الطفل

علاج الاسهال عند الاطفال.. الدليل الشامل والعلاج

 بقلم د. مها محمد أبو غالية
علاج الاسهال عند الاطفال

دخلت الأم مسرعة إلى عيادة طبيب الأطفال، وسألت الممرضة عن إمكانية الدخول للطبيب في أقرب وقت، فقد عادت الأم لتوها من رحلة خارج البلاد بصحبة ابنها الصغير، لكنها لم تكن رحلة سعيدة على الإطلاق؛ إذ أُصيب الصغير بإسهال استمر لمدة 24 ساعة فور وصولهم؛ مما دفع الأم إلى إنهاء الرحلة وزيارة الطبيب للاطمئنان، ولمعرفة ما هي أسباب وطرق علاج الاسهال عند الاطفال.

قابلت الأم الطبيب وقصت عليه القصة كاملة، فهز رأسه متفهمًا وبدأ يطمئنها ويشرح لها ولكل زوار موقع أسرة وطب كل ما يلزم معرفته عن علاج الاسهال عند الاطفال.

بداية ما هو الإسهال؟

الإسهال هو وسيلة دفاع يلجأ إليها الجسم للتخلص تلقائيًا من الجراثيم والميكروبات، ويستمر عادة مدة تتراوح بين عدة ايام لأسبوع. يُمكن أن يصحب حدوث الإسهال وجود حُمى، أو رغبة في القيء، أو غثيان، أو تقلصات في البطن. 

ينقسم الإسهال إلى نوعين:

إسهال حاد (قصير المدى): يدوم مدة يومين، ويكون بسبب عدوى عن طريق تناول طعام أو شراب ملوث.

إسهال مزمن (طويل المدى): يستمر حتى عدة أسابيع، ويكون دليل على وجود مشكلة أخرى.

إذن ما هي أسباب الإسهال تفصيليًا؟

1)- الإصابة بعدوى الكائنات الدقيقة:

  • الفيروسات مثل: الفيروسية العجلية (Rotavirus)، وهو السبب الأشهر في الإصابة بالإسهال في الأطفال.
  • بكتيريا السلمونيلا (salmonella).
  • الطفيليات مثل: الجياردية (سبب نادر).

2)- الأدوية:

3)- التسمم الغذائي.

4)حساسية الطعام. 

  • سكر الفركتوز الموجود في الفاكهة.
  • عسل النحل.
  • سكر اللاكتوز الموجود في اللبن.

 5)- بعض الأمراض مثل:

  • داء كرون (Crohn’s disease).
  • الداء البطني (celiac disease).
  •  داء الأمعاء الالتهابي (irritable bowel disease).

6)- السفر: يٌعد السفر إلى دول أجنبية أحد أسباب الإصابة بالإسهال (إسهال المسافر)، وهو ما حدث مع بطل قصتنا.

 أعراض الإصابة بالإسهال

تختلف الأعراض من طفل إلى آخر، لكن يوجد أعراض شائعة عند إصابة الطفل بالإسهال:

  • الشعور بألم أو تقلصات في البطن.
  • الشعور بالغثيان.
  • الشعور بانتفاخ المعدة.
  • ارتفاع درجة الحرارة.
  • زيادة عدد الزيارات إلى الحمام.
  • وجود دم في براز الطفل.
  • الجفاف.

متى نذهب إلى الطبيب؟

إذا استمرت الأعراض عند الطفل لأكثر من 24 ساعة يُفضل الذهاب إلى الطبيب للسؤال عن علاج الاسهال عند الاطفال، كذلك يجب الذهاب أيضا عند حدوث الأعراض التالية:

  • الجفاف.
  • ارتفاع درجة حرارة الطفل أعلى من 39 درجة مئوية.
  • وجود دم في براز الطفل.
  • تغيّر لون البراز إلى اللون الأسود.

 التشخيص

سيسأل الطبيب مرافق الطفل عدة اسئلة حول الأعراض التي يشتكي منها الطفل، وعن التاريخ المرضي للطفل، ثم يفحصه سريريًا. قد يتطلب تأكيد التشخيص بعض الاختبارات المعملية كفحص الدم والبول.

اختبارات أخرى قد يحتاجها الطبيب:

  1. مزرعة من عينة براز الطفل للكشف عن وجود أنواع غريبة من البكتيريا والطفيليات في الجهاز الهضمي.
  2. اختبارات دم للبحث عن أمراض معينة.
  3. اختبارات للكشف عن حساسية تجاه أنواع من الطعام أو منتجات الألبان.
  4. صور أشعة لرؤية الأعضاء الداخلية.
  5. التنظير السيني للقولون لرؤية الأمعاء الغليظة للطفل.

الإسهال صمام أمان أم ناقوس خطر؟

الإسهال هو وسيلة الجسم في التخلص من مسببات العدوى البكتيرية أو فيروسية كما اتضح لنا، وتدوم هذه الوسيلة مدة يومين في أغلب الأوقات ثم تنتهي نهاية سعيدة بعد أن يسترد الطفل عافيته.

لكن متى يصبح الإسهال عند الطفل مصدر قلق وخطر للأمهات؟

يُعد الجفاف من أخطر مضاعفات الإصابة بالإسهال عند الأطفال، الأمر الذي يتطلب تعويض الطفل عن السوائل المفقودة والذهاب إلى الطبيب إذا لم ينتهي سريعًا.

ما هو الجفاف؟

هو فقدان الجسم للسوائل والمعادن الهامة، ويصاحب الجفاف عادة حالات الاسهال المتوسطة والشديدة. تتمثل خطورة الجفاف في إمكانية اصابة الطفل بنوبات صرع، أو تلف في الدماغ، أو الوفاة.

علامات الجفاف التي تلزم الذهاب إلى الطبيب:

  • الدوار.
  • جفاف فم الطفل.
  • تغيّر في لون البول إلى الأصفر الداكن.
  • قلة أو انعدام التبول.
  • برودة وجفاف الجلد.
  • قلة أو انعدام دموع الطفل أثناء البكاء.
  • فقدان الطاقة للحركة وممارسة أنشطة الطفل اليومية.

علاج الاسهال عند الاطفال

  يعتمد علاج الاسهال عند الاطفال بصفة عامة على حالة الطفل، وعمره، وصحته العامة. يهدف علاج الاسهال عند الاطفال في المقام الأول إلى تعويض كمية السوائل التي فقدها الطفل. إذا كان الإسهال بسبب مضاد حيوي، يجب الاتصال بالطبيب وإخباره عن حالة الطفل وكمية السوائل المفقودة، ويمكن للطبيب تعديل الدواء أو تغيير الجرعة أو إضافة المعينات الحيوية.

أملاح تعويض السوائل (oral rehydration solutions):

تسمى أيضا محاليل معالجة الجفاف، وتتكون من مزيج من المياه، والأملاح، والسكر وفق نسب محددة. تستطيع هذه الاملاح أن تمد الطفل بما يحتاجه تعويضًا عن المياه والأملاح المفقودة كما أنها تحافظ عليه من الاصابة بمضاعفات الجفاف الخطيرة.

تتوفر محاليل معالجة الجفاف في عبوات جاهزة معدة مسبقًا في كل الصيدليات.

ادوية علاج الاسهال عند الاطفال

تشمل ادوية علاج الاسهال عند الاطفال الآتي:

  1. أملاح تعويض السوائل (ORS).
  2. المضادات الحيوية.
  3. مضادات الطفيليات.
  4. فيتامينات مكملة خاصة الزنك.

علاج الاسهال عند الاطفال بعمر سنتين

لا يخرج علاج الاسهال عند الاطفال في هذا السن عن ما ذكرناه سابقا، لكن يزيد عليه ميزة وجود الرضاعة سواء الطبيعية أو الصناعية.

  1. إذا كانت الطفل يعتمد على الرضاعة الطبيعية، فيجب على الأم أن تعرض على طفلها الرضاعة من آن لآخر لتعويض ما فقده جسمه من سوائل وأملاح. قد تحتاج الأم إلى تغيير بعض عاداتها الغذائية لتتجنب تناول أي طعام يثير الجهاز الهضمي للطفل أو يجعل الأمر أسوأ.
  2. استمرار الرضيع على الرضاعة الصناعية إذا كان معتمدا عليها.
  3. أملاح تعويض السوائل (ORS):  قد يحتاج الطفل في أول 4 ساعات من الإسهال البسيط إلى جرعة من أملاح تعويض السوائل؛ وتختلف الجرعة تبعا لسن الرضيع:
  • الرضع تحت سن 6 أشهر جرعة تتراوح بين 30 إلى 90  ملليمتر كل ساعة.
  • الرضع من 6 شهور لعامين جرعة تتراوح بين 90 إلى 125 ملليلتر كل ساعة.

4. الطعام: يمكن للطعام المعتمد في تكوينه أساسا على النشا مثل البطاطس والأرز أن يساعد في علاج الاسهال عند الاطفال.

   علاج الاسهال عند الاطفال بعمر ثلاث سنوات

  نضيف إلى محاور العلاج السابقة إمكانية تناول الطفل للطعام، فنلجأ إلى إعطاء الطفل أنواع الطعام التي تحتوي على نشا مثل البطاطس والأرز والمكرونة أو الحبوب.

تمنع تماما المشروبات الغازية، والعصائر، ومنتجات الألبان، والطعام ذو المحتوى العالي من الألياف، والمعجنات.

قد يحتاج الطفل في أول 4 ساعات من الإسهال البسيط إلى جرعة من أملاح تعويض السوائل؛ وتختلف الجرعة تبعًا لسن الطفل،حيث يحتاج الطفل أكبر من عامين إلى 125-250 ملليلتر مرة كل ساعة.

هل يمكن علاج الاسهال عند الاطفال بالاعشاب؟

رأينا أنواع مختلفة من الأدوية تمكننا من علاج الاسهال عند الاطفال، لكن ربما تبادر إلى أذهاننا سؤال بديهي، هل يمكن علاج الاسهال عند الاطفال بالاعشاب؟

هل كانت طرق الأمهات والجدات في علاج الاسهال عند الاطفال خاطئة؟ دعونا نرى.

أثبتت العديد من الدراسات فوائد بعض الأعشاب في تخفيف أعراض الإصابة وعلاج الاسهال عند الاطفال فنجد مثلا:

1) أوراق النعناع:

تحتوي أوراق النعناع على الكثير من مضادات البكتريا مما يجعلها فعالة في علاج الاسهال عند الاطفال؛ فهي تحد من حركة أمعاء الطفل وتنظم عملية الهضم، يمكن خلط حفنة من أوراق النعناع مع قليل من عسل النحل والليمون للحصول على علاج آمن وفعال. يُمنع استخدام هذا الخليط مع الأطفال أقل من عامين.

2)  جوزة الطيب:

 تستخدم هذه العشبة بعد خلطها بالماء لتصبح كالعجين في علاج الاسهال عند الاطفال ومنع نوبات الإسهال المتكررة.

3)  الزنجبيل:

يُعد الزنجبيل من الاختيارات الآمنة في علاج الاسهال عند الاطفال، يساعد الزنجبيل على علاج عسر الهضم والتخلص من البكتيريا المسببة للإسهال، كذلك يخفف من التقلصات ويعوض الجسم عما فقده من سوائل.

4)   الشاي الأسود:

  • يتميز الشاي الأسود بخصائصه المضادة للالتهاب، مما يجعله ذو فائدة في علاج الاسهال عند الاطفال.
  • يساعد حمض التانيك الموجود في الشاي الأسود على جعل أعراض الإسهال أقل ألمًا.
  • يمكن إضافة قطرات قليلة من عصير الليمون إلى خليط الشاي الأسود.

الإسهال وعدم تحمل اللاكتوز (lactose intolerance).

يعاني بعض الأطفال من حساسية تجاه السكر الموجود في منتجات الألبان، فلا يمكنهم هضم هذه المنتجات بصورة صحيحة مما يؤدي إلى حدوث إسهال.

تتفاقم هذه المشكلة مع التقدم في العمر؛ لأن الانزيمات التي تساعد في هضم اللاكتوز تبدأ فعاليتها في التقلص.

الإسهال و التسنين

يلاحظ كثير من الآباء وجود علاقة بين فترة بزوغ أسنان الطفل، و إصابته المتكررة بالإسهال، فما هي صحة هذه المعلومة؟

 لا يوجد دراسة جازمة بأن هناك علاقة بينها، لكن ذكرت بعض النظريات التي قد تفسر هذه الظاهرة:

  • يعاني الطفل أثناء فترة التسنين من ألم وتورم شديد باللثة، فيلجأ الطفل إلى عض الأشياء الصلبة التي يجدها أو إدخال العابه إلى فمه، تلك الألعاب التي يمكن أن تكون ملوثة ومحملة بكميات هائلة من البكتيريا فضلًا عن عدم اكتمال نمو الجهاز المناعي للطفل.
  • يصاحب فترة التسنين زيادة في كمية اللعاب التي تفرزها الغدد اللعابية عند الطفل، وعند بلع الطفل لهذه الكمية يحدث إثارة للقناة الهضمية، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالإسهال.

هل يمكننا وقاية أطفالنا من الإصابة بالإسهال؟

 تجنب إصابة أطفالنا بإسهال هو أمر متاح، كل ما علينا أن نمنع أسباب وقوعه من الأساس، فمثلا:

  • يوفر غسيل الأيدي جيدًا حماية لأطفالنا من الإسهال عن طريق التخلص من البكتيريا المسببة له.
  • الالتزام باللقاح المضاد للفيروسية العجلية (Rotavirus).
  • التأكد من نظافة وسلامة ما يتناوله الطفل أثناء السفر خاصة إلى البلاد النامية، ويُنصح بزيارة طبيب الطفل قبل السفر.

         وفيما يتعلق بوقاية أطفالنا من الإسهال أثناء السفر، دعونا نقرأ النصائح التي ذكرها طبيبنا:

       النصيحة الأولى: عدم استخدام مياه الحنفية للشرب أو غسيل الأسنان.

       النصيحة الثانية: عدم تناول الحليب غير المبستر وغير المعلب.

       النصيحة الثالثة: عدم تناول الطفل للخضروات والفاكهة إلا بعد أن تقوم الأم بغسلها وتقشيرها بنفسها.

       النصيحة الرابعة: عدم تناول اللحوم غير المطهية.

       النصيحة الخامسة: عدم شراء الأطعمة والخضروات من الباعة الجائلين.

وختاما عزيزي القارئ: نريدك أن تطمئن أن الإصابة بالإسهال أمر شائع بين أطفالنا، فلا تفزع واستمتع معهم في رحلة نموهم واكتشافهم للعالم مصطحبا معك الدليل الشامل لمعرفة علاج الاسهال عند الاطفال.

السابق
عمل بيتزا مارجريتا في المنزل.. كل أسرار عجينة البيتزا الهشة
التالي
طريقة محشي ورق العنب.. طاجن ورق العنب بالفراخ