زراعة القوقعة وأمل فاقدي السمع في حياة أفضل

 بقلم د. مها محمد أبو غالية

أنعم الله علينا بنِعمٍ عديدة، ويسّر لنا استخدام هذه العطايا لننعم بأفضلِ حياة، وتُعد الحواس الخمسة وفي مقدمتها حاسة السمع من أهم سُبل التواصل الإنساني والتناغم المجتمعي، فنجد بعض رفقائنا من فاقدي السمع يعانون من مشكلة التواصل مع الآخرين؛ مما ينعكس على حالتهم النفسيةِ بالسلب، لكن العلم لم يلبُث أن يُخرج لنا حلًا وأملًا جديدًا، فيُطل علينا بما يُعرف بعملياتِ زراعة القوقعة، الأمر الذي قد يُحيي الأمل من جديد لدى كل من يهمه الأمر، فدعونا نتعرف على كل ما يخص عمليات زراعة القوقعة في هذا المقال مع أسرة وطب.   

ماذا تعني زراعة القوقعة Cochlear Implant؟

 يُقصد بمصطلح زراعة القوقعة وضع جهاز إلكتروني مُركب داخل الأُذن بطريقة جراحية لمساعدة فاقدي السمع على التواصل مع الأخرين وفهم ما يدور حولهم.

تهدف فكرة الزراعة إلى محاكاة حاسة السمع وتعويض الخلل في وظيفة الأُذن الباطنة، ويجب أن نوضح أن القوقعة المزروعة لا تُعالج فقدان السمع أو تُعوضه، لكنها تُساعد المريض على استقبال الأصوات كما سنوضح في الفقرات القادمة.

أجزاء جهاز القوقعة:

يتكون جهاز القوقعة من جزئين رئيسيين:

•  جزء خارجي ظاهر يضعه المريض خلف أُذنه.
•  جزء داخلي يُزرع جراحيًا تحت الجلد ويشمل:

1.  ميكروفون: مسئول عن التقاط الأصوات المختلفة المحيطة بالمريض.
2. معالج للصوت: مسؤول عن ترتيب الأصوات المُجمعة من الميكروفون.
3. جهاز مُستقبِل ومُرسل: مسئول عن تحويل الأصوات إلى نبضات كهربائية.
4. مجموعة من الأقطاب الكهربائية: مسئولة عن إرسال النبضات الكهربائية إلى الأجزاء المختلفة من العصب السمعي.

كيف يُساعد جهاز القوقعة ضِعاف السمع؟

تعتمد فكرة القوقعة على تجاوز الأجزاء المصابة أو العاطلة عن العمل من الأذن الباطنة، وإثارة العصب السمعي.

يلتقط الميكروفون المُثبت على الأُذن الأصوات المختلفة، ويقوم بإرسالها إلى معالج الأصوات لترتيبها، ثم يستقبلها الجهاز المسئول عن تحويل الصوت إلى نبضات كهربائية تصل مباشرةً إلى العصب السمعي ومنه إلى المخ الذي يستطيع ترجمة هذه النبضات إلى أصوات.

مراحل زراعة القوقعة:

1)- مرحلة ما قبل الجراحة:

يطلب الطبيب بعض الفحوصات الطبية لتقييم الحالة الصحية والعقلية للمريض بالإضافة لإجراء اختبارات السمع وفحص الجمجمة و التأكد من أن قرار زراعة القوقعة هو الخيار الأمثل.

2)- أثناء الجراحة:

يزرع الطبيب الجهاز عن طريق ثقب صغير خلف الأٌذن، ويكون المريض تحت تأثير التخدير الكُلي.

3)- بعد الجراحة:

يأتي دور اختصاصي السمعيات ليُفعل الجهاز المزروع وضبطه والتأكد من نجاح العملية، ثم إعطاء التعليمات للمريض عن كيفية الاستخدام السليم وكيفية العناية بالجهاز.

ماذا بعد ذلك؟

يحتاج المريض بعد إجراء الجراحة وتفعيل القوقعة إلى جلسات إعادة تأهيل يقوم بها الطبيب لتدريب المخ على استيعاب الأصوات الصادرة عن القوقعة، يَحصُل المريض على أقصى استفادة في فترة التأهيل عند ارتداء الجزء الخارجي للقوقعة طوال ساعات الاستيقاظ.

مضاعفات عملية زراعة القوقعة:

يُعد حدوث مضاعفات تابعة لعملية الزراعة أمر شديد الندرة، وقد يشمل:

• اضطراب في حاسة التذوق.
• طنين الأُذن.
• مشاكل في الاتزان.
• شلل بالوجه.
• دوار أو دوخة.
• نزيف.
• عدوى في مكان الجراحة.
• فقدان أي قدرة متبقية للسمع بطريقة طبيعية.
• التهاب في الأغشية المحيطة بالمخ والنخاع.
• فشل العملية وإعادة التدخل الجراحي.

أهمية زراعة القوقعة للمريض:

تُساعد عملية الزراعة على تحسين حياة المريض بنسبةٍ كبيرة، فمثلًا:

1. تساعد المريض في التواصل مع الآخرين مما ينعكس على صحته النفسية.
2. القدرة على الاستماع والفهم دون الحاجة إلى استخدام الطرق المرئية مثل قراءة الشفاه.
3. التعرف على الأصوات المختلفة من البيئة حوله بسهولة مثل صوت الطيور.
4. الاستماع إلى التلفاز و الموسيقى و التحدث عبر الهاتف.

بديل زراعة القوقعة:

تُعد زراعة القوقعة أحد بدائل علاج مشاكل فقدان السمع، فالطبيب هو المسئول عن تحديد العلاج المناسب بناءً على حالة المريض وسبب المشكلة:

1)- بدائل دوائية:

•  المضادات الحيوية ومضادات الفطريات إذا كان سبب عدم السمع هو عدوى الأُذن المزمنة.
• الأدوية الستيرويدية طويلة المدى في حالة الإصابة بمرض مناعي مثل فقدان السمع الثنائي المتزايد.
• أدوية علاج مرض التصلب اللويحي، إذا كان سبب فقدان السمع هو الإصابة بهذا المرض.

2)- بدائل جراحية:

• التدخل الجراحي لإزالة الأورام التي تؤثر على قدرة السمع.
• زرعات الأذن الوسطى: تُحول الزرعات الأصوات إلى اهتزازات تنقلها إلى الأذن الوسطى ثم الأذن الباطنة.
• زرعات سمعية في جذع المخ: تُحول الأصوات إلى إشارات تصل إلى المخ مباشرًا في حالة عدم وجود العصب السمعي.
• أنظمة السمع المثبتة بالعظم (Bone-anchored hearing systems):يُستخدم مع المرضى الذين يعانون من فقدان السمع في أذن واحدة، أو تعمل الأذن الباطنة بصورة طبيعية في إحدي الأُذنين. 

3)- بدائل تعويضية:

تضخيم الصوت باستخدام وسائل مساعدة مثل سماعات الأذن.

 الفرق بين  زراعة القوقعة و سماعات الأُذن.

زراعة القوقعة	سماعات الأُذن
– توُضع جراحيا بواسطة الطبيب ولا يمكن إزالتها. – تناسب المرضى فاقدي السمع تماما أو الذين يعانون من ضعفٍ شديد جدا في السمع. – تعمل عن طريق تحفيز العصب السمعي للمريض. – الصوت الذي يسمعه المريض لا يشبه الصوت الأصلي.	– يستطيع المريض وضعها وإزالتها كما يُحِب. – أكثر مُلائَمة للحالات المتوسطة. – تعمل على تضخيم الصوت. – الصوت الذي يسمعه المريض يشبه الصوت الأصلي.

انواع اجهزة زراعة القوقعة:

تتوفر ثلاثة أنواع من أجهزة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية حاصلة على موافقة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

• The Nucleus 22-channel cochlear implant

يُعد هذا الجهاز أول جهاز يحصل على موافقة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، وهو الأكثر استخدامًا مع الأطفال والبالغين على حدٍ سواء.

• Clarion multichannel cochlear implant system

بدأ استخدام هذا الجهاز منذ عام 1996 للبالغين ثم بدأ استخدامه للأطفال عام 1997.

• MED-EL Combi 40+ cochlear implant 

يتميز هذا الجهاز بأنه أقل سُمكًا من الأجهزة الأخرى المتوفرة بالأسواق.

اماكن زراعة القوقعة فى مصر:

تُجرَى عمليات زراعة القوقعة في العديد من المستشفيات الحكومية والخاصة، كما تعاقد التأمين الصحي مع خمس جمعيات أهلية لتنفيذ عمليات زراعة القوقعة مثل:

جمعية مصر الخير، وجمعية رسالة، وبنك الشفاء، ومصطفي محمود، وواحد من الناس.

وكذلك مجموعة من المستشفيات الحكومية مثل: 

1. مستشفى بهتيم للجراحات التخصصية مجانًا برعاية التأمين الصحي.
2. المستشفى التابعة لكلية الطب جامعة عين شمس.
3. مركز زراعة القوقعة التابع لمستشفى سموحة الجامعي.
4. المعهد القومي للسمع والكلام.
5. مستشفى الطلبة.
6. مستشفى جامعة المنصورة الطبية.
7. مستشفى وادي النيل (مستشفى خاص).

تكلفة زراعة القوقعة في مصر 2020:

تتكلف عملية زراعة القوقعة مبلغًا كبيرًا نظرًا لحساسية الجراحة بالإضافة إلى ارتفاع سعر الجهاز و احتياج المريض إلى جلسات التأهيل بعد تركيبها.

تحتاج عملية الزراعة إلى مبلغ يتراوح من 160 ألف جنيه مصري إلى 200 ألف جنيه مصري.

دواعي زراعة القوقعة:

هل تلائم زراعة القوقعة جميع المرضى؟ سنتعرف في هذه الفقرة على شروط زراعة القوقعة:

1. فقدان السمع الشديد لدرجة تتعارض مع قدرة المريض على الكلام.
2. عدم الاستفادة من الوسائل التعويضية الأخرى مثل السماعات بأنواعها المختلفة.
3. عدم وجود أي موانع طبية تتعارض مع عملية الزراعة.
4. الاستعداد لخوض تجربة زراعة القوقعة وإعادة التأهيل.
5. عدم المبالغة في التوقعات في ما يخص نتيجة زراعة القوقعة.

ختاما قارئنا الكريم: ندعوك للتحلي بالتفاؤل فلم يعد فقدان السمع مشكلة لا حل لها خاصةً بعد ظهور جراحة زراعة القوقعة، فلتتخير من البدائل ما هو ملائمًا لك بعد استشارة الطبيب، ولنفرح بما أنجزه العلم في هذا المجال، ولننفض عنا وهم العَجز أو أن مريض فقد السمع لا يستطيع المشاركة في بناء مجتمعه و الاستمتاع بحياته.