الطب العام

علاج دوالي الخصية وزيادة الخصوبة

بقلم د. حسين الحجار
علاج دوالي الخصية

يُمثل علاج دوالي الخصية عاملًا هامًا في علاج حالات عُقم الرجال؛ إذ أن دوالي الخصية توجد بنسبة لا تقل عن 40 % لدى الذكور الذين لم يسبق لهم الإنجاب (حالات العُقم الأولي)، كما يمكن تشخيصها في حوالي 80 % من الرجال الذين سبق لهم الحصول على الطفل الأول من حمل زوجاتهم طبيعيًا (حالات العُقم الثانوي).

تُسبب دوالي الخصية ارتفاعًا في درجة الحرارة لتُصبح 37 درجة أو أكثر، وهذا من غير المناسب لتكوّن الحيوانات المنوية من النوع الجيد، فهي تسبب زيادة نسبة التشوهات وزيادة في تلف، أو تكسير المادة الوراثية (الحمض النووي DNA) الموجود في رأس الحيوان المنوي، كما تؤدي إلى تراكم السموم نتيجة خلل الصرف الوريدي من الخصية إلى القلب مما يتسبب بحالة تشبه التسمم الداخلي؛ الذي يؤدي في الأخير إلى ضمور الخصية.

تُسبب دوالي الخصية تدهورًا في وظيفة الخلايا البينية (خلايا ليدج Leydig)، وهي عامل خطر يدُل على قصور الغدد التناسلية؛ ما يعني انخفاض إنتاج هرمون الذكورة الذي يحدث طبيعيًا عند الرجال مع تقدم العُمر، وهذه الحالة يمكن التغلب عليها باستخدام بدائل التستوستيرون والاستمرار في مراقبة مستوى الهرمون، أو قد يلجأ المريض إلى الحل الأسهل والذي يُجرى لمرة واحدة وهو علاج دوالي الخصية خاصة عندما يصاحبه قصور في الغدد التناسلية.

ما هي طرق علاج دوالي الخصية؟

في واقع الأمر لا يُمكن علاج دوالي الخصية بالادوية فهي خلل تشريحي في الأوردة ولا يوجد دواء يمكنه إصلاح هذا الخلل، ولكن قد تُستخدم بعض المُسكنات للتغلب على الألم الذي يُصاحب دوالي الخصية أحيانًا، وكذلك تُساعد مُضادات الأكسدة (الموجودة بصورة طبيعية في بعض الأغذية، أو في صورة مُكملات) لتخفيف الإجهاد التأكسدي داخل الخصية الناتج عن عدم التوازن في نظام العوامل المؤكسدة (oxidants) والعوامل المضادة للتأكسد (antioxidants).

علاج دوالي الخصية جراحيًا:

تُعد الجراحة هي الشكل الرئيسي في علاج دوالي الخصية في كل المراحل العُمرية، ويجب أن تشمل الأهداف النهائية لها: منع تدفق الدم في كل الدوالي المُخالفة مع الحفاظ على تدفقه في الشريان الخصوي، وكذلك سلامة الأوعية المؤجلة (التي تنقل الحيوانات المنوية من الخصية إلى القضيب)، والصرف اللمفاوي. كقاعدة عامة لا يُجرى علاج دوالي الخصية جراحيًا دون وجود أعراض أو أسباب تستدعي ذلك الأمر، وقد تشمل هذه الأسباب:

  •  الدوالي واضحة بمجرد الفحص الروتيني لكيس الصفن.
  •        معاناة المريض من ألم في الخصية لا يستجيب إلى المُسكنات.
  •       إذا نتج عن دوالي الخصية مشاكل في الخصوبة (تحليل السائل المنوي غير مناسب لحدوث الحمل).
  •        الزوجة لديها كل أسباب الحمل الطبيعي بينما الزوج يعاني من عُقم غير مبرر.

تتشكل دوالي الخصية في فترة المراهقة، ولكن تُعد نتائج الإصلاح الجراحي لها في هذا العُمر غير واضحة على عكس البالغين، ويُفضل علاج دوالي الخصية لدى المراهق؛ إذا ما تبين أن هذه المشكلة تتفاقم سريعًا وأن الإصلاح المبكر لها يمنع العُقم في المستقبل.

تتعدد الطُرق الجراحية المُستخدمة في علاج دوالي الخصية، وكلها تُجرى تحت تأثير التخدير العام لتوفير الراحة القصوى للمريض، ولكن الأسلوبان الجراحيان الأكثر استخدامًا هما:

(أ). علاج دوالي الخصية بالجراحة المفتوحة: يُستخدم في هذا الأسلوب المِجهر، وكذلك الدوبلر الجراحي. يقوم الجراح بعمل شق طوله 1 سم فوق كيس الصفن، ثم يربط جميع الأوردة غير الطبيعية لمنع تدفق الدم داخلها تمامًا، يستغرق هذا الإجراء من ساعتين إلى ثلاث ساعات، ويعود بعدها المريض إلى منزله.

(ب). استئصال دوالي الخصية بالأسلوب التنظيري: تُستخدم أنابيب رفيعة إلى داخل البطن، وتُربط الأوردة المتضخمة المؤدية إلى الخصية، وهذا الإجراء يستغرق وقت أقل من الجراحة المفتوحة فهو يستنفذ ما يقرب من 30 إلى 40 دقيقة فقط، ثم يغادر المريض ليعود إلى منزله.

يُفضل علاج دوالي الخصية باستخدام أسلوب الجراحة المفتوحة وفي وجود المجهر والدوبلر الجراحي بالرغم من أنه يستغرق وقتًا أطول وذلك لمميزاته التالية:

  •      ينخفض فيه معدل حدوث مضاعفات ما بعد الجراحة؛ ولذلك يعود المريض إلى ممارسة عمله في أسرع وقت.
  • تكون فرصة عودة الدوالي بعد هذا الأسلوب أقل من معدلها في علاج دوالي الخصية بالتنظير. 
  • كما أن الجراحة المجهرية المفتوحة لدوالي الخصية قد يُحسن من الوظائف الجنسية مثل الانتصاب، والقذف خاصة عند هؤلاء المرضى من حالات الدوالي في الخصيتين، أو الدوالي الكبيرة في الخصية اليسرى المُصاحب له قصور في وظيفة الغدد التناسلية.

ماذا بعد علاج الدوالي في الخصية جراحيًا؟

بعد 48 ساعة من علاج دوالي الخصية جراحيًا تُزال جميع الضمادات الخارجية وتُترك الشرائط الصغيرة المُعقمة لمدة 7 أيام، كما يمكنك في هذا الوقت الاستحمام.

يبدأ النظام الغذائي بتناول السوائل ثم العودة تدريجيًا إلى الأطعمة الصلبة.

قد يصف الطبيب دواء مُسكن يؤخذ حسب التعليمات لمدة يومين، وكذلك تناول المضادات الحيوية، ثم يمكنك بعد ذلك تناول المسكنات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية مثل الإيبوبروفين، ويُنصح بوضع كيس ثلج على كيس الصفن لمدة 10 دقائق عدة مرات يوميًا لتخفيف التورم.

كما يُنصح بتجنب الأنشطة التالية حتى يخبرك طبيبك باستئنافها:

  1. لا تمارس الجنس مع زوجتك لمدة تصل إلى أسبوعين.
  2. لا تمارس التمارين الرياضية الشاقة، أو ترفع أي شيء أثقل من 5 كجم.
  3. لا تسبح ولا تستحم، أو تغمر كيس الصفن في الماء.
  4. لا تقود السيارة، أو تُشغل الآلات.
  5.  تجنب الغضب، وفكر في أخذ مُلين للبراز؛ للتغلب على الإمساك الذي قد ينتج عن علاج دوالي الخصية بالجراحة.

يُفحص المريض لتقييم الجرح بعد حوالي 7 إلى 10 أيام، وكذلك يُحدد موعدًا آخر لفحص الخصية بعد 8 أسابيع.

 يترتب على علاج دوالي الخصية جراحيا بعض الآثار الجانبية؛ ولكن بنسب قليلة جدًا لذلك استشر طبيبك فورًا إذا لاحظت أيًا مما يلي:

  • تراكم السوائل حول الخصية فتسبب القيلة المائية.
  • صعوبة في التبول أو إفراغ المثانة بشكل كامل.
  • احمرار، أو التهاب، أو إفرازات من أماكن الجراحة.
  • تورم غير طبيعي لا يستجيب لكمادات الثلج.
  • عدوى.
  • ارتفاع في درجة الحرارة (38.5 درجة مئوية، أو أعلى)
  • الشعور بالغثيان، أو التقيؤ.
  • ألم في الساق، أو تورم.

علاج الدوالي في الخصية بالاّنصمام عن طريق الجلد (Percutaneous Embolization):

تُستخدم هذه التقنية الحديثة في علاج دوالي الخصية بدون جراحة، وكذلك إصلاح الدوالي في الأوعية الدموية الأخرى. يقوم بهذا الإجراء أخصائي الأشعة التداخلية ويتم تحت تأثير التخدير الموضعي، ومن خلال ثُقب صغير في الرقبة أو الفخذ، يقوم الطبيب بإدخال قُنية وريدية رفيعة، وتُوجه الأشعة السينية لتحديد كل الأوردة غير الطبيعية، ويمكن أن تُستخدم قوابس، أو سِدَادات معينة لمنع تدفق الدم في هذه الأوردة مرة أخرى. يستغرق هذا الإجراء من 45 إلى 60 دقيقة، وقد يكون له بعض العيوب مثل: عودة دوالي الخصية (معدلها هنا على قدم المساواة مع الجراحة المفتوحة أو الأسلوب التنظيري)، ويمكن أن تتحرك القوابس أو السدادات من أماكن وضعها، كما أن هناك فرصة للتعرضّ للعدوى في أماكن وضع القُنية.

علاج دوالي الخصية طبيعيا:

يُعد علاج دوالي الخصية طبيعيا مُكملًا للخيارات الطبية، ولا يجب الاعتماد عليه كحل وحيد، أو يمكن اعتباره كوسيلة وقائية ضد تطور دوالي الخصية خاصة مع العائلات التي لها تاريخ سابق لهذا المرض، والفكرة هنا هي دعم أنسجة وجدران الأوردة في كيس الصفن، وتحسين الدورة الدموية في الخصيتين، وحماية الحيوانات المنوية من آثار السموم والشقوق الحرة من خلال الاهتمام بالعناصر الغذائية.

ارتدي الملابس الداخلية الداعمة التي تحافظ على درجة الحرارة المناسبة للخصيتين، استخدام حامل خصية أو كيس رافع للصفن للتخفيف من الضغط على الخصيتين خاصة عند ممارستك للرياضة، وتجنب التعرض للسموم البيئية المختلفة، وتناول الغذاء الصحي المحتوي على مضادات الأكسدة مثل التوت، والفلفل، والخضروات الورقية الداكنة، وكذلك تناول الحبوب الكاملة الغنية بالفلافونويد فهي تعزز السلامة الهيكلية للأوعية الدموية، كما يجب عليك علاج مشكلات الأمعاء إن وجدت فلِهذا أثرٌ هام في علاج دوالي الخصية.

يعتقد البعض أن التمارين الخاصة بالحوض (تُسمى تمارين كيجل)، وهي تمارين سهلة لا تستغرق سوى خمس دقائق، ويمكنك القيام بها عدة مرات يوميًا، قد تساعد في استعادة قوة العضلات التناسلية وتنظيم تدفق الدم في الخصيتين، فربما يخفف ذلك من الأعراض.

إذا كنت تُعاني من دوالي الخصية؛ فأنت لست مضطرًا للعيش مع هذه الحالة، سواء كنت تفكر في التخلص من الألم والانزعاج، أو تحسين الخصوبة لديك؛ فإن علاج دوالي الخصية بسيط ومتوفر، وقد تكون العلاجات الطبية والطبيعية مجتمعة ناجحة للغاية؛ في مساعدتك على استعادة الخصوبة وتحقيق حلم إنجاب الأطفال، أخيرًا ننصحك نحن في أسرة وطب بالتحدث مع طبيبك قبل اتخاذ القرار بشأن العلاج الأفضل لك.

السابق
الاكزيما الجلدية الأسباب والأعراض والوقاية والعلاج
التالي
حساسية الاسنان ألم ومعاناة.. إليك الأسباب والعلاج