الفطر الاسود! كلمة ترددت على مسامعنا مؤخرًا بعد انتشار نوع من العدوى بين بعض المرضى الذين تم شفاؤهم من فيروس كورونا، وانتشر الذعر والخوف من كوننا على مشارف ظهور مرض جديد!
فما خطورة هذا المرض؟ وكيف ينتقل للإنسان؟ وهل يجب علينا الخوف من انتقاله إلينا؟ تعالوا لنتعرف على ذلك وكيف يمكننا تجنبه.
ما هو الفطر الاسود
يُعد الفطر الأسود أو ما يُعرف بـ (Mucormucosis) أو (zygomycosis) عدوى فطرية تسببها مجموعة من الفطريات تُسمى (mucormycetes)، كما تُعد العدوى نادرة الحدوث لكنها خطيرة.
يعيش الفطر المسؤول عن العدوى بشكل طبيعي في التربة، وعلى المواد العضوية مثل الأوراق والخشب المتعفن، وهو يختلف عن فطريات اللسان.
تحدث العدوى عند استنشاق أبواغ الفطر من البيئة المحيطة، ودخولها إلى الرئتين والجيوب الأنفية، كما قد تصيب الجلد عند دخول الفطر لطبقات الجلد خلال الحروق والجروح.
يتمكن الفطر من إصابة المرضى ضعيفي المناعة نتيجة تعاطيهم أدوية تضعف مناعتهم، وتجعل قدرة أجسامهم على مواجهة العدوى والجراثيم ضعيفة، وهذا يجعلهم أكثر عرضة للإصابة.
الفطر الاسود اسبابه وكيفية حدوثه
تنشأ عدوى الفطر الأسود نتيجة التعرض لأبواغ الفطر والتي توجد في:
- الأوراق.
- أكوام السماد العضوي.
- الخشب المتعفن.
- التربة.
يوجد الفطر بشكل طبيعي في البيئة من حولنا، لكنه لا يصيب كل الأشخاص، بل هناك بعض العوامل التي تزيد من فرص الإصابة، ومنها:
- مرضى الإيدز.
- المصابون بالسرطان.
- الإصابة بحروق وجروح بالجلد.
- حالات زراعة الأعضاء.
- مرضى السكري.
- الخارجون من العمليات الجراحية.
أنواع عدوى الفطر الاسود
يختلف نوع الإصابة والأعراض طبقا لموضع العدوى فما هو نوع العدوى؟
تنقسم العدوى إلى عدة أنواع وفقًا لمكان انتشار الفطر في الجسم إلى:
- عدوى الفطر الأسود للجيوب الأنفية والدماغ: وتحدث نتيجة إصابة الفطر للجيوب الأنفية، ومنها إلى الدماغ، ويكثر انتشارها بين مرضى السكري غير المنضبط، وحالات زراعة الكلى.
- العدوى الرئوية: النوع الأكثر انتشارًا بين مرضى السرطان، ومرضى زراعة الكلى وزراعة الخلايا الجذعية.
- عدوى الفطر الأسود للجهاز الهضمي: يشيع حدوثها بين الأطفال أكثر من الكبار، خاصةً الأطفال صغار السن تحت عمر الشهر، نتيجة استخدام مضادات حيوية أو خضوعهم لجراحة. ليس هذا وحسب، بل قد تؤدي إصابتهم بضعف المناعة إلى تقليل قدرتهم على مواجهة الجراثيم والبكتيريا والإصابة بالعدوى.
- عدوى الفطر الأسود الجلدية: تحدث نتيجة اختراق الفطر للجلد بسبب مشكلة جلدية كحروق أو جروح أو غيرها، وتُعد الأكثر شيوعًا بين الأشخاص ذي المناعة الضعيفة.
- عدوى الفطر الأسود المنتشرة: ينتشر فيها الفطر خلال مجرى الدم ليصل لأجزاء آخرى بالجسم. يصيب هذا النوع من العدوى الدماغ بشكل أكبر وربما يصيب الطحال والقلب والجلد.
اعراض الفطر الاسود
تختلف اعراض الفطر الاسود تبعًا لمكان نمو الفطر في الجسم، وتنقسم إلى:
- أعراض في الجيوب الأنفية والدماغ تتمثل في:
- انتفاخ أحد جوانب الوجه.
- صداع.
- احتقان الأنف أو الجيوب الأنفية.
- افرازات سوداء في منطقة جسر الأنف أو أعلى الفم.
- الحمى.
- أعراض رئوية تتمثل في:
- الحمى.
- كحة.
- ألم في الصدر.
- ضيق في التنفس.
- أعراض جلدية تظهر على منطقة الجلد المصاب وتظهر في صورة :
- قرح أو بثور.
- قد تكون مصحوبة بألم.
- احمرار شديد.
- انتفاخ حول الجروح.
- أعراض الإصابة بالجهاز الهضمي مثل:
- آلام البطن.
- قيء وغثيان.
- نزيف في القناة الهضمية.
- العدوى المنتشرة في الدم:
تنتشر بين المرضى المصابين بمشاكل صحية أُخرى، من الصعب التعرف عليها أو ربطها بالفطر الأسود نتيجة لتداخل الأعراض.
الفطر الاسود في الهند
انتشر مؤخرًا بعض حالات الفطر الأسود في الهند، إذ أبلغ الأطباء عن ظهور آلاف الحالات المصابة بالفطر الاسود، كان أغلبها في مرضى السكري المتعافين حديثًا من فيروس كورونا المستجد.
تحدث العدوى نتيجة ضعف الجهاز المناعي الذي ينتج عن مجابهة فيروس كورونا، مما أتاح الفرصة لعدوى الفطر الأسود بالظهور.
كذلك تسبب استخدام الكورتيكوستيرويدات (corticosteroids) لعلاج مرضى كورونا في رفع مستوى جلوكوز الدم، كما أن له تأثير مثبط للمناعة (immunosupressive).
هل يجتاح الفطر الاسود مصر؟
لم تُبلغ وزارة الصحة المصرية عن أي حالات مصابة بالفطر الأسود في مصر، وفي المقابل جهزت الوزارة أول غرفة عزل في مستشفى النجيلة تحسبًا لظهور أي إصابة بالفطر، وهي لم تستقبل حالات حتى الآن.
وأكدت الصحة على خطورة عدوى الفطر الاسود رغم ندرة الإصابة به، لكن حدوثه محتمل وخاصةً لمرضى كوفيد-19 نتيجة فرط تعاطي المضادات الحيوية والكورتيزون، وبالأخص مرضى السكري ومرضى السرطان بسبب انخفاض مناعتهم كما ذكرنا سابقًا.
مخاطر الفطر الاسود
تكمُن خطورة الفطر الأسود في كونه سريع الانتشار بشكل كبير، من النسيج المصاب لباقي أنسجة الجسم، وإذا لم يُعالج ربما ينتشر للقلب والرئتين.
وتتمثل تلك المخاطر فيما يلي:
- عدوى الدماغ.
- الالتهاب الرئوي.
- شلل في أجزاء من الجسم.
- نوبات صرع.
- الموت.
تشخيص الفطر الاسود
تُشخص عدوى الفطر الاسود من خلال التاريخ المرضي والأعراض التي يراها الطبيب، بالإضافة إلى إجراء التحاليل المعملية.
إذا ارتاب الطبيب بإصابة المريض بعدوى الرئة أو الجيوب الأنفية؛ تؤخذ عينة من افرازات جهازه التنفسي أو البلغم، أو تؤخذ خزعة من الجلد المُصاب وتُفحص معمليًا تحت الميكروسكوب.
ربما يحتاج المريض أيضًا إلى تصوير أشعة مقطعية على الجزء المُصاب سواءً كان في الرئة أو الأنف أو غيرهم.
هل يمكن علاجه؟
يبدأ علاج الفطر الأسود بمضادات فطرية وريدية، وعند استجابة المريض لتلك المضادات الوريدية، قد يستبدلها الطبيب بأخرى فموية.
قد يوصي الطبيب بأحد الأدوية التالية:
- الأمفوتريسين ب (amphotericin B).
- البوزاكونازول (posaconazole).
- الإيزافوكونازول (Isavuconazole).
قد تستدعي حالة المريض تدخلًا جراحيًا لإزالة الجزء المصاب تجنبًا لانتقاله لنسيج آخر، فهل ينتقل الفطر الأسود من شخص لآخر؟!
الفطر الاسود معدي أم لا؟!
تكثر التساؤلات حول هل الفطر الاسود معدي، في الحقيقة لا ينتقل الفطر من إنسان لآخر أو من الحيوان للإنسان، لكن تكمن خطورة العدوى في وصول الأبواغ للرئة أو الأنف باستنشاقها، أو عند اختراق الفطر للجلد خلال الحروق أو الجروح.
كيف يمكن تجنب الإصابة بالفطر؟
يصعُب تجنب استنشاق الأبواغ المسببة للمرض، ولا يوجد لقاح أو مصل يقي من المرض، لكن بالنسبة للمرضى ضعاف المناعة يمكن اتخاذ بعض الإجراءات لتقليل فرص الإصابة بالمرض مثل:
1- تجنب الاقتراب من أي مصدر للعدوى مثل:
- تجنب الأماكن المتربة وأماكن التنقيب والبناء، وارتداء قناع للوجه من نوع (N95).
- تفادي الإقتراب من المباني المتضررة من المياه والفيضانات بعد حدوث الكوارث الطبيعية.
- تجنب الأنشطة التي تتضمن الاتصال المباشر مع التربة والأتربة مثل العمل في البستان أو فناء المنزل.
إذا كنت مضطرًا لهذه الأنشطة يمكنك الالتزام ببعض الاحتياطات الهامة مثل:
- ارتداء أحذية وبناطيل طويلة وملابس طويلة الأكمام.
- ارتداء القفازات والتعامل بحرص عند التعامل اليدوي مع الأشياء.
- تقليل الإصابة بأي عدوى من خلال غسل اليدين بالصابون جيدًا عند التعامل مع التربة، وتنظيف الجروح وتطهيرها جيدًا.
2- استخدام الأدوية المضادة للفطريات، ويتم ذلك تحت إشراف الطبيب.
ما زالت هناك دراسات قائمة حول إمكانية استخدام العلاج الوقائي المضاد للفطريات لبعض المرضى.
وختامًا -عزيزي القارئ- يمكننا القول أن عدوى الفطر الاسود ليست خطيرة في الحالة العادية.. فلا تصيب غالبًا إلا ضعاف المناعة، لذا عليك تجنب مصادر العدوى. فندعو لتجنب مصادر العدوى قدر الإمكان، كما يجب نشر التوعية بالمرض ومعرفة كيفية العناية بأنفسنا وعائلاتنا -وخاصةً المرضى منهم- مع الحرص على تقوية المناعة.
