بقلم د. حسين الحجار
يرتبط الحلق بالمعدة بواسطة المريء، الذي يمر عبر الصدر، ويدخل البطن من خلال فتحة في الحجاب الحاجز، تُسمى الفُرجة الحجابيّة. يُعد الحجاب الحاجز بمثابة العضلات الرئيسية للتنفس، كما إنه يفصل بين التجويف الصدري، والتجويف البطني. يصف مصطلح فتق الحجاب الحاجز (Hiatal hernia) الحالة التي يبرز فيها الجزء العلوي من المعدة من خلال الفُرجة الحجابيّة إلى التجويف الصدري.
يوجد نوعان رئيسيان من الفتق الحجابي
- الفتق المنزلق: هو الأكثر شيوعًا، ويمثل 95% من الحالات. يحدث فيه انزلاق للجزء العلوي من المعدة من خلال الحجاب الحاجز؛ فيحدث تقاطع معدي مريئي في الصدر.
- الفتق الثابت: (ويُسمى أيضًا الفتق المريئي). يُعد الفتق الثابت أكثر خطورة حيث يكون فيه المريء والمعدة في مكانهما الطبيعي، ولكن جزءًا من المعدة يبرز من خلال الفجوة الحجابيّة المنفتقة؛ ليستقر بجوار المريء، فيكون هذا الجزء معتصرًا، مما قد يؤدي إلى انقطاع التروية الدموية للمعدة وتُسمى هذه الحالة باسم الفتق المختنق، وهي حالة طبية طارئة تستدعي الجراحة الفورية، ولكن الخبر الجيد أنها حالة نادرة، ولا تُمثل سوى 5 % من حالات فتق الحجاب الحاجز.
أسباب فتق الحجاب الحاجز
يُعد سبب فتق الحجاب الحاجز غير معروف تحديدًا، ولكن قد يكون هناك بعض العوامل المساعدة؛ التي تؤدي إليه مثل:
- الإصابة في منطقة الحجاب الحاجز؛ فقد ينتج عنها ضعف أنسجة العضلات وبالتالي سهولة بروز المعدة.
- عوامل خِلقية مثل وجود فُرجة حجابيّة أكبر من المعتاد.
- التغييرات في الحجاب الحاجز مع التقدم في العُمر.
- عوامل تؤدي إلى زيادة الضغط على العضلات مثل السُعال، أو الإمساك المزمن، ورفع الأشياء ثقيلة الوزن، وفي بعض حالات الحمل.
اعراض فتق الحجاب الحاجز
لا يُسبب فتق الحجاب الحاجز الصغير أي أعراض، بل قد يتم العثور عليه صدفةً عندما يكون لدى الشخص فحوصات تخص حالات طبية أخرى، ولكن يسبب الفتق الكبير المُصاحب له ضعف في عضلة الحجاب الحاجز المحيطة بالمريء، والتي تعمل كصمام لمنع ارتداد الحمض من المعدة إلى المريء بعض الأعراض الناتجة عن الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، وقد تتضمن اعراض فتق الحجاب الحاجز الشائعة ما يلي:
- حُرقة المعدة التي تزداد سوءًا عندما تتكئ أو تستلقي.
- ألم في الصدر.
- صعوبة في البلع.
- التجشؤ.
- طعم سيئ في فمك.
- اضطراب المعدة والقيء.
- ارتجاع الطعام أو السائل من معدتك إلى فمك.
- ضيق في التنفس.
قد يُسبب فتق الحجاب الحاجز كما ذكرنا سابقًا حالة من الطوارئ، مثل حدوث الفتق المختنق وتكون أعراضه:
- ألم شديد في صدرك، أو بطنك.
- معدة مضطربة.
- الشعور بالغثيان، والقيء الدموي.
- لا يمكنك التغوط، أو حتى تمرير الغازات، أو براز بني اللون.
تشخيص الفتق الحجابي
يُشخص الفتق الحجابي بإجراء أحد الاختبارات التالية:
الأشعة السينية على الجهاز الهضمي:
يشرب المريض سائلُا يحتوي على الباريوم قبل هذا الإجراء؛ لتعزيز الصورة. يوفر هذا الاختبار صورة ظِلية واضحة للجهاز الهضمي العلوي؛ تتيح لطبيبك تحديد موقع معدتك، وبالتالي تشخيص الفتق الحجابي.
التنظير الداخلي:
يُجرى تحت التخدير، ويقوم به طبيب الجهاز الهضمي؛ لفحص بطانة المريء والمعدة والاثنى عشر، ويتم فيه إدخال أنبوبًا طويلًا ورفيعًا وفي نهايته كاميرا صغيرة في حلقك؛ لينزلق إلى المريء والمعدة. يمكن تشخيص فتق الحجاب الحاجز بسهولة بهذه الطريقة والأهم من ذلك، قد يتمكن الطبيب من رؤية مضاعفات الارتجاع المعدي المريئي.
يقيس هذا الاختبار القوة التي تبذلها عضلات المريء عند البلع، وكذلك تقلصات عضلاته النظمية وضغطه الداخلي.
علاج فتق الحجاب الحاجز
معظم حالات فتق الحجاب الحاجز لا تستدعي العلاج، ولكن ما يحدد ذلك هو وجود الأعراض؛ فإذا كان لديك ارتجاع حمضي وحرقة في المعدة؛ فقد يصف طبيبك الأدوية في البداية، وإذا لم تساعد الأدوية في تخفيف اعراض فتق الحجاب الحاجز؛ يقترح طبيبك العلاج الجراحي.
وتشمل الأدوية التي قد يصفها لك الطبيب:
- مضادات الحموضة: والتي لا تستلزم وصفة طبية؛ وهي تُعادل حمض المعدة، ولكن قد يُسبب كثرة استخدامها إمساك مما قد يُفاقم الحالة.
- حاصرات مستقبلات H2: التي تُصرف بوصفة طبية أو بدون؛ وهي تخفض إنتاج الحمض.
- مثبطات مضخة البروتون: تطورت هذه الأدوية بشكل ملحوظ، وهي تعمل على منع إنتاج حمض المعدة؛ مما يمنح المريء وقتًا للتعافي، ولكن يؤثر طول فترة استخدام هذه المجموعة على توازن الكالسيوم في الجسم، وعلى بعض الأدوية، ومرضى القلب، وهشاشة العظام خاصةً النساء بعد سن انقطاع الطمث.
علاج فتق الحجاب الحاجز بالجراحة:
تُجرى جراحة فتق الحجاب الحاجز إذا لم تنجح الأدوية في علاج الأعراض، أو في حالة الفتق الحجابي الخانق كما ذكرنا سابقًا. يهدف العلاج الجراحي للفتق إلى إعادة بناء عضلات المريء الضعيفة، وكذلك إعادة معدتك إلى مكانها الطبيعي، وجعل الفُرجة الحجابيّة أصغر. يُستخدم في العديد من جراحات فتق الحجاب الحاجز طريقة تسمى تنظير البطن: حيث يقوم طبيبك بإجراء بعض الجروح الصغيرة (5 إلى 10 ملليمتر) في بطنك، ثم يدفع أداة تسمى منظار البطن من خلال هذه الشقوق، لكي يرسل الصور إلى الشاشة؛ حتى يتمكن من الرؤية داخل جسمك. تُعد هذه الإجراءات “طفيفة التوغل” تتضمن جروح صغيرة، وأقل خطرًا للإصابة بالعدوى، وكذلك ندبات وألم أقل، وبالتالي استعادة أسرع من العمليات الجراحية التقليدية.
يمكن أن يعود فتق الحجاب الحاجز بعد الإصلاح الجراحي له، ولكن يمكنك تقليل هذا الخطر من خلال:
- الحفاظ على وزن صحي.
- الحصول على مساعدة لرفع الأشياء الثقيلة.
- تجنب الضغط على عضلات البطن.
- تغيير نمط الحياة: يُسبب الارتجاع الحمضي معظم أعراض فتق الحجاب الحاجز. يُمكن أن يقلل تغيير نظامك الغذائي من الأعراض؛ فقد يكون من المفيد تناول وجبات صغيرة عدة مرات في اليوم بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة، ويجب أيضًا أن تتجنب تناول الوجبات قبل النوم مباشرة ولا تمارس الرياضة أو تستلقي إلا بعد مرور مدة من 3 إلى 4 ساعات بعد تناولك للطعام. هناك أيضًا بعض الأطعمة التي قد تزيد من إصابتك بحرقة المعدة؛ فيجب عليك تجنب:
- الأطعمة الحارة.
- الإكثار من تناول الأطعمة الحمضية مثل عصير البرتقال وصلصلة الطماطم والصودا.
- الأطعمة المقلية والدهنية والخل والشوكولاتة والكافيين.
وهناك طرق أخرى تساعد في تقليل الأعراض مثل:
- التوقف عن التدخين.
- رفع رأس السرير بمقدار 15-20 سنتيمتر على الأقل.
- فقدان الوزن الزائد.
- تجنب الإمساك المزمن، وتناول الملينات لمساعدتك على التبرز.
- تجنب الأحزمة، أو الملابس الضيقة وبعض تمارين البطن العنيفة.
ولكن لا تفترض دائمًا أن فتق الحجاب الحاجز، هو ما يسبب ألمًا في صدرك أو عدم الراحة أو الارتجاع المريئي؛ فقد يكون ذلك علامة على مشاكل في القلب أو تقرحات هضمية. ينصحك دائمًا فريق أسرة وطب بالذهاب إلى طبيبك وإجراء الفحوصات والاختبارات اللازمة لتحديد سبب ما تعاني منه، ومن ثم تلقي العلاج المناسب.
