بقلم د . لميـاء سـعد غريـب
يتردد كثيرا مصطلح تكيس المبايض لدى البنات والسيدات، وغالبا ما نسمعه في عيادات أطباء النساء والتوليد، وتتساءل العديد من النساء عن طبيعة هذا المرض وتأثيره، وكيفية علاجه .
دعونا في أسرة وطب نلقي الضوء على هذا المرض الشائع وكل ما يتعلق به من أعراض، ومضاعفات، وكيفية التشخيص والعلاج، ونتعرف سويا على تكيس المبايض عند البنات، وعلاقة تكيس المبايض والحمل.
ماذا يعني مصطلح تكيس المبايض؟
تكيس المبايض (Polycystic Ovaries) أو (PCOs) هو اضطراب هرموني يصيب بعض النساء في سن الإنجاب ويؤدي إلى مجموعة من الأعراض المزعجة كعدم انتظام الدورة الشهرية، وتأثر خصوبة المرأة، بجانب تكوُّن عدد من الحويصلات المملوءة بالسائل على سطح المبيض، وفشل المبيض في إخراج البويضات بشكل منتظم.
في الحالة الطبيعية تنتج المبايض هرمونات تلعب دورا في الدورة الشهرية للمرأة، وهما هرمون الأنوثة (الإستروجين) وقليل من هرمونات الذكورة (الأندروجين).
في الحالة المصابة بالتكيس تكون الهرمونات غير متوازنة، إذ يقل مستوى الإستروجين ويزيد مستوى الأندروجين عن المعدل الطبيعي.
ما هي أسباب تكيس المبايض؟
لا يوجد سبب معروف للإصابة بتكيسات المبايض، ومع ذلك يُرجِع الأطباء الأمر لزيادة مستوى هرمونات الذكورة (الأندروجين) عن المعدل الطبيعي؛ مما يؤدي إلى فشل المبيض في التبويض، وفي إنتاج الهرمونات بشكل طبيعي.
وترتبط زيادة مستوى هرمونات الذكورة بعدة عوامل وهي:
- التاريخ العائلي: إذ أثبتت الأبحاث والدراسات أن تكيس المبايض مرتبط بوجود عدة جينات متوارثة في العائلة الواحدة.
- مقاومة الأنسولين: بمعنى عدم قدرة خلايا الجسم على استخدام الأنسولين المفرز من غدة البنكرياس لحرق الجلوكوز وتحويله إلى طاقة، مما يؤدي إلى زيادة مستوى الجلوكوز بالدم، وبالتالي تفرز غدة البنكرياس المزيد من الأنسولين، يحفز الأنسولين الزائد عن الحد المبايض لإنتاج هرمونات الذكورة.
- السمنة: إذ أنها العامل الرئيسي المتسبب في مقاومة الأنسولين، وتجدر الإشارة إلى أن السمنة مع مقاومة الأنسولين تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
- الالتهابات: تصبح النساء اللاتي يعانين من السمنة أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات، والتي بدورها تساهم في زيادة مستوى هرمونات الذكورة.
أعراض تكيس المبايض
هناك العديد من الأعراض التي تعد مؤشر للإصابة بمرض تكيس المبايض، لذلك تنصح أسرة وطب بالتوجه إلى الطبيب المختص عند ظهور أي من الأعراض التالية:
- عدم انتظام الدورة الشهرية، أو انقطاع الدورة الشهرية لعدة أشهر.
- انخفاض معدل الخصوبة؛ بسبب فشل المبيض في إخراج البويضات.
- زيادة الوزن وتراكم الدهون وخاصة في النصف العلوي من الجسم، وفي البطن.
- ظهور حبوب على البشرة، أو ما يعرف بحَب الشباب.
- نمو شعر الجسم في أماكن غير مرغوب بها، وهو ما يعرف ب (Hirsutism)، كمناطق الوجه والذقن والصدر والبطن والذراعين.
- تساقط شعر الرأس، وأحيانا تعاني المرأة المصابة من الصلع.
- ظهور بقع داكنة وسُمك في الجلد، خاصة عند الرقبة والإبطين.
ما هي المضاعفات المحتملة لمرض تكيس المبايض؟
يؤدي ارتفاع مستوى هرمونات الأندروجين لدى النساء المصابات بالتكيس إلى عدة مضاعفات، وفيما يلي بيان لأهم الآثار المترتبة على تكيسات المبيض:
- العقم: ترتبط خصوبة المرأة ارتباط مباشر بعملية التبويض، وفي حالة وجود التكيسات يفشل المبيض في إخراج البويضات اللازمة للتلقيح وحدوث الحمل.
- المتلازمة الأيضية أو (Metabolic syndrome): وهي مجموعة من الحالات الصحية المرتبط حدوثها ببعضها البعض، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري من النوع الثاني، والسكتة الدماغية، هذه الحالات هى: السمنة حيث تمثل نسبة 80% من النساء المصابات بتكيسات المبيض، وارتفاع السكر بالدم، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكوليسترول الضار (LDL) مع انخفاض نسبة الكوليسترول الجيد (HDL).
- انقطاع التنفس أثناء النوم: أي توقف التنفس لعدة مرات أثناء الليل، مما يسبب اضطرابات في النوم، وتكون النساء البدينات أكثر عُرضة للإصابة بهذه الحالة.
- الإصابة بسرطان بطانة الرحم: في الحالات الطبيعية تتكون وتُبنى بطانة الرحم مع التبويض، وتُطرَد مع الطمث، لذا في حالة عدم حدوث التبويض وعدم طرد بطانة الرحم مع الدورة الشهرية، فإنها تتراكم وتزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
- الاكتئاب: ويرجع ذلك إلى تغير مستوى الهرمونات مع ظهور بعض الأعراض الغير مرغوب بها، مثل زيادة نمو الشعر في منطقة الوجه وبعض أجزاء الجسم.
تشخيص تكيس المبايض
إذا كنتِ تُعانين من أحد أو بعض الأعراض السابق ذكرها، يجب عليكِ استشارة طبيب النساء والتوليد فورا، وذلك لاحتمالية إصابتِك بتكيسات المبيض.
يجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك اختبار محدد يُشخص المرض، ولكن تخضع المريضة لعدة اختبارات معملية وموجات فوق صوتية للتشخيص، إلى جانب الفحص السريري.
- سوف يقوم طبيبِك بسؤالك عن تاريخك المرضي، ومناقشة بعض التغيرات والأعراض التي ظهرت عليكِ، كاضطراب الدورة الشهرية، وزيادة الوزن.
- ثم يأتي دور الفحص البدني أو ما يُسمى بالفحص السريري، وهنا يفحص الطبيب البشرة للتأكد من وجود حَب الشباب والشعر الزائد.
- قد يحتاج الطبيب فحص الحوض عن طريق المهبل، وذلك للنساء المتزوجات فقط، للتأكد من وجود أي علامات غير طبيعية.
- اختبارات الدم، لقياس مستوى الهرمونات، بالإضافة إلى قياس نسبة السكر والدهون والكوليسترول بالدم.
- الفحص بجهاز الموجات فوق الصوتية، أو ما يُعرف بجهاز السونار، ويمكن من خلاله قياس حجم المبايض الذي يزداد وفي بعض الأحيان يتضاعف عن حجمه الطبيعي في حالة الإصابة بالتكيس، كذلك يمكن التأكد من وجود الحويصلات الصغيرة على سطح المبيض، إلى جانب التحقق من كثافة بطانة الرحم.
ما هو علاج تكيس المبايض ؟
يعتمد علاج تكيس المبايض بالأساس على علاج الأعراض المصاحبة له، ويعتمد أيضا على الهدف المراد من العلاج حسب كل مريضة.
هناك من تهتم بتنظيم الدورة الشهرية في المقام الأول، وهناك من تريد زيادة فرصتها للإنجاب.
في ما يلي سرد مُجَمع لأهم خيارات العلاج التي سوف يطرحها عليكِ طبيبك.
1- تغيير نمط الحياة:
وذلك باتباع نظام غذائي صحي، وفقدان الوزن وممارسة التمرينات الرياضية المعتدلة، إذ أن فقدان 5% فقط من وزن الجسم يؤدي إلى تحسن ملحوظ للحالة.
يجب أن يحتوي طعامِك اليومي على كمية من الخضروات والفاكهة والبروتينات، وقليل من النشويات والسكريات.
2- العلاج الدوائي:
يمكن علاج تكيس المبايض بالأدوية التالية حسب نصيحة طبيبِك المختص:
- أقراص منع الحمل لتنظيم الدورة الشهرية وعلاج حَب الشباب.
- كلوميفين لتحفيز المبيض لإخراج البويضات شهريا، وزيادة فرص الحمل.
- ميتفورمين، وذلك لتقليل مقاومة الأنسولين في الجسم وتقليل نسبة السكر بالدم.
- إيفلورنيثين كريم لتقليل نمو الشعر الزائد.
- أدوية مثبطة لهرمونات الذكورة.
3- التخلص من الشعر الزائد:
يشمل علاج تكيس المبايض التخلص من الشعر الزائد الغير مرغوب به.
يمكن تقليل نمو الشعر الزائد عن طريق حبوب منع الحمل، والأدوية المثبطة للأندروجين، وبعض الكريمات الطبية مثل الإيفلورنيثين كما ذكرنا من قبل.
ويمكن أيضا التخلص منه نهائيا عن طريق المعالجة بالليزر.
4- العلاج الجراحي:
يعتمد علاج تكيس المبايض جراحيًا على إجراء جراحي بسيط نادرا ما يلجأ إليه الأطباء، وهو كي المبيض عن طريق المنظار لتقليل مستوى الأندروجين وتحسين الخصوبة.
تكيس المبايض والحمل
يسبب تكيس المبايض عدم انتظام أو انقطاع الدورة الشهرية عند المرأة، بالإضافة إلى فشل المبيض في التبويض كما ذكرنا من قبل، ويؤدي ذلك إلى تقليل الخصوبة والعقم في حوالي 80% من السيدات المصابات بتكيسات المبيض.
ليس ذلك فقط، ولكن أيضا تكيس المبايض والحمل يؤدي إلى عدة مضاعفات للسيدة الحامل مثل الولادة المبكرة، والإجهاض، وارتفاع ضغط الدم، وظهور سكر الحمل.
ما الحل؟ يمكن معالجة العقم عن طريق بعض الأدوية التي تحفز المبيض لإخراج البويضات اللازمة للتلقيح وحدوث الحمل، بالإضافة إلى إنقاص الوزن وتقليل نسبة السكر بالدم للحصول على حمل صحي.
تكيس المبايض عند البنات
يعد تكيس المبايض عند البنات الغير متزوجات من أكثر الأمراض إزعاجا، إذ تعاني البنت من زيادة نمو شعر الجسم، وظهور حَب الشباب، وزيادة الوزن، وتصبغات الجلد، وكلها أعراض غير مرغوب بها وغير محببة للبنات بصفة خاصة.
تساؤلات حول تكيس المبايض
هل يمكن الوقاية من مرض تكيسات المبيض؟
ليس هناك طريقة للوقاية بشكل تام، ولكن يمكن الحد من مضاعفاته عن طريق التغذية السليمة، والمحافظة على الوزن، وممارسة بعض التمرينات الرياضية البسيطة.
هل يوجد أنواع لتكيسات المبيض؟
لا يوجد أنواع مختلفة لهذا المرض، ولكن تتفاوت الأعراض بين امرأة وأخرى.
هل يمكن الحمل مع وجود تكيس بالمبيض؟
مع العلاج والمتابعة المستمرة مع الطبيب يمكن لمعظم النساء المصابات بالتكيس الحمل.
هل هناك نصائح للبنات والسيدات المصابات بمتلازمة تكيس المبايض؟
بالتأكيد يوجد عدة نصائح جمعتها لكِ أسرة وطب كالتالي:
- المحافظة على الوزن.
- اتباع نظام غذائي متوازن قليل النشويات والسكريات، وغني بالبروتينات والفيتامينات.
- ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام.
- الإقلاع عن التدخين.
- الحد من شرب الكافيين الموجود في مختلَف أنواع القهوة.
- المتابعة مع الطبيب، وتناول الأدوية بانتظام.
نصيحة أخيرة، عند ملاحظة أي علامة من العلامات السابق ذكرها، يجب عليكِ التوجه إلى الطبيب والالتزام بالعلاج والإرشادات التي يقررها طبيبِك المُعالج، ويُرجى التخلص من القلق والخوف والتوتر، لأن لكل داءٍ دواء.
شرح جميل جدا يا د لميا
بالتوفيق دايما
مستنيين مواضيع تانيه
شكرا رحاب..يا رب دايما أفيد الناس