الطب العام

سكري الحمل.. أسبابه وطرق تشخيصه، والوقاية والعلاج

بقلم د. أحمـد شكـري
سكري الحمل 1

مقدمة عن سكري الحمل

إذا كنتِ حاملًا في شهركِ السادس إلى السابع (الأسبوع 24 إلى 28) وأخبركِ الطبيب أن لديكِ مستويات عالية من السكر فى الدم أثناء حملك أو ما يسمى سكري الحمل (أو سكر الحمل)، فاطمئنى بدايةً فالأمر لا يعني أنكِ كنتِ مصابة بمرض السكر قبل الحمل، ولا يعني بالضرورة أنكِ سوف تعانين منه بعد الولادة أيضًا.

وتلك الحالة ليست نادرة.. فبحسب الإحصائيات يوجد من 2 إلى 10 بالمائة من النساء الحوامل فى بلد مثل أمريكا لديهن سكري الحمل.           

ونؤكد في أسرة وطب على أهمية الفحوصات الطبية خلال فترة الحمل مثل: متابعة قياس السكر وضغط الدم باستمرار، ليكتمل حملك بسلامة، لماذا؟ لأن سكري الحمل إذا لم يجري تشخيصه ثم علاجه والتحكم به بالشكل المناسب؛ فقد يجعلكِ أكثر عرضةً للإصابة بمرض السكر -من النوع الثاني- ( Type 2 Diabetes) مستقبلًا، كما أنه قد يعرض طفلكِ لخطر الإصابة بمرض السكر فيما بعد، ويجعلكما أكثر عرضةً للمضاعفات المصاحبة للحمل والولادة مثل: الولادة المبكرة وصعوبات في تنفس الطفل وزيادة وزنه عند الولادة أو ارتفاع ضغط الدم للأم أو تسمم الحمل، بالإضافة طبعًا لزيادة احتمال الولادة القيصرية أو ما يعرف بعُسر ولادة الكتف.


أعراض وتشخيص سكري الحمل: متى، وكيف؟

بدايةً.. يساهم استعدادكِ بشكل جيد قبل زيارة الطبيب في التشخيص السليم، والاستفادة القصوى من الزيارة، وللاستعداد الجيد ينبغي:
(1) الاستفسار عن الاحتياطات المطلوبة قبل موعدك، مثل: هل أنتِ بحاجة للصيام مثلًا أو شرب المزيد من الماء أو غيره من الإجراءات لتجهيزك للاختبارات التشخيصية.
(2) كتابة الأعراض التي تعانين منها، بما في ذلك تلك التي قد تبدو غير مرتبطة بسكري الحمل، وبصورة عامة يُفضل الاحتفاظ بسجل لأي شيء غير عادي قد تلاحظينه.
(3) كتابة المعلومات الهامة، مثل: التغييرات الأخيرة في نمط الحياة أو الضغوط التي تعانين منها، أو ما يتعلق بحملك أو طفلك السابق.
(4) تدوين جميع الأدوية التي تتناولينها بلا استثناء، بما في ذلك الفيتامينات أو المكملات الغذائية.
(5) اصطحاب الزوج أو أحد افراد العائلة أو الأصدقاء، فقد يتذكر المرافق لكِ ما قد يفوتكِ أو تنسينه.

وبالنسبة للأعراض.. فمن النادر حدوث أي أعراض مصاحبة لسكري الحمل، ولكن ربما تشعرين ببعض الأعراض الطفيفة مثل:

  •  الشعور بالإرهاق. 
  •  تشوش بالرؤية. 
  •  العطش بشكل ملحوظ.
  •  الحاجة المتكررة للتبول. 
  • وأحيانًا الشخير أثناء النوم. 

وعادةً ما يكون تشخيص سكري الحمل بين الأسبوع 24 و 28 من الحمل، ولكن قد تُجرى التحاليل الطبية لتحديد مستوى السكر في الدم قبل الأسبوع 13 إذا كنتِ مصابة بداء السكر مسبقًا أو لديكِ أحد هذه العوامل التي تجعلكِ أكثر عرضةً للإصابة بسكري الحمل مثل:

  • عمرك فوق ال25.
  • لديكِ ارتفاع فى ضغط الدم.
  • لدى عائلتك تاريخ مرضي مع داء السكر.
  • كنتِ تعانين من الوزن الزائد قبل الحمل.
  • زاد وزنك بشكل ملحوظ أثناء الحمل.
  • كنتِ حاملًا فى أكثر من طفل واحد.
  • سبق لكِ ولادة طفل زائد الوزن.
  • أُصبتِ بسكري الحمل من قبل.
  • حدث لكِ إجهاض سابق بدون سبب معلوم.
  • تتناولين دواءً يحتوي مادة الكورتيزون.
  • تعانين من متلازمة تكيس المبايض أو غيرها من الأمراض المتعلقة بمقاومة الإنسولين.
  • ولأسباب مبهمة فالنساء اللاتي لديهن أصول غير بيضاء (أفريقية أو أمريكية أو آسيوية أو أسبانية) أكثر عرضةً للإصابة بسكري الحمل أيضًا.
تشخيص سكر الحمل

أما عن كيفية تشخيص سكري الحمل وخطواته، فهي كالتالي:
1. قياس مستوى السكر فى الدم بعد 8 إلى 12 ساعة من الصوم عن الطعام.
2. بعد القياس تتناول الحامل شرابًا يحتوي 75جم من الجلوكوز الذائب.
3. قياس مستوى السكر فى الدم بعد ساعة ثم بعد ساعتين.
وتُشخص الإصابة إذا تجاوزت النتائج معدلات سكر الحمل الطبيعي كالآتي:

  • مستوى السكر بعد الصيام ≥ 92 مجم/دل.
  • مستوى السكر بعد تناول الجلوكوز بساعة ≥ 180 مجم/دل.
  • مستوى السكر بعد تناول الجلوكوز بساعتين ≥ 153 مجم/دل.

أسباب وعلاج سكري الحمل

لا يُعرف حتى الآن سبب محدد بدقة لسكري الحمل، ولكن من المحتمل أن يكون للهرمونات دورًا في الأمر؛ فأثناء الحمل ينتج الجسم كميات أكبر من بعض الهرمونات مثل: اللاكتوجين المشيمي (HPL)، وغيره من الهرمونات التي تزيد من مقاومة الإنسولين (أي تقلل من فعالية عمل الإنسولين).
وبرغم أهمية هذه الهرمونات في الحفاظ على المشيمة واستقرار الحمل، إلا أنها تزداد بمرور الوقت لتجعل جسمك مقاومًا للإنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم نسبة السكر في الدم بنقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا لتزويدها بالطاقة.
نتيجةً لذلك.. تبقى نسبة أكبر من الجلوكوز في الدم، لتنتقل إلى الطفل ليستفيد منها هو الآخر، ويظل الأمر طبيعيًا إلا إذا أصبحت مقاومة الإنسولين عالية بشدة، فحينئذٍ يرتفع مستوى الجلوكوز عن معدل سكر الحمل الطبيعي، مما يسبب ما يعرف بسكري الحمل.

أما عن العلاج.. في 80% إلى 90% من الحالات يكون سكري الحمل من النوع الأول (Class A1)، وفيه يكون العلاج فقط عن طريق:

  • متابعة نسبة السكر وتحديدًا قبل الأكل وبعده. 
  • النظام الغذائي الصحي المناسب، وسنتناول في نهاية المقال أهم النصائح المتعلقة به.
  • التمارين الرياضية المعتدلة.

إلا أنه في بعض الأحيان قد تحتاج الحامل لحقن الإنسولين أو العلاج الفموى للتحكم فى نسبة السكر حسب ما يرى الطبيب، وذلك في النوع الثاني من سكري الحمل (Class A2).

كيف تقين نفسك من سكري الحمل؟

بالرغم من عدم وجود احتياطات لتجنب سكري الحمل بشكل قاطع، إلا أن الاختيارات الصحية قبل وأثناء الحمل قد تقلل من فرص الإصابة به أو بداء السكر من النوع الثاني بشكل عام، ويشمل ذلك:

  • فقدان الوزن الزائد قبل الحمل:
    لا يوصي الأطباء بفقدان الوزن أثناء الحمل، ولكن إذا كنتِ تخططين للحمل، فقد يساعدكِ فقدان الوزن الزائد مُسبقًا على أن يكون حملك صحيًا وأكثر أمانًا.
  • ابقِ نشيطة دومًا:
    ما لم يوصِ الطبيب بغير ذلك، فيمكن أن تساعد التمارين البسيطة قبل وأثناء الحمل في حمايتك من الإصابة بسكري الحمل، ويكفيكِ مدة 30 دقيقة من النشاط المعتدل (مثل: نزهة يومية سريعة، أو ركوب الدراجة، أو السباحة) في معظم أيام الأسبوع.
    *إذا كنتِ لا تستطيعين ممارسة تمرين رياضي لمدة 30 دقيقة في يومك، فيمكنكِ إجراء تعديلات بسيطة في روتينك اليومي، مثل: النزول من الحافلة (الباص) قبل أن تصلي إلى وجهتك بمحطة واحدة، أو ركن السيارة أبعد قليلًا عن وجهتك.. كل خطوة تخطينها تزيد من فرصك للبقاء بصحة جيدة وكذلك الحصول على حمل صحي.
  • تناولي الطعام الصحي:
    يُوصى باختيار الأطعمة الغنية بالألياف وقليلة الدهون والسعرات الحرارية، وذلك بالتركيز على تناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، مع الحرص على التنوع لتحقيق أكبر استفادة غذائية مع التمتع بمذاقات مختلفة.
ماكولات تخفض سكر الحمل

وإذا لم يصف الطبيب الإنسولين كعلاج لكِ.. فإليكِ أهم النصائح المتعلقة بالنظام الغذائي الأفضل سواء للوقاية أو العلاج من سكري الحمل:

  • تناول المزيد من الفواكه الكاملة (وليست العصائر) والخضروات.
  • تناول كميات معتدلة من البروتينات (كما في اللحوم الخالية من الدهن والدجاج منزوع الجلد والأسماك والبيض، والألبان أو الزبادي منزوع أو قليل الدسم). 
  • تناول كميات معتدلة من الدهون الصحية (كما في الأسماك، والمكسرات بأنواعها وزيت الزيتون والأفوكادو وزبدة الفول السوداني).
  • تناول كميات معتدلة من الحبوب الكاملة مثل: الشوفان والشعير وخبز القمح الكامل والأرز البُنّي، بالإضافة إلى الخضروات النشوية مثل: الذرة والبازلاء.
  • بالطبع مع تناول كميات أقل من الأطعمة المحتوية على الكثير من السكر مثل: الحلويات والمشروبات الغازية وعصائر الفاكهة والمعجنات، وتجنبها قدر الإمكان.

وختامًا.. تُعد فترة الحمل بمثابة رحلة مع طفلك، تتولين فيها المسؤلية عنه بكل الحب، وفي أغلب حالات سكري الحمل يكون تغيير العادات اليومية والغذائية هو مفتاح الحل، ومما يعينكِ على تلك التغييرات تحفيز نفسكِ بتذكر أهميتها دومًا والفوائد طويلة المدى لكِ ولطفلك، مثل: الاستمتاع بصحة أفضل، والمزيد من الطاقة وتعزيز الثقة بالنفس، بالإضافة طبعًا لتمتعكِ بفترة حمل سليمة وصحية.

السابق
الحصبة عند الاطفال | أعراضها وكيفية الوِقاية منها
التالي
التطعيمات | كل ما يهمك عن تطعيمات الأطفال والحوامل