الطفل

فرط الحركة عند الاطفال وعلاجها، 8 فروق عن الشقاوة

بقلم د. أحمد شكري
فرط الحركة عند الاطفال

بشكلٍ عام يجد الأطفال أحيانًا صعوبة في الانتباه والإصغاء، والجلوس هادئين، أو انتظار دورهم، ولكن بالنسبة لطفلٍ يعاني اضطراب “فرط الحركة ونقص الانتباه” فالأمر أكثر مشقةً وتكرارًا.
إذ أن فرط الحركة عند الاطفال -المصحوب بنقص الانتباه- يعني وجود اختلافات في نمو مُخ الطفل ونشاطه عن الطبيعي مما يؤثر على قدرته على ضبط سلوكياته، سواء في المنزل أو المدرسة، أو في علاقاته الاجتماعية.
إذن كيف أُلاحظ أعراض اضطراب فرط الحركة عند الاطفال، وما أسبابه وتأثيراته؟، وكيف أتعامل مع طفلي في هذه الحالة؟، وهل هناك علاج فعال؟
هذا ما سنتناوله سويًا في هذا المقال من أسرة وطب.


فرط الحركة عند الاطفال أم <<شقاوة أطفال>>؟! 8 أعراض توضح الفرق

قد يختلط الأمر على الأمهات والآباء إذا ما كان طفلهم مجرد طفل مشاغب أم أنها أعراض فرط الحركة عند الاطفال، خاصةً في مرحلة بداية الحياة الدراسية، حيث يُشخص فرط الحركة عند الاطفال غالبًا خلال تلك المرحلة، تقريبًا عند عمر 7 سنوات، وقد يُشخص قبل أو بعد تلك المرحلة حسب حالة كل طفل عند ملاحظة الأعراض المميزة التالية:

(1) اهتمام الطفل الزائد بذاته فقط مع عدم مراعاة الآخرين، فيقاطع حديثهم أو يُقحم نفسه في أنشطة أو ألعاب لم يُدعَ إليها، كذلك لا يطيق انتظار دوره في أي نشاط مدرسي أو ترفيهي مع أقرانه.

(2) نوبات الغضب وتقلبات المزاج الحادة بأماكن وأوقات غير مناسبة، إذ يجد الطفل المصاب بفرط الحركة مشقة في السيطرة على مشاعره.
**ننوه هُنا أنه قد تظهر نوبات الغضب عند الأطفال بين عمر 12 و 18 شهرًا، في صورة بُكاء شديد وصُراخ ورَكل أو العض وضرب أجسامهم أو حبس الأنفاس، ويُعد هذا الأمر طبيعي كجزء من نموهم في تلك المرحلة ولا يدعو للقلق إذا تعامل معه الأهل بهدوء وحكمة، لكن إذا استمرت أو ازدادت حِدة هذه النوبات خاصةً بعد عمر 4 سنوات فينبغي عليكِ حينها مراجعة الطبيب.   

(3) التذمر والتملمُل، خاصةً إذا أُجبِر على الجلوس أو التزام الهدوء، كذلك يشُق عليه اللعب بهدوء دون إصدار ضجيج.

(4) لا يُنهي مهامه، واجباتٍ كانت أو نشاط مدرسي، أو حتى ترفيهي، فسُرعان ما يتشتت انتباهه.

(5) ضعف الانتباه من أهم أعراض فرط الحركة عند الاطفال، فحتى عندما تخاطب طفلك مباشرةً، قد يخبرك أنه استمع إليك، لكنه يصعُب عليه إعادة ما قُلته أو تنفيذه بالشكل السليم.

(6) تجنُّب ما يحتاج إلى مجهود ذهني مطول مثل: الواجبات أو الحصص الدراسية.

(7) بعكس الأعراض السابقة، قد تجد الطفل أحيانًا أكثر هدوءًا وانعزالًا، محدقًا في السماء، ومستغرقًا بأحلام اليقظة.

(8) النسيان المتكرر، فقد ينسى عمل الواجبات أو تنبيهات الأهل، وقد يفقد أشياءه الخاصة -كألعابه وغيرها- أو ينسى أين وضعها.

بالطبع قد تُلاحظ بعض السلوكيات السابقة على أغلب الأطفال في مرحلة ما، ولكن ينبغي مراجعة الطبيب النفسي للأطفال والمراهقين إذا:
* استمر ظهور السلوكيات والأعراض السابقة.
* أو أثرت سلبًا على أداء الطفل الدراسي وعلاقاته الاجتماعية بالآخرين من الأهل أو الأقران.
فبدون العلاج السليم قد يجد الطفل المصاب بفرط الحركة صعوبة في تحقيق النجاح الدراسي، مما يؤثر على ثقته بنفسه ويصيبه بالإحباط والسلوك العدواني وغيره من الآثار السلبية.
وقبل الحديث عن العلاج، نلقي نظرة سريعة على أسباب فرط الحركة عند الاطفال.

ولكن ما الذي يسبب فرط الحركة عند الاطفال؟

حتى الآن لا يوجد سبب مؤكد للاختلافات في دماغ الأطفال المصابين بفرط الحركة، ولكن هناك أدلة قوية على أن العامل الوراثي يلعب دورًا هامًا؛ فالعديد من هؤلاء الأطفال يكون لديهم أحد الوالدين أو الأقارب مُصابًا باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
لا يحدث اضطراب فرط الحركة عند الاطفال بسبب قضاء أوقات طويلة أمام شاشات التلفاز أو الهاتف، أو تقصير الأب أو الأم، أو تناول الكثير من الحلوى.
يتحسن فرط الحركة عند الاطفال عندما يحصلون على العلاج المناسب، ويتناولون طعامًا صحيًا، وينالون قسطًا كافيًا من النوم وممارسة الرياضة، ويزداد التحسن في وجود أمهات وآباء داعمين يعرفون كيفية التعامل والتصرف السليم مع اضطراب فرط الحركة عند الاطفال.

علاج فرط الحركة عند الاطفال

علاج فرط الحركة

توجد العديد من الخيارات التي يُمكن أن تساعد طفلك على تحسن الأعراض وزيادة الانتباه والتحكم في سلوكه، على الرغم من عدم وجود علاج محدد لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

تتراوح العلاجات من العلاج السلوكي إلى الأدوية الطبية حسب ما يوصي الطبيب. في كثير من الحالات، يكون الدواء وحدهُ علاجًا فعالًا، ومع ذلك توصي الدراسات الحديثة بأن إدراج خيارات أخرى أمر مهم. وتتضمن الخيارات المتاحة اليوم لعلاج اضطراب فرط الحركة عند الاطفال ما يلي:

  • الأدوية الطبية:
    بعض الأمهات والآباء لا يحبون فكرة إعطاء طفلهم دواءً لعلاج اضطراب فرط الحركة، ولكن في الواقع نجد أن الدواء المناسب يُمكن أن يُحدث تحسنًا وفرقًا كبيرًا لدى أغلب الأطفال. تنقسم الأدوية إلى:
    * محفزات الجهاز العصبي المركزي:
    التي تُحفز الانتباه والتركيز عن طريق زيادة إفراز الدوبامين والنورادرينالين في المخ، ومنها:
    = أدوية الميثيل فينيدات ومشتقاته (Ritalin – Focalin – Daytrana – Concerta).
    = أدوية الأمفيتامين ومشتقاته (Desoxyn – Dexedrine – Vyvanse – Adderall).
    ويبدأ تأثيرها بمجرد تناول الطفل لها، ويستمر من 4 إلى 12 ساعة حسب الشكل الدوائي الذي يصفه الطبيب، لذا عادةً ما توصف مرة أو مرتين يوميًا.

    ** غير المحفزات:
    يلجأ إليها الطبيب عندما لا تُعطى المحفزات النتيجة المرجوة، أو إذا أظهرت آثارًا جانبية مزعجة للطفل. ومن أمثلة غير المحفزات:
    = أتوموكسيتين (Strattera).
    = كلونيدين (Kapvay).
    = جوانفاسين (Intuniv).
    تستمر فاعلية هذه الأدوية لمدة 24 ساعة، لذا عادةً ما توصف مرة واحدة يوميًا، لكنها تحتاج لبضعة أسابيع حتى يبدأ مفعولها في الظهور ولمس تحسن واضح في أعراض فرط الحركة عند الاطفال.

بعد أن يستفسر الطبيب عن الأدوية الأخرى التي يتناولها الطفل -بما فيها الفيتامينات والأدوية العشبية-، ويسأل عن التاريخ المرضي بالأسرة، سيصف جرعة مناسبة لطفلك ويتابع معك النتائج، إذ تختلف استجابة الأطفال لعلاج فرط الحركة، فربما يحتاج طفلك فيما بعد لزيادة الجرعة أو تعديلها أو إضافة دواء آخر أو تغيير الدواء لنوع آخر ليناسبه بشكل أفضل إذا لم يناسبه الدواء الحالي أو أظهر آثارًا جانبية مزعجة للطفل.

لا تتردد في سؤال الطبيب أو الصيدلي عن الطريقة الأمثل لتناول الدواء الموصوف لطفلك، ومدى فاعليته، والآثار الجانبية المُحتملة -إذ أنه من الطبيعي حدوث آثار طفيفة مع أغلب الأدوية عند تناولها لأول بضعة أيام حتى يتأقلم عليها الجسم-، كذلك لا تتردد أبدًا في الاتصال بطبيبك عند أي تغير ملحوظ أو شكوى مقلقة لطفلك.

  • العلاج السلوكي والنفسي:
    قد يوجهك الطبيب للاستعانة بمعالج سلوكي تزوره مرة أو اثنتين أسبوعيًا.. وخلال الزيارة يتحدث المُعالج معك ومع طفلك ويسأل بعض الأسئلة.. وخلال الزيارات يحاول المعالج جعل الطفل يتحدث عن مشاعره، ويشاركه بعض الأنشطة أو الألعاب، ويعلمه بعض المهارات التي تُعينه على السيطرة على انفعالاته والتحكُّم بها (كمهارة الإصغاء والاستجابة لتوجيهات الأهل والصبر و تكرار المحاولة والتعامل مع الخسارة)، كذلك يتطرق إلى المشكلات التي تقابل الطفل في البيت أو المدرسة ويناقشه في كيفية التوصل للحلول بأسلوب ملائم للطفل.
  • توعية الأهل وتدريبهم على التعامل مع الطفل:
    لا شك أن تفهم الأم والأب لوضع الطفل واحتواءه يُحدث فارقًا هائلًا في تحسن الطفل، وإليكم بعض النصائح الهامة للتعامل مع فرط الحركة عند الاطفال:
    (1) المكافآت الفورية: حاول استخدام نظام النقاط أو وسيلة أخرى للمكافآت الفورية لطفلك على السلوك أو العمل الجيد، وامدحه دومًا على أبسط الأشياء.

    (2) الوقت المستبعد: استخدم طريقة المهلة أو الوقت المستبعد عندما يصبح طفلك جامحًا أو خارجًا عن السيطرة، بأن تطلب منه البقاء في مكانٍ ما -قريبًا منك- أو في غرفته لمدة دقائق تتجاهله خلالها. بالنسبة لبعض الأطفال، يمكن أن يساعدهم ذلك على تعلم كيفية التفاعل بشكل أكثر ملاءمة في المرة القادمة.

(3) المشاركة: اقضِ بعض الوقت كل أسبوع في مشاركة نشاط ممتع أو مريح مع طفلك. خلال هذا الوقت معًا، يمكنك البحث عن فرصة للإشارة إلى ما يقوم به طفلك بشكل جيد والثناء على نقاط قوته وقدراته.

(4) هيئ ظروف طفلك: هيئ المواقف بطريقة تسمح لطفلك بالتحكم في انفعالاته. على سبيل المثال:
قد تسمح له باللعب مع زميل واحد أو اثنين فقط في وقت واحد تجنبًا لتحفيزه بشكل مفرط.

(5) تحكم في توترك: استخدم أساليب مثل: التأمل وتقنيات الاسترخاء وممارسة الرياضة للمساعدة على ضبط توترك أو قلقك لتتمكن من مساعدة طفلك وتحمل اضطراب فرط الحركة.

وبصورة عامة، تجنب أي أسلوب أو عبارة قد تقلل من ثقة الطفل بنفسه وتؤذيه مثل: “أنت غبي” أو “أنا أحبك ولكن…”، أو المقارنات “لماذا لا تستطيع أن تكون مثل رفاقك؟”، أو الحديث عنه بالسلب أمام الناس.

واستبدل كل ذلك بأساليب وعبارات التشجيع مثل: “أنا أعلم أن غضبك بسبب الخوف، ولكن لا داعي للخوف يا عزيزي”، وعندما يخطئ “أنا أشعر بالخذلان لأنك فعلت كذا، وظني فيك أنك أفضل بكثير”، أو “لقد خالفت توقعاتي حين فعلت كذا، كيف يمكنني مساعدتك لتجنب تكرار الأمر؟”.

حتمًا قد تنفعل أو تعنف الطفل في وقتٍ ما لظروف معينة.. حينئذٍ لا تخجل من الاعتذار لطفلك وتوضيح أن غضبك سببه خوفك عليه وحرصك على أن يكون في أفضل صورة، وأكّد له ثقتك فيه وحبك له.

  • دعم المعلمين بالمدرسة:
    من الضروري توضيح حالة الطفل للمُعلم بالمدرسة، والتنسيق معه لدعم الطفل والتصرف معه بشكل سليم وحكيم يعزز ثقته بنفسه ويساعده على التحسن وتعديل سلوكياته.
    ومن دور المعلم أن يسأل عن فرط الحركة عند الاطفال ليشارك عن علم في وضع أثر طيب على سلوك الطفل.

ختامًا.. همسة في آذان الأمهات والآباء.. أحيانًا تستاء من طفلك المشاغب فتغضب وتعنفه، ثم تلوم نفسك بعدها، وفي حالة “فرط الحركة عند الاطفال” قد يُصبح استياؤك منه مُبرَّرًا، ولكن أثر رد فعلك عليه سيكون مضاعفًا، لذا عليك احتواء طفلك ومدحه على أبسط الأمور وفهم حالته جيدًا، واكتساب المهارات المعينة على ذلك بكل الدعم والحب. 

السابق
قرحة المعدة والاثنى عشر والفرق بينهما وعلاج كليهما
التالي
الولادة بدون الم | 5 وسائل مختلفة لولادة أكثر سهولة