الطب العام

التلقيح الصناعي | كيف تُجرى العملية وما مميزاتها؟

  بقلم د. لميـاء سـعد غريـب 

إن إنجاب الأطفال حلم يراود كل زوجين.. وهو الوسيلة لإعمار الأرض.. لا شك أن تأخر الإنجاب ابتلاء يقلل من قدر السعادة الزوجية، ولكن هل هو مشكلة بلا حل؟ وهل العقم مرض بلا علاج؟ من المؤكد أن الإجابة ب”لا”.. فلكل مشكلة حل.. ولكل داء دواء، وعلينا البحث عن الحلول والعلاج.

ظل العُقم مشكلة بلا حل لسنوات طويلة، ولكن مع التقدم العلمي وخاصّة في السنوات الأخيرة أصبحت الحلول ممكنة، فظهرت تقنيات حديثة للتغلب على مشكلة العُقم مثل: التلقيح الصناعي والحقن المجهري.. فما الفرق بينهما؟ هذا ما سنوضحه في هذا المقال من أسرة وطب، كما سنوضح كل ما يخص التلقيح الصناعي بالتفصيل.

نبذة عن الحمل بالطريقة الطبيعية:

يُطلق مبيض المرأة بويضة واحدة شهريًا إلى قناة الرحم، أو ما تُسمى قناة فالوب، وهي القناة التي تصل الرحم بالمبيض، وتظل هناك بعض الوقت في انتظار التلقيح بالحيوان المنوي القادم من الزوج.. في حين تمر الحيوانات المنوية برحلة طويلة قبل الوصول للبويضة، تبدأ من المهبل إلى عُنق الرحم، ثم تجويف الرحم، ثم تتجه إلى قناة فالوب حيث تلتقي بالبويضة ويحدث التخصيب، والجدير بالذكر أن عدد الحيوانات المنوية يكون بالملايين، وتسبح بالسائل المنوي طوال رحلتها في اتجاه البويضة.

يحدث أحيانًا أن لا تصل الحيوانات المنوية إلى البويضة، أو لا يصل العدد الكافي منها لعدة أسباب مثل: قلة عددها أو ضعف حركتها، وقد يكون السبب وجود عوامل مقاومة بعنق الرحم مثل الإفرازات السميكة التي تعوق حركتها.

ما هو التلقيح الصناعي وما الفرق بينه وبين الحقن المجهري وأطفال الأنابيب؟

يشمل مصطلح التلقيح الصناعي لغويًا التقنيات الحديثة للمساعدة على الحمل مثل: أطفال الأنابيب والحقن المجهري والتلقيح داخل الرحم، ولكن واقعيًا فالمصطلح الشائع للتلقيح داخل الرحم هو التلقيح الصناعي، لذا فالمقصود به هو التلقيح داخل الرحم.

دعونا نوضح الفرق بين التلقيح داخل الرحم والحقن المجهري وأطفال الأنابيب.

أطفال الأنابيب (IVF) والحقن المجهري (ICSI): هما تقنيتان حديثتان للمساعدة على الحمل في بعض حالات العُقم؛ عن طريق تخصيب البويضة المأخوذة من الزوجة بالحيوان المنوي المأخوذ من الزوج بالمختبر؛ بوضع البويضة مع السائل المنوي (بعد معالجته معمليًا) بطبق المختبر، وهو ما يُطلق عليه طفل الأنبوب، أو حقن الحيوان المنوي مباشرة داخل البويضة وذلك في حالة الحقن المجهري.

التلقيح الصناعي أو التلقيح داخل الرحم (IntraUterine Insemination): هو وسيلة للمساعدة على الحمل والتغلب على بعض حالات العقم، عن طريق حقن السائل المنوي بعد معالجته معمليًا لزيادة تركيز الحيوانات المنوية، داخل رحم الزوجة وقت التبويض، لتُلقح البويضة بطريقة طبيعية داخل قناة الرحم.. وبذلك تتخطى الحيوانات المنوية مشكلة طول المسافة، والمقاومة بالإفرازات السميكة بعنق الرحم.

ومن الممكن إجراء هذه العملية بالتزامن مع استخدام أدوية محفزة للإباضة؛ لزيادة فرص النجاح وحدوث الحمل.

ما هي دواعي اللجوء للتلقيح داخل الرحم أو التلقيح الصناعي؟

تعتمد القدرة على الإنجاب على عدة عوامل لدى الرجل والمرأة.. عند حدوث خلل في أحد هذه العوامل تقل فرص الحمل والإنجاب، لذا يلزم التدخل بالوسائل المساعدة لحدوث الحمل مثل التلقيح الصناعي الذي نلجأ إليه في الحالات الآتية:

  • العُقم غير المُبرر: إذ يُعد التلقيح داخل الرحم الخطوة الأولى لمحاولة الحمل بطريقة طبيعية، بمساعدة أدوية تنشيط المبيض المحفزة للإباضة، قبل اللجوء للحقن المجهري.
  • بعض حالات بطانة الرحم المهاجرة.
  • العقم المرتبط بعوامل ذكورية مثل: قلة عدد الحيوانات المنوية، أو ضعف حركتها، أو وجود تشوهات في حجمها أو شكلها، وحالات ضعف الانتصاب.. إذ يتغلب التلقيح داخل الرحم على مشاكل الحيوانات المنوية؛ لأن الإجراء المتبع قبل الحقن هو تحضير ومعالجة السائل المنوي معمليًا لزيادة تركيز الحيوانات المنوية السريعة الحركة، واستبعاد المشوه منها.
  • العُقم المرتبط بعامل في عنق الرحم: عُنق الرحم هو الجزء السفلي الضيق من الرحم الذي يصل جسم الرحم بالمهبل.. في الحالات الطبيعية يفرز عنق الرحم إفرازات مخاطية توفر بيئة مناسبة لسباحة الحيوانات المنوية عبرها والانتقال من المهبل إلى تجويف الرحم.. ولكن قد تكون هذه الإفرازات سميكة جدًا مما يعوق حركة الحيوانات المنوية. يتخطى التلقيح الصناعي عنق الرحم، ويضع الحيوانات المنوية داخل الرحم مباشرة.
  • الحساسية ضد السائل المنوي: وهو أمر نادر جدًا، إذ يُسبب السائل المنوي حساسية للمرأة عند قذفه داخل المهبل على هيئة تورم واحمرار وشعور بالحرقة.. في هذه الحالة يُنصَح باستخدام الواقي الذكري للحماية من أعراض الحساسية، ولكنه أيضًا يمنع الحمل؛ لذا يعد التلقيح الصناعي خيارًا فعالًا حيث يُعالج السائل المنوي معمليًا وتُزال منه البروتينات التي تسبب الحساسية قبل الحقن.
عملية التلقيح الصناعي

كم تستغرق عملية التلقيح الصناعي

عملية التلقيح الصناعي بسيطة جدًا، وعادة ما تستغرق زيارة عيادة الطبيب لإجرائها من 15 إلى 20 دقيقة فقط.

عملية التلقيح داخل الرحم نفسها لا تستغرق سوى دقيقة أو دقيقتين، ولا تحتاج لأي أدوية أو مسكنات بعدها.

التحضير قبل العملية

يشمل التحضير قبل عملية التلقيح الصناعي تحضير عينة السائل المنوي، ومتابعة عملية التبويض لدى المرأة، وتحديد الوقت المناسب.

  • تحضير عينة السائل المنوي: يُمكن الحصول على السائل المنوي من الرجل عن طريق الاستمناء، ويُنصح بتجنب الاتصال الجنسي لمدة تتراوح بين يومين إلى خمسة أيام قبل هذا الإجراء؛ لزيادة عدد وتركيز الحيوانات المنوية.. ثم تُعالج العينة لإزالة البروتينات وفصل الحيوانات المنوية غير الصالحة، وإبقاء الحيوانات المنوية السليمة و سريعة الحركة وزيادة تركيزها.
  • متابعة عملية التبويض: عن طريق التصوير بجهاز الموجات فوق الصوتية عبر المهبل بواسطة طبيبك، مع الأخذ في الاعتبار إمكانية استخدام أدوية محفزة للإباضة لزيادة فرص التبويض، وبالتالي زيادة فرص النجاح والحمل.
  • تحديد الوقت المناسب: تُجرى عملية التلقيح الصناعي داخل الرحم بعد التأكد من حدوث الإباضة.

كيف تتم عملية التلقيح الصناعي؟

بعد تحضير عينة السائل المنوي، وعند التأكد من حدوث التبويض، سيطلب منك طبيبك الاستلقاء على سرير الفحص النسائي.. ثم يُدخل المنظار المهبلي للكشف عن عنق الرحم، وفي هذه الأثناء توصل الممرضة أو يوصل الطبيب القنينة المحتوية على السائل المنوي المُعالَج بأنبوب رفيع وطويل ومرن (قسطرة)، ثم يُدخل القسطرة خلال المهبل إلى فتحة عنق الرحم لتصل إلى تجويف الرحم، وعندئذ يدفع السائل المنوي عبر الأنبوب إلى داخل الرحم، ثم يزيل الأنبوب ومن بعده منظار الرحم.

سيطلب منكِ طبيبك الاستلقاء على ظهرك لمدة وجيزة، ثم يمكنك بعدها الانصراف ومباشرة أعمالك اليومية.

ماذا بعد؟

بعد أسبوعين من عملية التلقيح الصناعي، يمكنك إجراء اختبار الحمل عن طريق عينة من الدم بالمختبر.

إذا لم يحدث الحمل، يُمكنك معاودة تجربة التلقيح داخل الرحم مرة ثانية قبل اللجوء لوسيلة أخرى مثل الحقن المجهري.. عادةً ما تُكرر العملية لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر.

نصائح بعد عملية التلقيح الصناعي

كما ذكرنا، فإن عملية التلقيح داخل الرحم بسيطة جدًا ولا تحتاج للراحة بعدها، ولكن ننصحك بالاستلقاء فترة وجيزة حوالى 15 دقيقة بعد الحقن، قبل الانصراف من عيادة الطبيب.

يمكنك ممارسة أعمالك اليومية المعتادة، ولا مانع من ممارسة العلاقة الجنسية مع زوجك بعد العملية، بل يُحبذ القيام بها في الأيام التالية لزيادة فرص التلقيح.

لا تتعجلي بعمل اختبار الحمل قبل مرور أسبوعين من العملية؛ لأنه قد يعطيكِ نتيجة خاطئة:

  • نتيجة سلبية خاطئة لأن مستوى هرمونات الحمل لا تكون بالقدر الكافي للظهور بالاختبار، بينما تكونين في الواقع حاملًا.
  • نتيجة إيجابية خاطئة إذا كنت قد تناولتِ بعض أدوية تحفيز الإباضة، وما زالت موجودة بالدم، فسوف يشير التحليل إلى حدوث الحمل بينما لا تكونين حاملًا.

هل هناك مخاطر أو آثار جانبية لعملية التلقيح الصناعي؟

تُعد عملية التلقيح الصناعي من العمليات البسيطة الآمنة نسبيًا، وليس لها مضاعفات خطيرة.

تشمل المخاطر ما يلي:

  • نزيف خفيف من المهبل على هيئة بُقع من الدماء؛ نتيجة عملية إدخال القسطرة إلى الرحم.. ولكن عادةً ليس لها تأثير على فرص حدوث الحمل.
  • العدوى، وهو أمر نادر الحدوث.
  • الحمل بأكثر من طفل، نظرًا لاستخدام أدوية محفزات الإباضة التي قد تؤدي إلى خروج أكثر من بويضة من المبيض.

ما هي نسبة نجاح التلقيح الصناعي؟

يعتمد نجاح التلقيح الصناعي على عدد من العوامل مثل: السبب الرئيسي للعُقم عند الزوجين، وعُمر الزوجة، وتناول أدوية زيادة الخصوبة قبل العملية، وعدد الحيوانات المنوية لدى الزوج وجودتها.

تشير الدراسات إلى أن نسبة نجاح التلقيح الصناعي داخل الرحم تصل إلى 40.5 % بعد الخضوع لسِتّ دورات علاجية.

وأخيرًا تنصح أسرة وطب كل زوجين مقبلين على تجربة التلقيح الصناعي بعدم اليأس، لأن الحمل قد لا يحدث بعد أول تجربة، ويمكن تكرار العملية حتى سِتّ مرات متتالية.

السابق
اسعار زراعة الاسنان في مصر والعالم العربي
التالي
التخسيس تعرف علي أفضل نظام تخسيس سريع مناسب لك