بقلم د. غادة جمال سرور
جائت إلى العيادة تشكو من ألم شديد بالفم، تسبب في أرقها وعدم النوم، وجعلها تبكي بكاءً حادًا، ولا يمكنها تناول الطعام أو المضغ أو البلع، وتشعر بألم لا يُحتمل في تلك الجهة من الوجه، وبعد الكشف والفحص الدقيق، تبين معاناتها من التهاب حوائط التاج المحيطة بضرس العقل، فتعالوا لنتعرف معًا في هذا المقال من أسرة وطب على أسباب ألم (فرح)، وطرق العلاج الممكنة.
ما معنى التهاب حوائط التاج؟
عندما تساءلت (فرح) عن سبب الألم الشديد الذي جعلها تكاد تفقد صوابها، وضح لها الطبيب أنها تُعاني من التهاب حوائط التاج أو ما يُسمى (Pericoronitis): وهو التهاب اللثة المحيطة بضرس العقل وتظهر في الفئة العمرية 18-29 عامًا.
وأكمل الطبيب حديثه قائلًا، ضرس العقل ما زال مُنحشر (انحشار جزئي)، ولم يكتمل ظهوره، لذا هناك جزءًا من تاج الضرس أصبح مكشوفًا، بينما لم يظهر الجزء المتبقي بعد، وما زال مُغطى باللثة، كما أن التهاب حوائط التاج أكثر حدوثًا في الضروس السفلية عن العلوية.
ولكن، ما هي اسباب التهاب حوائط التاج؟
هكذا تساءلت فرح،
فرد الطبيب قائلًا: يحدث التهاب حوائط التاج نتيجة لعدة أسباب، أهمها انحشار بقايا الطعام بين الجزء المُغطى من السن، واللثة المحيطة به، مما يؤدي إلى تراكم البكتيريا، التي تسبب التهابًا شديدًا بالمنطقة، ومن ثَم ألمًا لا يُستهان به، وهناك بعض العوامل التى تسبب ظهور الأمر أو زيادة حِدته، وهي:
- عدم الاهتمام والعناية بصحة الفم.
- الحمل.
- الإرهاق الجسدي أو الضغط العصبي.
- زيادة حجم اللثة في تلك المنطقة عن الطبيعي.
وإليكِ اعراض التهاب حوائط التاج التي قد تشعرين بها:
تظهر بعض الأعراض التي تختلف حدتها من شخص لآخر، كما تختلف تبعًا لتطور الالتهاب (حادًا أو مزمنًا)، ومن الأعراض التي قد تلاحظينها في حالة الالتهاب المزمن:
- رائحة الفم الكريهة.
- الشعور بطعم سئ بالفم.
- ألم طفيف أو غير حاد يدوم ليوم أو يومين.
أما في حالة التهاب حوائط التاج الحاد، قد تشعرين بما يلي:
- ألم شديد مع البلع.
- ألم حاد في الجهة الخلفية من الوجه المُقابلة للأسنان الخلفية.
- تورم اللثة المجاورة للضرس المنحشر.
- انغلاق الفك أو ضزز (Trismus).
- تَكوُّن صديد نتيجة الالتهاب والخُرَّاج.
وتساءلت فرح مجددًا، هل هناك أي مضاعفات قد تحدث نتيجة التهاب ما حول التاج؟
الألم والتورم هما العرضان الرئيسيان لالتهاب حوائط التاج، ولكن قد تظهر بعض المضاعفات نتيجة لانتشار العدوى من اللثة إلى الأنسجة المحيطة، ومنه إلى فراغات الرأس والرقبة، مما قد يسبب ذُباح لودفيغ (Ludwig’s angina)، كما يمكن أن تنتقل العدوى إلى الدم، مسببةً تسممًا بالدم.
علاج التهاب حوائط التاج:
وبعد أن تعرفت (فرح) على أعراض وأسباب التهاب ما حول التاج، طلبت من الطبيب وصف العلاج المناسب لها للتخلص من هذا الألم وعدم عودته مجددًا.
فأشار لها الطبيب قائلًا: في البداية سنتغلب ونعالج هذا الألم، إلى أن يختفي تمامًا، ثم سيكون أمامنا طريقًا من ثلاثة لاتباعه، وهم:
- انتظار الظهور الكامل للضرس.
- إزالة ذلك الجزء الزائد من اللثة المُغطية للسن.
- خلع ضرس العقل.
ولكن للتغلب على الألم، هناك بعض المعايير يجب تطبيقها بالعيادة، وأخرى تُطبق في المنزل، وينبغي اتباع ما يلي:
- استخدام محلول ملحي دافئ كغسول للفم.
- العناية بنظافة وصحة الفم، واستخدام الفرشاة برفق.
- تكرار غسل الفم بالماء.
- استخدام ماء أكسجين 3% مخفف كغسول للفم (نسبة 1 : 1 مع محلول ملحي)، يساعد على خفض نسبة البكتيريا في تلك المنطقة، والاختفاء السريع للأعراض.
- تناول بعض مسكنات الألم مثل إيبوبروفين أو أسيتامينوفين.
- في حالة العدوى والالتهاب الشديد، ينبغي تناول مضادًا حيويًا مثل الأموكسيسيللين أو إريثروميسين، بوصفة من الطبيب.
- تنظيف اللثة المحيطة لضرس العقل للتخلص من بقايا الطعام المحشورة والبكتيريا، وقد يحتاج الطبيب إلى استخدام مخدرًا موضعيًا، لتخفيف الألم أثناء تنظيف الجير والبلاك.
بعد وصف العلاج المناسب وخطة العناية الملائمة، إذا وجد الطبيب أن ضرس العقل قد يظهر، سينصحك بالانتظار ومراجعته من حين لآخر، حتى يخرج السن تمامًا.
أما إذا وجد الطبيب من خلال الفحص الدقيق والتصوير الإشعاعي، أن الضرس غير قابل للظهور ولا توجد مساحة كافية لخروجه، أو قد يتسبب في ازدحام الأسنان وتراكبها، قد يُقرر خلع ضرس العقل نهائيًا.
بينما إذا لم يؤثر على الأسنان، فقد يلجأ الطبيب إلى إزالة الجزء الزائد من اللثة (operculum)، الذي دائمًا ما يلتهب ويسبب الألم.
ولكن قد يتكون ذلك الجزء مرة أخرى بعد إزالته في بعض الحالات، ويصبح الحل الوحيد هو خلع الضرس.
ويمكنك تفادي حدوث التهاب حوائط التاج وظهور الألم، عن طريق مراجعة الطبيب بصفة دورية لإزالة الجير وتنظيف الأسنان، والاهتمام بنظافة الأسنان بالفرشاة وغسول الفم، ففمك وأسنانك أمانة ينبغي عليك حمايتها.
