الطب العام

الفتق الجراحي.. كيف يحدث ومتى يسبب خطرًا وما علاجه

 بقلم د. حسين الحجار
الفتق الجراحي

تُشفى كثيرًا من الأمراض البَاطِنِيَّة بالإجراء الجراحي، وتتنوع جراحات البطن والتي غالبًا يُصاحبها النجاح، ولكن قد يلاحظ المريض بعد فترة من الزمن تلي العملية الجراحية وجود ورمًا في الشق الجراحي. يلجأ المريض إلى طبيبه الذي أجرى له العملية لتشخيص المشكلة؛ فيخبره أنها حالة من الفتق الجراحي (Incisional hernia). يمكن أن يحدث الفتق بعد عمليات البطن بعدة أشهر أو سنوات من إجرائها. قد تتضمن جميع جراحات البطن خطرًا؛ فربما يحدث الفتق بالقرب من الندوب الجراحية أو على طولها، حيث يبرز جزء من عضو داخلي مثل الأمعاء أو أنسجة أي عضو أخر؛ فيمكنك رؤية تورم بالقرب من الندبة، يظهر عند السعال، أو الإجهاد، ويختفي مع الراحة والاستلقاء، وأحيانًا قد يزيد ويبدأ الألم. لا يسبب الفتق الجراحي غالبًا أيةّ مشاكل خطيرة، ولكنه يكون مزعجًا، وفي حالات نادرة قد يُحبس الجزء المنفتق؛ فيحدث ما يُسمى الفتق المختنق. يؤدي الفتق الجراحي الكبير في بعض الحالات إلى صعوبة التنفس، أو الحركة بشكل طبيعي.

  أعراض الفتق الجراحي

أكثر أعراض الفتق الجراحي، التي يمكن ملاحظتها هي انتفاخ بالقرب من موقع الشق الجراحي، وغالبًا ما يكون ذلك أكثر وضوحًا عندما تشد عضلاتك أثناء الوقوف أو رفع شيء ثقيل الوزن، وكذلك مع السعال، وإلى جانب الانتفاخ، قد يُسبب الفتق الجراحي أيضًا:

  • الغثيان والقيء.
  • حمى.
  • الشعور بالحُرقة أو الألم بالقرب من الفتق.
  • آلام البطن وعدم الراحة، خاصةً حول الفتق.
  • سرعة في ضربات القلب عن المعتاد.
  • الإمساك.
  • إسهال.

في بعض الحالات النادرة، إذا أصبح الجزء البارز من الأمعاء محاصرًا داخل الفتق؛ يمكن أن ينقطع إمداد الدم إلى الأمعاء؛ مما يؤدي إلى موت الأنسجة، تُسمى هذه الحالة الفتق المختنق، وهي من الطوارئ التي تستدعي التدخل الجراحي في أسرع وقت للحفاظ على حياة المريض. 

أسباب الفتق الجراحي

يحدث الفتق الجراحي عندما لا يغلق الجرح بعد العملية في جدار البطن بشكلٍ صحيح، يُمكن أن يؤدي ذلك إلى إضعاف عضلات البطن؛ مما يسمح للأنسجة والأعضاء الداخلية بتشكيل الفتق. يمكن لعدة أشياء أن تمنع الجرح من الشفاء الكامل، بما في ذلك:

  1. حدوث الحمل قبل التعافي الكامل من عملية البطن.
  2. العودة إلى الأنشطة البدنية بعد وقت قصير جدًا من الجراحة.
  3. اكتساب وزن زائد بعد جراحة البطن بفترة قصيرة؛ مما يسبب الضغط على جدار البطن.
  4. في بعض الأحيان، لا يوجد سبب واضح لعدم شفاء الجرح بشكلٍ صحيح.

يزداد احتمال حدوث الفتق الجراحي بعد الجراحة الطارئة أو تلك التي تتطلب شِقًا كبيرًا في منتصف البطن (بعد جراحة البطن المفتوحة)؛ إذا لم تشفى حواف الجرح بشكلٍ صحيح. تلعب تقنية الخياطة المُستخدمة لإغلاق الشق دورًا أيضًا في فرصة التعرض للفتق.  

وهناك عوامل أخرى تزيد من فرصة التعرض للفتق الجراحي مثل:

  • عدوى في مكان الجرح.
  • الظروف الصحية الحالية، مثل الفشل الكلوي أو مرض السكري أو أمراض الرئة.
  • بدانة.
  • التدخين.
  • بعض الأدوية، مثل الأدوية المثبطة للمناعة أو الستيرويدات؛ فاستخدامها قد يؤخر التئام الجروح.

مضاعفات الفتق الجراحي

أخطر مضاعفات الفتق الجراحي هي انسداد الأمعاء والاختناق. يمكن أن يسبب الفتق المختنق موت الأنسجة في الأمعاء. قد تكون هذه الحالة مهددة للحياة إذا لم تحصل على العلاج على الفور. من الممكن أيضًا أن يتمزق الفتق، لكن هذا نادر للغاية.

تميل الفتوق الصغيرة التي لا يتم علاجها إلى أن تصبح أكبر بمرور الوقت. إذا كان الفتق كبيرًا جدًا، فقد يسبب تورمًا وألمًا في بطنك ويصبح في النهاية غير قابل للاختزال، إذا حدث ذلك من المحتمل أن تلاحظه بسرعة؛ لأنه يميل إلى التسبب في الكثير من الانزعاج.

نظرًا لأن الفتق الجراحي الكبير غالبًا ما يكون مزعجًا للغاية، فإن العديد من الأشخاص الذين يعانون منه يرغبون في الحصول على العلاج. لكن الفتق الكبير يصعب عليه العمل أثناء إصلاحه جراحيًا أكثر من الفتق الصغير.

تشخيص الفتق الجراحي

يبدأ التشخيص بأخذ التاريخ الطبي للعمليات وأماكنها والنتائج السابقة، ثم الفحص البدني والاستعلام عن الأعراض مثل الإمساك وألم البطن، وقد يُطلب منك أيضًا الوقوف والسعال لإظهار الفتق بشكل أكثر وضوحًا.

في حالة وجود أعراض الفتق المختنق قد يتطلب ذلك اختبارات إضافية لتأكيد التشخيص ويتضمن ذلك:

  • اختبارات الدم: للبحث عن الالتهابات التي يسببها انسداد الأمعاء أو نخر (موت) الأنسجة.
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية، والرنين المغناطيسي، أو التصوير المقطعي للتحقق من الانسداد أو تحديد الموقع الفعلي لبروز الأمعاء.

علاج الفتق الجراحي

لا يختفي الفتق من تلقاء نفسه، خاصة عند البالغين، ولا يمكن علاجه إلا بالجراحة. إذا كنت مصابًا بفتق صغير قابل للاختزال وتريد تأخير الجراحة لبعض الوقت، فلا مانع، يمكنك ذلك بكل أمان. إذا كان الفتق صغير، ولكنه يسبب لك الإزعاج وعدم الراحة، وترغب في تأجيل الجراحة، يمكنك ذلك أيضًا، ولكن عليك مراقبته باستمرار؛ فالفتق الكبير يُعد إصلاحه أكثر صعوبة من الفتق الصغير. قد يصف لك طبيبك حزام خاص لدعم عضلات البطن وتجنب الضغط على الفتق الجراحي، لمنع التصاقه مع الحركة.

تُعد الجراحة هي العلاج الوحيد في حالة الفتق الكبير، ويعتمد اختيار نوع الجراحة بشكلٍ عام على أعراض الفتق، وحجمه، وموقعه، وصحتك العامة، والمستوى المطلوب من النشاط البدني المستقبلي وتاريخك الطبي، وهل أثر الفتق الجراحي على نتائج الجراحة الأصلية المسببة له!؛ مما يتطلب إجراءات إضافية قبل إغلاقه.

يتكون العلاج بشكل عام من نوعين من العمليات الجراحية

  • إصلاح مفتوح:

يُجرى فيها عمل شق جراحي في البطن فوق موقع الفتق، ثم يقوم الجراح بتحريك الأنسجة، أو الأمعاء أو أي عضو آخر تسبب في الفتق؛ ليُدخله إلى موقعه الطبيعي في تجويف البطن، ثم يغلق الفتحة. قد تُستخدم أيضًا شبكة لتعزيز البقعة الضعيفة التي تطور من خلالها الفتق، لمنع تكراره مرة ثانية ويُعرف هذا الإجراء باسم “رأب الفتق“. تُخيط هذه الشبكة الصناعية على الأنسجة حول الفتق، حيث تُمتص الخيوط بعد فترة بواسطة جدار البطن.

  • إصلاح بالمنظار:

يتضمن إصلاح الفتق الجراحي بالمنظار العديد من الجروح الصغيرة (يبلغ طول الجرح الواحد حوالي 5 إلى 10 ملم) في أسفل البطن بدلاً من قطع واحد كبير كما في الجراحة المفتوحة. تُوضع أنابيب مجوفة في هذه الشقوق، ويُنفخ الهواء إلى داخل بطنك لجعل الفتق أكثر وضوحًا. يقوم الجراح بعد ذلك بإدخال أدوات جراحية، بما في ذلك كاميرا صغيرة، حيث تعرض الصور الداخلية على شاشة كبيرة يستخدمها الطبيب لتوجيه الأدوات الصغيرة لإصلاح الفتق.

إذا حدث الفتق جراحي لديك في غضون الأسابيع القليلة الأولى بعد إجراء عملية في البطن، فلن يتم إصلاح الفتق على الفور، ليعطي جدار البطن الوقت الكافي للتعافي. يُجرى إصلاح الفتق الجراحي بشكل عام بعد عدة أشهر من إجراء الجراحة التي أدت إلى ذلك.

هل إصلاح الفتق بالعملية المفتوحة أفضل أم الجراحة بالمنظار؟

يُعد هذان النوعان مناسبين تمامًا لتثبيت جدار البطن. لا يوجد أيضًا فرق بينهما فيما يتعلق بخطر تكرار الفتق، طالما اُستخدمت شبكة اصطناعية، ولكن إحدى مزايا إصلاح الفتق بالجراحة المفتوحة هي أن الجروح أقل عُرضة للإصابة بعد ذلك، كما يُسمح لك بمغادرة المستشفى عاجلاً.

قد يكون خطر حدوث مضاعفات، أعلى قليلاً مع الجراحة بالمنظار؛ إذا لم يكن لدى الجراح خبرة كافية. هذا لأن جراحة المناظير تتطلب خبرة أكثر من الجراحة المفتوحة. لذا من المحتمل أن يلعب مستوى خبرة الجراح دورًا أكبر من نوع الجراحة المُستخدمة.

 نصائح لتقليل خطورة الفتق الجراحي

  • تجنّب إجهاد عضلات البطن كثيرًا في الأشهر القليلة الأولى بعد الجراحة.
  • فقدان الوزن. ونتيجة لذلك ينخفض ​​الضغط داخل البطن.
  • الجروح قادرة على الشفاء بشكل أفضل في الأشخاص الذين لا يدخنون والذين يتابعون حالاتهم الطبية مثل مرض السكري بشكلٍ صحيح، لذلك يقلل هذا أيضًا من خطر الفتق الجراحي.
  • بعض الأشخاص الذين خضعوا لعملية كبيرة في البطن أو جراحة الفتق الجراحي، قد يرتدون حزامًا بطنيًا خاصًا (مشد) لفترة بعد ذلك، من أجل المساعدة في دعم جدار البطن. ولكن ليس من المؤكد ما إذا كانت أحزمة البطن تساعد بالفعل على منع الفتق لفترة أم لا.
  • يمكن للأشخاص الذين لديهم خطرًا أعلى من الفتق الجراحي أن يضعوا شبكة اصطناعية في بطنهم أثناء جراحة البطن، كإجراء وقائي. تعمل الشبكة على تقوية جدار البطن ويمكن أن تقلل إلى حد كبير من أضرار الفتق، ولكن يمكن أن تُسبب أيضًا مشاكل مثل الألم المزمن.
  • يمكن أن يتطور الفتق الجراحي بعد جراحة البطن في غياب أي عوامل خطر أخرى، لذا من المهم اتباع الإرشادات الطبية للشفاء بعد أي إجراء. حتى إذا شعرت بالشفاء التام، تجنب ممارسة الرياضة أو أي نشاط شاق آخر حتى يسمح لك طبيبك بذلك.
  •  إن الفتق الجراحي ليس بالضرورة سببًا للقلق، ولكن يُفضل بالطبع فحصه من خلال الطبيب. في بعض الحالات، قد تكون قادرًا على مجرد مراقبة الفتق، ولكن في حالات أخرى، قد تحتاج إلى إصلاح جراحي لتجنب المضاعفات المستقبلية.

إذا تسبب الفتق الجراحي من أي حجم في ألم أو انزعاج شديد أو كان له تأثير سلبي على جودة حياتك؛ فإننا ننصحك في أسرة وطب بضرورة استشارة طبيبك على الفور لتقييم الفتق. يمكن أن تكون المضاعفات مهددة للحياة، لذلك من الأفضل أن يتم النظر في أي أعراضٍ غير عادية.

السابق
طريقة عمل عجينة الكنافة البلدي في المنزل
التالي
الولادة الطبيعية بدون الم | كيف ذلك؟ دليلكِ الشامل