الطب العام

التهاب الجلد التأتبي.. تعرّف على الأسباب والأعراض والعلاج

بقلم د. يسرا السنوسي
التهاب الجلد التأتبي
التهاب الجلد التأتبي

هل تُعاني أنت أو أحد أطفالك من التهاب جلدي مزمن يأتي في صورة نوبات من الحكة الجلدية وجفاف البشرة وطفح جلدي أحمر وزيادة في سمك البشرة وغيره من الأعراض التي تؤدي إلى عدم القدرة على النوم وبالتالي قلة التركيز وعدم القدرة على القيام بالوظائف اليومية، غالبا سوف يكون تشخيص حالتك التهاب الجلد التأتبي، لذلك سوف نتحدث في هذا المقال مع أسرة وطب عن التهاب الجلد التأتبي أعراضه، وأسبابه، وطرق علاجه المختلفة.

ما هو التهاب الجلد التأتبي؟

يُعد التهاب الجلد التأتبي اضطراب جلدي مزمن مصحوبة بحكّة، وهو أشهر صورة من صور الاكزيما الجلدية، يحدث في صورة انتكاسات أو نوبات متكررة، وينتشر هذا النوع من الحساسية في الرُّضّع والأطفال من سن الشهرين إلى الستة أشهر ويمكن أن يمتد إلى سن البلوغ، ولكنه لا يقتصر على عمر الأطفال فقط، بل يمكن حدوثه في أي فئة عُمرية.

يشتهر حدوث التهاب الجلد التأتبي في الأفراد المُصابين بأمراض حساسية أخرى؛ فترتبط الثلاثة أمراض الآتية ارتباطًا وثيقًا ببعضهم البعض وهم (التهاب الجلد التأتبي، مرض الربو، مرض التهاب الأنف التحسُّسي)، وغالبًا ما تشتهر بعض العائلات بإصابتهم بهذه الأمراض الثلاثة؛ فتحدث في الأب، والابن، والأخوة؛ لذلك يساعد أخذ التاريخ العائلي لهذه الأمراض الثلاثة كثيرًا في تشخيص التهاب الجلد التأتبي.

حتى الآن لم يتم اكتشاف أي علاج لمرض التهاب الجلد التأتبي، لكن تُساعد بعض العلاجات في التخفيف من الحكة، وأيضًا يساعد اتباع بعض التعليمات مثل تجنب بعض أنواع الصابون واستخدام الكريمات الطبية التي تساعد على الترطيب في التحكم في النوبة.

ما هي أسباب التهاب الجلد التأتبي؟

ينشأ التهاب الجلد التأتبي من مجموعة من التداخلات بين عدة عوامل جينية وبيئية، تتسبب هذه العوامل في الأساس في حدوث اضطراب في حاجز الجلد ووظيفته الأساسية من الحفاظ على الرطوبة والحماية من البكتيريا وغيرها من مُسببات الحساسية، مما يجعل الجلد أكثر عرضةً للالتهاب والتهيّج كرد فعل للآتي (ملامسة بعض المُحفزات، وتغيرات الطقس، ودرجة الحرارة، وغيرها من المُحفزات الغير مُحدّدة).

يجعل التغير في ثلاثة مجموعات على الأقل من الجينات الرّامزة إلى (بنية وهيكل البروتينات، وإنزيم البروتياز(تكسير البروتينات) الجلدي، ومثبطات إنزيم البروتياز) الأفراد أكثر عرضة إلى حدوث اضطراب في حاجز الجلد ووظيفته مما يجعلهم أكثر عُرضةً لمرض التهاب الجلد التأتبي.

على الرغم من أنه ليس سببًا ولكن يشتهر الأطفال المُصابين بالتهاب الجلد التأتبي بإصابتهم بحساسية الطعام، لذلك يجري بعض أطباء الجلدية بعض اختبارات حساسية الطعام في عيادتهم للمساعدة في التشخيص، مثل اختبار وخز الإبرة، حيث يتم وضع مستخلص الطعام على الجلد ثم وخز الجلد في نفس الموضع بالإبرة، فإن كانت النتيجة حدوث وظهور انتبار أو بثرة (طفح جلدي مرتفع عن سطح الجلد الطبيعي مصحوبًا بحكّة) فهذا يعني إيجابية الاختبار، ومن أشهر أنواع الأطعمة المُسببة للحساسية هي (البيض، الحليب، الأسماك، الأسماك الصدفية، البندق، الفول السوداني، وغيره من الأطعمة).

ما هي اعراض التهاب الجلد التأتبي؟

تختلف الأعراض من شخص لآخر، ولكن تظل الحكة هي العرض الرئيسي لمرض التهاب الجلد التأتبي، والتي قد تكون أحيانًا شديدة خاصة ليلًا، وتكون الصورة الكلاسيكية لمعظم المرضى هو نوبة من التهاب حاد بالجلد، وطفح جلدي أحمر، وبعض الأحيان قد تصل إلى ظهور النفطات المليئة بسائل شفاف، والبقع والنتوءات الجلدية التي تفرز هذا السائل الشفاف، ويظهر الجلد بصورة طبيعية بين النوبات، أو قد يعاني المريض من إصابة هذه المنطقة من الجلد ببعض الأعراض مثل (الجفاف، وزيادة سُمك الجلد، والحكة) مما يدل على إصابته بالإكزيما المزمنة.

تظهر البقع الحمراء والتي قد تصل إلى اللون البني الرمادي في عدة مناطق من الجسم ولكن بالأخص تظهر على اليدين، والكاحلين، والقدمين، والرسغين، والجفنين، والرقبة وأعلى الصدر، وداخل ثنيتي الركبتين والمرفقين، وتشتهر في الرضع في منطقة الوجه و فروة الرأس.

قد تظهر بعض المُضاعفات من التهاب الجلد التأتبي والتي قد تُشير إلى ضرورة زيارتك للطبيب، ومن هذه المضاعفات:

  • تتسبب الحكة في مشكلات في النوم مما يؤثر على قدرة المريض على التركيز.
  • الالتهابات الجلدية بسبب الحكة المستمرة قد تؤدي إلى حدوث جروح، وتشققات، وقُرحًا مفتوحة في الجلد مما يؤدي إلى حدوث عدوى بكتيرية أو فيروسية ومن أشهر الفيروسات  فيروس الهربس البسيط.
  • التهاب الجلد التماسي الأرجي الذي يكون أكثر شُهرةً بين مُصابي التهاب الجلد التأتبي.

كيف يُشَخَّص التهاب الجلد التأتبي؟


يُشَخّص التهاب الجلد التأتبي بواسطة فحص طبيب الجلدية منطقة الجلد المصابة والقيام ببعض الاختبارات مثل اختبار حساسية الطعام للمساعدة في التشخيص، ويعتمد الطبيب على عدة علامات تشخيصية مُميزة مثل:

  • أماكن ومناطق الإصابة، فتكون المناطق الأكثر شُهرةً في الرضع هي الخد أو الوجنة، والذراع، والساق، والمنطقة الأربية، أما عن مناطق الإصابة الأكثر شهرة في الأطفال والمراهقين هي القدم، ومنطقة ثنيتي الركبتين وثنيتي المرفقين، ويشتهر البالغين بالإصابة في مناطق اليدين، والقدمين، ومنطقة الكاحلين، والمنطقة الأربية.
  • الحكة هي العرض الرئيسي والظاهر في التهاب الجلد المزمن أو في النوبات من التهاب الجلد التأتبي.
  • التاريخ العائلي من أمراض الربو، حساسية الأنف، الاكزيما الجلدية.

بعض الأعراض ذات المعايير الأقل في التشخيص ولكن يمكن تواجدها مثل جفاف الجلد، وبداية الإصابة في السن الصغير، والتهاب ملتحمة العين المتكرر، والإصابة بمرض السعفة المبرقشة أو النخالة البيضاء أو التبقع الأبيض، وبروز ثنيات الجفن السفلي.

ما هو علاج التهاب الجلد التأتبي؟

يُعد التهاب الجلد التأتبي مرضًا مُزمنًا، لذلك عليك استخدام عدة علاجات على فترات طويلة قد تصل إلى شهور وسنوات للتحكم فيه، وأحيانًا تبدأ الأعراض في الاختفاء ومن ثمّ الظهور في صورة نوبات مرة أخرى؛ لذلك تعد الوقاية هو العلاج الأوّلي والأفضل، وكلما كان التشخيص مُبكرًا صار التحكم في المرض أسهل كثيرًا.


⬅أما عن الوقاية فإليك بعض النصائح التي قد تساعد في التحكم في نوبات الالتهاب وتقي من حدوثها مُجددًا مثل:

  • ترطيب البشرة يوميًا باستخدام المرطبات الطبية الغير مُحتوية على عطور مثل الفازلين.
  • تجنب التعرض للمواد المُهيّجة لالتهاب الجلد مثل التعرض إلى حبوب اللقاح، والغبار، وبعض المنظفات ومنتجات الصابون الغير طبية، ومن هذه المواد أيضًا بعض أنواع الأطعمة في حالات الرضع والأطفال مثل البيض، والحليب، والأسماك، وغيرها كما ذكرناها من قبل.
  • استخدام الصابون المعتدل وذلك للوقاية من الإصابة بجفاف البشرة.
  • استغراق وقت أقل في الاستحمام، واستخدام الماء الدافئ.
  • التجفيف بعد الاستحمام مباشرة مع استخدام مُرطبًا للبشرة بينما لا تزال البشرة رطبة.
  • تقليم الأظافر بصورة منتظمة والحفاظ عليها قصيرة دائمًا.

⬅في حالة جفاف الجلد بشدة يُنصح باستخدام المرطبات عالية الجودة والمُعتمَدة من أطباء الجلدية، والغير مُحتوية على أية مواد مُحفزة مثل العطور وغيرها، وتُستخدم المرطبات بوضعها لمدة 10 دقائق بعد الاستحمام، وكلما كانت الطبقة المُستخدمة سميكة، بات الترطيب أفضل، ويُعد الفازلين (Petroleum Jelly) من أفضل أنواع المُرطّبات وذلك لتقليله من فقد المياه خلال طبقة الجلد بنسبة 98%.

⬅نظرًا لوجود ارتباط قوي بين التهاب الجلد التأتبي وبين نقص مادة السيراميد (ceramide)، وهي المادة من ثلاثة سوائل مفتاحية مسئولة عن حاجز الجلد ووظيفته؛ لذلك هناك بعض الكريمات المعتمدة بالأساس على مادة السيراميد.
⬅أفضل طريقة لعلاج التهاب الجلد التأتبي هي استخدام الكورتيكوستيرويدات أو الكورتيزونات، وذلك باستخدام الكريمات والمراهم الموضعية المحتوية على الكورتيزون وذلك للتحكم في النوبة، ولكن لا تُستخدم لفترات طويلة وذلك لآثارها الجانبية المتعددة مثل الإصابة بعلامات التمدد، وترقق الجلد، ومرض نقص التصبغ.
أما عن الكورتيزونات القوية فمن المفترض عدم استخدامها في مناطق الوجه أو المناطق الرقيقة، ولكن تُستخدم الأقل قوة، وإذا كانت درجة الإكزيما شديدة يصف الطبيب الكورتيزون عن طريق الفم أو حقنة واحدة (Triamcinolone) مرة واحدة بالعضل.

⬅مُثبطات المناعة مثل بيمكروليمس (Pimecrolimus) أو تاكروليمس(Tacrolimus)، وذلك باستخدامها موضعيًا بدلًا من الكورتيزونات الموضعية، ولها بعض الآثار الجانبية مثل الحكة، واللسعة، والاحتراق والتي قد تتحسن بعد مرور أول أسبوع من الاستخدام.

⬅مُضادات الحساسية لعلاج الحكة ويُستخدم لفترات زمنية قصيرة، وتُسخدم مضادات الحساسية المُهدّئة أو المُنومة في علاج الحكة أثناء النوم.

⬅تُستخدم المُضادات الحيوية في حالة الإصابة بالعدوى الجلدية مثل بكتيريا Staph Aureus.

⬅العلاج بالضوء باستخدام الأشعة الفوق بنفسيجية الصناعية أ، أو ذات النطاق الضيق ب وذلك للحالات غير المُستجيبة للعلاجات الموضعية، ويمكن أن تُستخدم مع بعض الأدوية.

⬅في حالات التهاب الجلد التأتبي الحاد تُستخدم أدوية مُثبطات المناعة عن طريق الفم مثل (أزاثيوبرين، سيكلوسبورين، ميثوتريكسات) وذلك تحت إشراف الطبيب حيث تتم متابعة بعض التحاليل الدورية لوظائف الكبد والكلى لتجنب حدوث الآثار الجانبية.

ولا داعي للذعر فهو مرض يحتاج إلى الصبر حتى يتم التحكم فيه، ومن ثم التقليل من حدوث النوبات، وعليكَ باتّباع نصائح الوقاية، واستشارة الطبيب عند حدوث أية مضاعفات.

السابق
طريقة عمل الكماج الفلاحي بطعم ورائحة لا توصف
التالي
فقر الدم اللاتنسجي الأعراض والتشخيص وكيفية العلاج