نُخصص في أسرة وطب مقال يشرح مفهوم الالتهاب المُزمن وأثره على أجسامنا على المدى الطويل، ويكفي أن نقول أن مصر ومعظم دول حوض البحر الأبيض المتوسط تتميز بمواسم مُتعددة وكل موسم يكون غنيًا بأنواع مُتعددة مما تُنبت الأرض من شتى الأنواع والألوان لو حرصنا على استغلالها تُغنينا عن أي مُكملات.

السابق
البط المحشي بالأرز.. بطريقة سهلة ومذاق ولا أروع
التالي
طريقة عمل المارينج الهش والمُقرمش في المنزل