الطب العام

التهاب البربخ | مشكلة تؤرق الكثير من الرجال

بقلم د. حسين الحجار
التهاب البربخ

يُعد التهاب البربخ واحدًا من أكثر أمراض المسالك البولية شيوعًا لدى الذكور من جميع الأعمار خاصة في الفترة العمرية من 14 إلى 35 عامًا، ما يعني أن لهذا المرض أثر اجتماعي واقتصادي ملحوظ؛ فالفئة المُعرضة للإصابة هم في السنوات الأكثر إنتاجية من حياتهم، فلنتعرف سويًا على هذه المتلازمة التي يتعرض لها معشر الذكور في هذا المقال من أسرة وطب.

ما هو البربخ؟ وكيف يلتهب؟

 يوجد البربخ “epididymis” في شكل أنبوب ملتف في الجزء الخلفي من الخصيتين، وهو يُخزن ويحمل الحيوانات المنوية ويرتبط بقناة القذف بواسطة أنبوب آخر يسمى “الأسهر”، عندما ينتفخ ويلتهب يُسبب ألم وتورم في الخصيتين وتُسمى هذه الحالة التهاب البربخ، وتحدث بسبب عدوى بكتيرية مثل عدوى الجهاز البولي أو مرض منقول جنسيًا “STD”، وتتحسن الحالة غالبًا بتناول المضادات الحيوية، يستمر الالتهاب الحاد ستة أسابيع أو أقل، وفي معظم الحالات تكون الخصيتان ملتهبتين أيضًا وتُسمى هذه الحالة التهاب البربخ الأوركيد “Epididymoorchitis”.

ما هي اعراض التهاب البربخ الحاد؟

يبدأ التهاب البربخ ببضع أعراض خفيفة، لكن عندما تُترك دون علاج، تتفاقم هذه الأعراض وتشمل:

  • آلام وتورم في الصفن: ويكون من جانب واحد، وغالبًا ما يزداد ببطء على مدار عدة أيام (على عكس ما يحدث في حالة التواء الخصية).
  • حُمى منخفضة: يُصاب بها 25% فقط من البالغين.
  • قشعريرة برد.
  • ألم في منطقة الحوض.
  • إحساس بالضغط والألم في الخصيتين.
  • الاحمرار والدفء في كيس الصفن.
  • تضخم العقد اللمفاوية في الفخذ.
  • ألم أثناء الجماع الجنسي والقذف.
  • ألم أثناء التبول أو حركة الأمعاء.
  • تبول عاجل ومتكرر.
  • إفرازات القضيب غير الطبيعية.
  • دم في السائل المنوي.

وعادةً لا يوجد غثيان أو قيء (على عكس التواء الخصية). 

أسباب التهاب البربخ:

 (1) عدوى في المسالك البولية:

 تُعد الأمراض المنقولة جنسيًا من أهم أسباب التهاب البربخ، مثل السيلان والكلاميديا، ​​وهما أكثر الأمراض شيوعًا عند الرجال النشطين جنسيًا الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا (يُمثلون ما يصل إلى 50% من الحالات)، تُسبب هذه الأمراض التهابات في مجرى البول، وتنتقل أحيانًا إلى أسفل قناة الأسهر ومنها إلى البربخ أو الخصيتين لتُسبب العدوى بهما.

تُسمى العدوى الشديدة التي تمتد إلى الخصية المجاورة التهاب “الأوركيد الحاد” وتختلف مسبباتها على حسب عُمر المريض، وقد تكون بكتيرية مُعدية أو غير مُعدية، أو مجهولة السبب.

(2) عدوى تُسبب التهاب البروستاتا ثم تنتقل إلى البربخ، وكذلك في حالة تضخم البروستاتا والتي يصاحبها انسداد في مجرى البول؛ فيحدث الارتجاع البولي.

(3) مرض السُّل (الدرن الرئوي): في بعض الحالات النادرة يصاحب هذا المرض التهاب البربخ.

(4) وهناك أشخاص تزداد لديهم احتمالية الإصابة بمتلازمة التهاب البربخ مثل:

  • الذكور غير المختونين.
  •  شخص لديه مشاكل هيكلية داخل المسالك البولية.
  • ذكر أجُريَ له مؤخرًا جراحة في المسالك البولية.
  • شخص قد تعرض لإصابة في الفخذ.
  • استخدام القسطرة البولية، أو منظار إلى القضيب.
  • ارتجاع بولي إلى البربخ، وقد يحدث ذلك بسبب رفع الأثقال.
  • استخدام دواء القلب “الأميودارون”: يُسمى التهاب البربخ الأميوداروني، ويحدث بسبب تناول التركيزات العالية (تزيد عن 200 مللي غرام يوميًا) من هذا الدواء، ويتعرض له من 3 إلى 11 % من المرضى، ويؤدي زيادة تركيز الدواء (حيث يصل إلى 300 ضعف الجرعة اليومية داخل البربخ) إلى تكوّن الأجسام المضادة للأميودارون، والتي تهاجم البربخ في وقت لاحق فتُسبب ظهور أعراض التهاب البربخ.

يكون التهاب البربخ مزمنًا في حالة عدم كفاية علاج الالتهاب الحاد للبربخ أو في حالة تكرار الالتهاب.

هل يحدث التهاب البربخ عند الأطفال؟

يُمكن أن يُصاب الأطفال بهذه الحالة تمامًا مثل البالغين، ويُعد الالتهاب الفيروسي مثل مرض النكاف السبب السائد في التهاب البربخ عند الأطفال، وقد تحدث بسبب عدوى بكتيرية مثل(Pseudomonas، وأنواع من Proteus و Klebsiella).  وتشمل اعراض التهاب البربخ عند الأطفال: 

  • إفرازات من مجرى البول.
  • عدم الراحة في الحوض أو أسفل البطن.
  • ألم أو حرقة أثناء التبول، أو غياب بلة البول في حفاض الطفل.
  • احمرار الصفن.
  • حُمَّى.

يعتمد علاج التهاب البربخ عند الأطفال على السبب الكامن وراء هذه الحالة، وغالبًا ما تُشفى من تلقاء نفسها، وتُستخدم مسكنات الألم مثل الإيبوبروفين، وفي العدوى البكتيرية يُمكن وصف المضادات الحيوية، ويُنصح الأطفال بعدم تأجيل التبول عندما يحتاجون إلى ذلك، وأيضًا بشُرب المزيد من المياه.

ما هي المضاعفات المُحتملة في حالة التهاب البربخ؟

تُعالج معظم حالات التهاب البربخ الحاد بنجاح باستخدام المضادات الحيوية، لا توجد عادةً مشاكل جنسية أو إنجابية طويلة الأجل، لكن يمكن أن تعود العدوى في المستقبل، وقد تحدث بعض المضاعفات النادرة مثل:  

  • التهاب البربخ المزمن.
  • انكماش الخصيتين.
  • موت أنسجة الخصية.
  • العُقم.

التهاب البربخ والعادة السرية:

العادة السرية أو الاستمناء لا تُسبب التهاب البربخ بشكل مباشر، ولكن تكرار هذه العادة السيئة له دورٌ فعال في تحفيز الالتهاب بسبب الأمراض الكامنة في الجهاز البولي (مثل الكلاميديا، فقد تكون عدوى صامتة بدون أعراض لدى الكثير من المصابين بها)، كما ينُصح بعدم ممارسة هذه العادة السيئة إذا كنت تُعاني من التهاب البربخ الحاد؛ لأنها يمكن أن تُسبب مضاعفات للمرض.

تشخيص التهاب البربخ:

يُجري الطبيب أولاً الفحص البدني، فيبحث عن تورم في الخصيتين، أو تورم في الغدد الليمفاوية في منطقة الفخذ، أو إفرازات غير طبيعية من القضيب، إذا كان هناك إفرازات، فسيستخدم طبيبك مسحة قطنية لجمع عينة واختبار الأمراض المنقولة جنسيًا، كما يفحص المستقيم فربما تسببت البروستاتا المتضخمة في الاصابة بالتهاب البربخ، وقد يطلب طبيبك الاختبارات التالية:

(1) اختبارات الدم: مثل CBC (صورة دم كاملة)، لتحديد ما إذا كان هناك عدوى أم لا.

(2) تحليل البول: والذي يمكن أن يُشير إلى ما إذا كان لديك التهاب المسالك البولية أو الأمراض المنقولة جنسيًا.

(3) تحليل البروتين التفاعلي (CRP)، ومعدل ترسيب كرات الدم الحمراء (ESR) للتمييز بين التهاب البربخ والأسباب الأخرى لألم الصفن الحاد.

(4) اختبارات التصوير: لاستبعاد الحالات الأخرى مثل التواء الخصية، تنتج هذه الاختبارات صورًا مُفصلة تتيح لطبيبك رؤية الهياكل في الجسم بشكل واضح للغاية، مثل الموجات فوق الصوتية للحصول على صور من الخصيتين والأنسجة المحيطة بها في كيس الصفن.

كيف يتم علاج التهاب البربخ؟

يعتمد علاج التهاب البربخ على قتل العدوى الكامنة وتخفيف الأعراض، ويشمل:

(أ) العلاج الدوائي:

  • المضادات الحيوية: تؤخذ لمدة 4 إلى 6 أسابيع مثل الدوكسيسيكلين وسيبروفلوكساسين، ويجب علاج الزوجة أيضًا.
  • مسكن للألم: يمكن أن يكون متاحًا بدون وصفة طبية (مثل الإيبوبروفين) أو قد يتطلب وصفة طبية ( مثل الكودايين أو المورفين).
  • الأدوية المضادة للالتهابات: مثل البيروكسيكام، والكيتورلين.

(ب) علاجات إضافية وتشمل:

راحة على السرير.

رفع الصفن لمدة يومين على الأقل إن أمكن.

تطبيق كمادات من الثلج على كيس الصفن.

ارتداء واقي رياضي للدعم والحماية.

تجنب رفع الأشياء الثقيلة أو بذل مجهود بدني.

في حالات الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا، يجب عليك أنت وزوجتك الامتناع عن ممارسة الجنس حتى تستكمل كورس المضادات الحيوية وتُشفى تمامًا من الالتهاب .

تنجح هذه الطرق في علاج الالتهاب بالبربخ وربما يستغرق الأمر أحيانًا عدة أسابيع ليزول الألم والانزعاج تمامًا وقد تصل فترة العلاج إلى 3 أشهر، وإذا تشكل خُراج على الخصيتين، يمكن لطبيبك استنزاف القيح باستخدام إبرة.

(ت) الجراحة:

الجراحة هي خيار آخر إذا لم تنجح العلاجات السابقة، تتضمن الجراحة إزالة كل أو جزء من البربخ، قد تكون الجراحة أيضًا ضرورية لتصحيح أي عيوب جسدية قد تُسبب التهاب البربخ.

التهاب البربخ هو خامس تشخيص مسالك بولية شائع بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 50 عامًا، يبلغ متوسط ​​عُمر المريض المصاب بالالتهاب المزمن 49 عامًا، غالبًا ما يُعاني المرضى من الأعراض لمدة 5 سنوات قبل التشخيص، فإذا كنت تشعر بألم أو إزعاج مستمر، فحدد موعدًا لمقابلة طبيبك، خاصةً إذا لم تتحسن الأعراض في غضون أربعة أيام، وكنت تعاني من ألم شديد في كيس الصفن أو من ارتفاع في درجة الحرارة، فاطلب الرعاية الطبية على الفور؛ فمن الهام السعي للحصول على العلاج لمنع المضاعفات، وبمجرد حصولك عليه، يجب أن تأخذ كل كورس المضادات الحيوية لإنهاء العدوى، حتى إذا كنت تشعر بعد ذلك بخلوك من الأعراض؛ عليك أيضًا زيارة الطبيب بعد الانتهاء من الدواء للتأكد من القضاء على العدوى؛ يساعد ذلك في ضمان تحقيق الشفاء الكامل بإذن الله.

السابق
تسوس الأسنان | تعرف على الأسباب والأنواع والعِلاج
التالي
نصائح غذائية هامة تخص مريض قرحة المعدة والاثنى عشر