الطب العام

تصلب الشرايين.. الأعراض وعوامل الخطر والعلاج

 بقلم د. شيرين حسن
تصلب الشرايين

ينتمي مرض تصلب الشرايين للأمراض المميزة للعصر الحديث، بما يتعلق به من أنماط غذائية وسلوكية مختلفة قد تكون ذات ضرر إلى حد كبير.

ولعلك تتساءل ما هو تصلب الشرايين؟

لتعرف المقصود بمرض تصلب الشرايين يجب عليك أولًا أن تعرف ما هي الشرايين.

الشرايين هي الأوعية الدموية التي تحمل الدم المُحمّل بالأكسجين وتقوم بإيصاله إلى جميع أجزاء الجسم، وتتميز جدرانها بالمرونة الكافية لتسمح لها بالتمدد أثناء اندفاع الدم خلالها.

 ولكن ما هي الأسباب المؤدية إلى تصلب الشرايين؟

عندما تترسب وتتراكم المواد الشحمية والدُهنية المتأكسدة والكوليسترول على جدران الشرايين؛ تصبح جدرانها أقل مرونةٍ وأكثر صلابةً، ويحدث في هذه الحالة تصلب الشرايين؛ مما يحُدُّ من تدفق الدم إلى أعضاء الجسم. 

يمكن أن يحدث هذا في أي شريانٍ في الجسم، بما في ذلك شرايين القلب والمخ والذراعين والساقين والحوض والكلى وغيرها؛ مما قد يؤدي إلى أمراض عديدةٍ مثل أمراض القلب التاجية والذبحات الصدرية وغيرها من المشكلات الصحية الخطيرة أو حتى الموت.

 ولا يُعرف السبب الدقيق المؤدي إلى حدوث تصلب الشرايين؛ إذ أظهرت الدراسات أنه مرض بطيء ومعقد قد يبدأ في مرحلة الطفولة ويتطور بشكل أسرع مع تقدم العمر.

اعراض تصلب الشرايين

في بداية المرض قد لا تظهر الأعراض، ولكن مع تقدم عملية تصلب الشرايين يحدث أحيانًا تمزقٌ في طبقة الرواسب، وينسد الشريان انسدادًا كاملًا، مما يؤدي لعدم وصول الدم إلى مناطق معينةٍ بالجسم، مما قد ينتج عنه ظهور أعراض حادة مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

الأعراض:

لا يسبب تصلب الشرايين عادة أي علاماتٍ أو أعراض حتى يضيق الشريان بشدة أو يُمنع تدفق الدم تمامًا، وقد تظهر بعض الأعراض عند تصلب شرايين معينة بالجسم مثل:

شرايين القلب: 

تظهر أعراض تصلب شرايين القلب على هيئة ألمٍ أو ضغطٍ في الصدر (الذبحة الصدرية).

شرايين المخ:

قد تظهر أعراض كالخدر والتنميل المفاجئ، أو ضعفٍ في الذراعين أو الساقين، وصعوبةٌ في الكلام، وفقدان مؤقت للرؤية في عين واحدة، أو ارتخاء في عضلات الوجه، وقد تكون هذه الأعراض إشارة إلى حدوث ما يسمى بالسكتة الدماغية الصغرى، والتي قد تتطور إلى السكتة الدماغية.

أما إذا حدث تصلب الشرايين في الذراعين والساقين: قد تكون الأعراض على هيئة ألم في الساق يظهر عند المشي.

وعند تصلب الشرايين المؤدية إلى الكليتين: قد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم أو الفشل الكلوي.

مضاعفات خطيرة تحدث نتيجة تصلب الشرايين:

تصلب الشرايين التاجية قد يؤدي إلى أزمةٍ قلبيةٍ أو قصورٍفي القلب.

أما تصلب الشريان السُباتي قد يتسبب في السكتة الدماغية.

 وعند تصلب الشرايين الطرفية قد يتطورالأمر إلى موت الأنسجة وهو ما يُسمى بالغرغرينا.

ومن ضمن المضاعفات أيضًا تمدد وانفجار الأوعية الدموية في أي مكان في الجسم، بالإضافة إلى مرض الكُلى المزمن.

عوامل الخطورة:

يقصد بعامل الخطورة لمرض تصلب الشرايين هو العامل الذي تزيد في وجوده نسبة حدوث تصلب الشرايين إلى ضعفين أو أكثر، وأكثر هذه العوامل شيوعا: 

  • ارتفاع ضغط الدم حيث يتسبب في ضعف الشرايين في أجزاء معينة، وبالتالي تصبح أكثر قابليةً لتراكم الكوليسترول والدهون على البطانة الداخلية لها. 
  • ارتفاع مستويات الكوليسترول وهو مادةٌ دهنيةٌ يصنعها الجسم، وكذلك توجد في العديد من الأطعمة، ويؤدي ارتفاع نسبتها في الدم عن حاجة الجسم الطبيعية إلى ترسبها على جدران الشرايين وبالتالي انسدادها، مما يعيق سريان الدم خلال الشرايين ويعوق وصوله إلى القلب وأعضاء الجسم المختلفة.
  •  التقدم في العمر، حيث لوحظ أنه مع تقدم عمر الإنسان يصبح من الصعب على القلب والأوعية الدموية ضخ الدم بصورةٍ كافية، وهذا يؤدي إلى ضعف الشرايين وقلة مرونتها مقارنةً بما كانت عليه من قبل وبالتالي تصبح الطبقة الداخلية أكثر قابليةً لتراكم الدهون.
  •  مقاومة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين أو الإصابة بمرض السكري
  • زيادة الوزن والسمنة.
  • تدخين التبغ بكل أشكاله.
  •  ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في الدم. 
  • وجود التهابات بالجسم، كما هو الحال عند وجود بعض الأمراض المزمنة التي تُسبّب الالتهاب، مثل التهاب المفاصل والذئبة الحمراء والالتهابات غير معروفة السبب.

الوقاية من تصلب الشرايين

 يمكن منع تطور تصلب الشرايين عن طريق الحرص على اتباع نمط حياة صحي:

اتباع نظام غذائي صحي خالٍ من الدهون المشبعة والكوليسترول.

تناول الوجبات الغنية بالفاكهة والخضروات.

 ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة على الأقل يوميًا.

التوقف عن التدخين تمامًا.

الحرص على ضبط معدل ضغط الدم.

ضبط مستوى الجلوكوز في الدم.

التشخيص:

الفحص البدني بواسطة السماعة حيث يمكن ملاحظة ما يلي:

  1. ضعف أو انقطاع النبض تحت المنطقة الضيقة من الشريان.
  2. انخفاض ضغط الدم في أحد الأطراف المصابة بتصلب الشرايين.
  3. سماع لغط أو صفير فوق الشرايين المتصلبة.

ثم وفقًا لنتيجة الفحص البدني، قد يقترح طبيبك إجراء اختبار أو أكثر ضمن الاختبارات التشخيصية التالية:

  • تحليل الدم:

يمكن اكتشاف ارتفاع مستويات الكوليسترول والسكر في الدم، والتي تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بتصلب الشرايين.

ويجب الامتناع عن تناول الطعام أو الشراب باستثناء المياه لمدة تتراوح ما بين 9 إلى 12 ساعة قبل إجراء اختبار الدم.

  • التخطيط فوق الصوتي (دوبلر) لقياس مستوى ضغط الدم في عدة نقاط بطول الذراع أو الساق:

 وتساعد هذه القياسات الطبيب في قياس درجة الانسداد، وأيضا تعيين سرعة تدفق الدم في الشرايين.

  • مؤشر الضغط الكاحلي العضدي:

ويقصد به مقارنة  مستوى ضغط الدم في الكاحل ومستوى ضغط الدم في الذراع لمعرفة ما إذا كان الشخص مصابًا بتصلب الشرايين في الساقين والقدمين.

  •  تخطيط كهربية القلب (ECG)

يسجل جهاز تخطيط كهربية القلب الإشارات الكهربائية عند انتقالها في جميع أنحاء القلب، ويشير تخطيط كهربية القلب في الغالب إلى الإصابة بنوبةٍ قلبيةٍ سابقة إذا كانت العلامات والأعراض تحدث عادةً في أثناء ممارسة الرياضة مثل المشي على جهاز سير أو ركوب دراجة ثابتة خلال قياس تخطيط كهربائية القلب.

  • اختبار الإجهاد:

 يستخدم اختبار الإجهاد لجمع المعلومات المتعلقة بمدى الجودة التي يعمل بها القلب أثناء ممارسة النشاط البدني، ويفُضل أن يؤدَّى أثناء ممارسة التمارين، مثل السير على جهاز المشي أو ركوب دراجة ثابتة بينما يُراقَب إيقاع ضربات القلب وضغط الدم والتنفس، لأن التمارين تجعل القلب يضخ الدم بقوة أكثر وبسرعة أكبر مما يحدث بالفعل أثناء ممارسة معظم الأنشطة اليومية، فيؤدي ذلك إلى اكتشاف أي مشكلة بالقلب.

  • القسطرة القلبية:

 يبين هذا الاختبار انسداد الشرايين التاجية حيث تُحقن شرايين القلب بصبغة سائلة عبر أنبوب طويل ورفيع يُسمى القسطرة، يمر عبر أحد الشرايين (عادةً تكون في الساق)إلى الشرايين الموجودة بالقلب، عندما تمتلئ الشرايين بالصبغة يمكن رؤيتها بواسطة الأشعة السينية؛ مما يكشف مناطق الانسداد.

  • اختبارات التصوير الأخرى مثل الموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، وتظهِر هذه الاختبارات في كثير من الأحيان تصلب الشرايين الكبيرة وضيقها، وكذلك تمددات الأوعية الدموية وترسبات الكالسيوم على جدار الشريان.

علاج تصلب الشرايين:

1)أدوية خفض الكوليسترول: 

 الستاتينات (Statins): تعمل على خفض الكوليسترول الضار وترفع الكوليسترول النافع، وتساعد على التقليل من الدهون الثلاثية.

 الفايبرات ( Fibrates): تؤثر في الدهون الثلاثية فتخفّض من مستواها.

 ايزيتيمايب ( Ezetimibe): يؤثر في الأمعاء الدقيقة فيمنع امتصاص الكوليسترول منها، وبالتالي يخفّض من مستواه.

 النياسين (Niacin): إذا أُخذ بكميات كبيرة فإنّه يقلل من مستوى الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، ويرفع الكوليسترول النافع.

2)علاج عوامل الخطورة:

 قد يبطئ العلاج تطور تصلب الشرايين ومضاعفاته ويشمل:

  • الإقلاع عن تدخين التبغ بكل أشكاله.
  • ضبط مستويات ضغط الدم والسكري.
  •  خفض نسبة الدهون في الدم، وخاصة الكوليسترول، وجدير بالذكر أنه يمكن علاج الدهون الثلاثية والكلسترول وتصلب الشرايين خلال اسبوعين؛إذا كانت الزيادة في معدلات الكوليسترول والدهون الثلاثية بسيطة ويمكن في هذه الحالة خفض نسبتها باتباع نظام غذائي صحي.
  • إعطاء فيتامينات حمض الفوليك و فيتامين B6 وفيتامين B12 للمرضى الذين يعانون من مستويات عالية من الحمض الأميني هوموسيستيين في الدم.

3)الجراحة:

إذا لم تنجح الطرق السابقة في خفض مستوى الكوليسترول أو كانت الأعراض خطيرة؛ يمكن اللجوء للتدخل الجراحي لإزالة الانسداد وتجلط الدم إن وجد، ومن العمليات الجراحية التي يمكن إجراؤها لعلاج تصلب الشرايين؛ رأب الوعاء (Angioplasty)، واستئصال بطانة الشريان Endarterectomy) والجراحة الالتفافية Bypass surgery).

السابق
علاج الكحة عند الاطفال.. متى تلجأ للطبيب
التالي
اسباب انسداد الانف وطرق الوقاية والعلاج