الصمت بين الزوجين قد يكون صمتًا صحيًا حينما تتوطد العلاقة بين الزوجين؛ فلا يحتاجان للكلام لمعرفة ما يشعر به الطرف الآخر. هناك أيضًا الصمت المرضي بين الزوجين والمعروف باسم الخرس الزوجي.
يحدث الخرس الزوجي عندما يفقد الزوجان لغة التواصل، ويفضلان الصمت على الكلام ويشعران بالوحدة أثناء وجودهما معًا ومن ثَم تتفجر المشكلات بينهما. هو أيضًا من أكثر المشاكل الزوجية شيوعًا ومن مؤشرات ضعف العلاقة بين الزوجين.
يُعد الخرس الزوجي أكثر خطرًا من المشاحنات الكثيرة أو حتى الاختلاف الدائم على مشكلة معينة. ففي حالة الصمت بين الزوجين تتراكم القضايا غير المعلنة، والمضايقات التي يحتفظ بها الزوج أو الزوجة داخله حتى يصل التوتر إلى نقطة الانهيار.
اقرأ أيضًا: الصداع النصفي ماهي أسبابه؟ وما أعراضه؟ وكيف نعالجه؟
تعريف الخرس الزوجي
الخرس الزوجي هو أن يسود الصمت بين الزوجين وتنعدم القدرة على التواصل بينهما؛ مما يؤدي إلى تباعدهما وانفصالهما العاطفي عن بعضهم البعض.
بمرور الوقت ينعدم الحوار بين الزوجين ويسبب ذلك العديد من المشكلات بينهما وقد يؤدي إلى إستحالة الحياة بينهما وربما إلى الانفصال.
الخرس الزوجي اسبابه وعلاجه
من الطبيعي أن تكون العلاقة بين الزوجين مصدرًا للدفء والشعور بالسعادة والأمان، فهذا هو الهدف الرئيسي للزواج الذي يطمح إليه الجميع. عندما لا يتحقق هذا الهدف ولكن يحدث العكس بأن تكون العلاقة بين الزوجين هي مصدرًا للتعاسة والاكتئاب، فهنا تحدث مشكلة كبيرة قد تهدد الزواج بالانهيار.
اسباب الخرس الزوجي
يحدث الخرس الزوجي شيئًا فشيئًا بين الزوجين نتيجة لتكرار حدوث بعض المشكلات أو المواقف المزعجة مثل:
1. استخدام كلام عدواني
عندما يستخدم أحد الزوجين طريقة دفاعية أو عدائية عند التحدث إلى شريكه، تؤثر هذه الطريقة كثيرًا على العلاقة بينهما وتجعل التواصل أصعب.
من أمثلة الكلام العدواني:
- رفع الصوت والصياح.
- محاولة السيطرة على المحادثة وعدم إعطاء الطرف الآخر فرصة للتعبير عن مايجول بباله.
- استخدام الألفاظ الجارحة أو السخرية من الشريك وتصرفاته والاستهزاء بأفكاره.
2. الانتقاد
يكره الانسان التحدث مع شخصٍ كثير الانتقاد له؛ إذ يشعره بعدم الراحة. عندما يحدث ذلك بين الزوجين ينتج عنه الخرس الزوجي وبُعد الطرفين عن بعضهما البعض.
بل العكس هو المطلوب بأن يكون الزوجان مساندين لبعضهما وأن يجد الشخص في شريكه ملجأه الآمن من أحكام الآخرين.
3. الاستجواب
عندما يطالب أحد الزوجين الآخر بأن يخبره عن كل ما يحدث معه بطريقة توحي بانعدام الثقة وليس بالمشاركة، فقد يحدث ذلك ولكن لا توجد مشاركة ودية بينهما كزوجين. في هذه الحالة يشعر الشخص بانعدام الثقة وينفر من الحديث مع شريكه بشكلٍ عام.
4. كتمان سر
غالبًا عندما يكون لدى الشريك سرًا يخفيه من الآخر سواء كانت مشكلة مالية أو شكوكًا ذاتية أو مخاوف أو مرضًا أو حتى هدفًا شخصيًا جديدًا؛ فإن التواصل بين الزوجين يكون مهددًا.
5. حدث صادم
في بعض الأحيان، يكون قد عانى الزوجان من حدث صادم خارج نطاق الحياة اليومية مثل خسارة مؤلمة لأحد الأحباء، أو إصابة خطيرة أو مشاكل شديدة في العمل. عندما يحدث ذلك فإنهم يتجنبون الحديث عنها كطريقة لتجنب المشاعر المرتبطة بهذا الحدث. مع ذلك، قد يشعرون أن التحدث عن أي شيء آخر أصبح مستحيلًا.
6. لجوء أحد الطرفين إلى العقاب بالصمت:
عندما يطلب أحد الزوجين طلبًا لا يوافق عليه الطرف الآخر فقد لا يواجهه صراحة بالرفض ولكن ينف طلبه صامتًا على سبيل الاعتراض على هذا الطلب. أو أثناء الحوار في موضوع معين بدلًا من تبادل الآراء يلجأ أحد الأطراف للصمت لينهي النقاش بدون الوصول لنقطة تفاهم. هذه السلوكيات تؤدي إلي فشل التواصل بين الزوجين وابتعادهما عن بعض تدريجيًا.
7. البخل العاطفي
يعتبر بعض الأزواج أن التعبير عن العاطفة للزوجة يُعد ضعفًا أو شيئًا غير مهمًا؛ ينتج عن دلك الجفاء بينهما وتشعر الزوجة بالتعاسة وأنه لا فائدة من الحوار ويحدث الخرس الزوجي.
8. وسائل التواصل الاجتماعي
ساهم وجود وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة وانشغال كل شخص بها وانفصاله عن كل الموجودين حوله في زيادة التباعد والجفاء بين الناس عمومًا وبين الأزواج على وجه الخصوص.
اقرأ أيضًا: علامات العقم | ما بين الأمل والخوف من ضياع الحلم
كيفية علاج الخرس الزوجي
- الاعتراف بوجود مشكلة:
الصمت في الزواج مشكلة حقيقية ينبغي الاعتراف بوجودها أولًا حتى يمكن معرفة أسبابها ثم علاجها. بعض الأزواج ينخدعون بعدم حدوث مشكلات متكررة بينهم أو بانعدام الصراع على شيء ما بطريقة عنيفة فيظنون أنهم لا يعانون من مشكلة كبيرة. يؤدي ذلك إلى زيادة المشكلة دون حلها.
- الحفاظ على لغة حوار سليمة:
يعد الأسلوب اللطيف في الحوار طريقة ممتازة لإذابة الجليد وبدء محادثة. عندما يكون الشخص متصلبًا ومخيفًا، فإن شريكه ليس لديه سبب وجيه للاستماع إليه أو محاولة بدء محادثة معه. المحافظة على لغة حوار يتوافق بها الطرفان ويقدران على التواصل السليم بها هي الحل السحري للتغلب على الخرس الزوجي.
- المحافظة على الانفتاح والمرونة:
يُعد التحلي بالمرونة والانفتاح على آراء ومشاعر الطرف الآخر من أهم ما يمكن في العلاقة الزوجية حتى يشعر الشخص بالأمان مع شريك حياته، ويستطيع إخباره بأي شئ يخطر بباله، ولا يفضل الصمت خوفًا من الانتقاد أو الاستهزاء برأيه.
4. تخصيص وقت للتواصل:
قد يكون السبب في حدوث الخرس الزوجي عدم توفر الوقت عند أحد الزوجين أو كليهما للحوار المُثمر. كذلك ربما يفضل أحدهما الراحة أو الانشغال بوسيلة من وسائل الترفيه كالألعاب الإلكترونية أو الخروج مع الأصدقاء للاستراحة من ضغوط العمل والحياة عمومًا. الحل في هذه الحالة يكون تخصيص وقت ثابت خلال اليوم ليتبادل فيه الزوجان الحوار دون أن ينشغلا بأي شئٍ آخر.
- محاولة إيجاد اهتمامات مشتركة بين الزوجين:
عندما يستطيع الزوجان إيجاد اهتمامات مشتركة بينهما والقيام بأشياء يستمتعان عند فعلها سويًا؛ فذلك يساعد على كسر الروتين بينهما وإذابة الجليد الناتج عن الصمت الطويل في علاقتهما ببعض. يمكن القيام بذلك عن طريق ممارسة الرياضة سويًا أو الحصول على أصدقاء مشتركين. يساعد السفر سويًا على فترات متقاربة أيضًا على كسر الروتين وخلق فرص لتوطيد العلاقة بين الزوجين.
- المعاملة اللطيفة:
قد يكون للابتسامة و القبلة اللطيفة أكبر تأثير في كسر الحواجز والجمود بين الزوجين. خاصة الذين يعانون من ضعف التواصل بينهما.
- إذا فشل كل شيء آخر، ينبغي الحصول على الدعم:
إذا كنت تواجه مشكلة في تحطيم هذا الجدار بكل الوسائل السابقة، ففكر في طلب مساعدة احترافية. ربما توجد بعض المشكلات الأعمق التي يجب معالجتها لاستعادة التواصل. يمكن أن يساعدك مستشار الزواج الماهر في التخلص من الخرس الزوجي بطريقة أكثر فعالية.
حل مشكلة الخرس الزوجي
يكمن حل مشكلة الخرس الزوجي في عدم استسلام الزوجين لمشكلات الحياة أو للخلافات الناتجة عن اختلاف شخصياتهم أو توقعاتهم من بعضهما البعض. لابد دائمًا من محاولة التواصل مع الشريك والعمل على حل المشكلات المشتركة.
العواقب الناتجة عن الخرس الزوجي
قد تحدث بعض العواقب الوخيمة نتيجة للخرس الزوجي مثل:
الخيانة الزوجية
قد يكون الصمت وقلة الاهتمام داخل المنزل سببًا للخيانة الزوجية بحثًا عن الشعور بالاهتمام والحب من شخص آخر نتيجة لعدم الاحساس به داخل المنزل.
الإصابة ببعض الأمراض العضوية
يؤدي الخرس الزوجي إلى الشعور بالضغط العصبي والتوتر الدائم وقد ينتج عن ذلك الإصابة ببعض الأمراض العضوية. مثل: تهيج القولون، والقلق المزمن، والصداع، والأرق، وارتفاع ضغط الدم، وتساقط الشعر.
التأثير على الأبناء
عندما ينشأ الأطفال بين أبوين يعانيان من الخرس الزوجي يؤثر عليهم ذلك بالسلب. حيث يجدان العلاقة بين الأب والأم فاترة ولا تتميز بالقوة والدفء مما يفقدهم الإحساس بالأمان والثقة بالنفس. قد يعاني هؤلاء الأطفال أيضًا من الخرس الزوجي في علاقاتهم مع شركائهم في المستقبل.
الطلاق
تكون النتيجة الأخيرة في بعض الحالات التي لم يتمكن الزوجين من علاجها هي الطلاق، وبالفعل توجد العديد من الحالات التي وصلت للانفصال بسبب الخرس الزوجي.
ولدلك يُوصى دائمًا بأن يتم محاولة حل مشكلة الخرس الزوجي مبكرًا قبل أن تتفاقم المشكلة وتصل إلى مضاعفات من الصعب حلها أو التعامل معها. إذا لم ينجح الزوجان في حلها سويًا فينبغي أن يطلبا المساعدة من مختصي العلاقات الزوجية.
اقرأ أيضًا: التربية الايجابية للأبناء.. تعرّف كيف تربي أطفالك
