التغذية الصحية

التغذية السليمة في رمضان.. المسموح والممنوع للصائم

 بقلم د. مجدي راشد 
التغذية السليمة في رمضان

أيام معدودة ويهل علينا شهر رمضان المُبارك، في ظل ظروف استثنائية تتمثل في الحجر المنزلي بسبب فيروس كورونا، وتُعد التغذية السليمة في رمضان فرصة كبيرة لتدعيم جهاز المناعة، وتدارُك آثار هذه الفترة السلبية على الصحة الجسدية والنفسية، وليس المقصود بالتغذية السليمة في رمضان الأكل والشرب فقط، بل التغذية السليمة بمفهومها العام والتي تشمل الصحة الجسدية والنفسية والروحانية؛ لما لها مُجتمعة من آثار ظاهرة على جهاز المناعة ومقاومة الأمراض، وسوف نذكر أيضًا المسموح والممنوع للصائم. 

لا يخفى علينا عادات الأكل والشرب الخاطئة المرتبطة بشهر رمضان والتي يستعد لها المسلمون قبل بداية الشهر بفترة.

عادات التغذية الخاطئة في رمضان

عادات الإفطار الخاطئة:

  • الاستعاضة عن الماء والتمر عند كسر الإفطار؛ بشُرب العصائر المُحلاة بالسكر أو المشروبات الغازية، أو المُبالغة في أكل كميات كبيرة من التمر.
  • تناول كميات كبيرة من الأكل في وجبة الإفطار قد تتعدى 1500 سعرة حرارية.
  • تناول كميات كبيرة من النشويات البسيطة مثل المصنوعة من الدقيق الأبيض، مثل الخبز الأبيض، والمكرونة، والمُعجنات، وكذلك الأرز.
  • القلي والتحمير بالسمن الصناعي المصنوع من الزيوت المهدرجة جزئيًا،  إذ تُعد من أشد الأطعمة خطورة على القلب والأوعية الدموية، وتكفي جرامات قليلة منها يوميًا لارتفاع نسبة حدوث جلطات القلب والدماغ.
  • تناول الطعام بسرعة دون مضغ، مما يؤثر على تلقي المخ إشارات الشبع التي تستغرق بين 20-30 دقيقة حتى يستجيب لها، مما يؤدي إلى تناول كميات زائدة عن حاجة الجسم، والإصابة باضطرابات هضمية نتيجة قلة المضغ.

عادات خاطئة بين الإفطار والسحور:

  • إهمال شرب الماء؛ وتناول كميات كبيرة من العصائر المُحلاة بالسكر بدلًا منه.
  • تناول كميات كبيرة من الحلويات المصنوعة من الدقيق الأبيض؛ والسمن الصناعي؛ والسكر، مثل الكنافة والبقلاوة وغيرها.
  • تناول كميات كبيرة من المكسرات المُملَّحة أثناء مشاهدة التلفاز.
  • قلة الحركة، وكثرة الجلوس أمام التلفاز والأجهزة الإلكترونية.
  • الإكثار من تناول المشروبات المحتوية على الكافيين، مثل الشاي والقهوة والبيبسي بكميات كبيرة، إذ يُعد الكافيين من مُدرات البول ويؤدي إلى فقد الكثير من الماء بالتبول وبالتالي العطش في نهار رمضان.

عادات خاطئة وقت السحور:

  • التناول المُبكر للسحور مما يؤدي إلى الشعور بالجوع مبكرًا قبل المغرب.
  • تناول وجبات تحتوي على النشويات البسيطة، التي تتسبب في الشعور بالجوع بسرعة، عكس النشويات المُعقدة المحتوية على الألياف، والبروتينات التي تُمتص ببطء ولا تُسبب نوبة الجوع السريع.
  • تناول مشروبات مُحلّاة بالسكر أو مشروبات غازية مما يؤدي إلى رفع معدل السكر بالدم وكثرة التبول وقت النوم.
  • ترك السحور اعتقادًا من البعض أنه أفضل لفقد الوزن ؛ وهذا اعتقاد خاطيء، رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تَسَحَّروا فإن في السحور بركة”.

أهداف التغذية السليمة في رمضان

  • التحكم في مستوى السكر في الدم في فترات اليوم المُختلفة عن طريق:
  1. تجنب انخفاض السكر قبل الإفطار بفترة، مما يؤدي إلى الشعور بالجوع والإرهاق والصداع.
  2. تجنب الارتفاع الشديد لمستوى السكر في الدم بعد الإفطار والسحور، نتيجة تناول الكثير من السكريات، وبالتالي الجوع السريع بعد 3-4 ساعات، وفقد السوائل بكثرة التبول.
  • تجنب الجفاف نتيجة نقص السوائل، مما يؤدي إلى فشل عمل الكلى.
  • تجنب اضطراب الأملاح في الجسم مثل أملاح البوتاسيوم والصوديوم، مما يؤدي إلى خلل في بعض وظائف الأعضاء.
  • تجنب زيادة الوزن، وحدوث السمنة التي يترتب عليها الكثير من أمراض التمثيل الغذائي.
  • خفض الوزن، إذا اتُّبعت وسائل التغذية السليمة في رمضان فإنها فرصة كبيرة لفقد ما لا يقل عن 2-4 كيلوجرامات من الوزن.

خطة التغذية السليمة في رمضان

تعتمد خطة التغذية السليمة في رمضان، على عدة خطوات تدعم الصحة البدنية وتقي من الالتهاب المزمن، والصحة النفسية والروحانية، وتدعم جهاز المناعة:

 يُنصح أثناء تحضير وجبة الإفطار بتجنب استخدام السمن الصناعي، في إعداد الطعام سواءً في القلي والتحمير، أو في صُنع الحلويات الخفيفة واستبدالها قدر المُستطاع بالحلويات المصنوعة من دقيق الحبة الكاملة والمُحلَّاة بالقليل من العسل بدلًا من السكر، أو بطبق الخُشاف مع المكسرات، وتجنب الإكثار من الملح، والحرص على استخدام التوابل المفيدة مثل الفلفل والكمون والجنزبيل والكركم، بالإضافة إلى الثوم المطحون والبصل باعتدال، والاعتماد على الخضروات الطازجة وتجنب المُعلبات.

التعجيل بالإفطار تطبيقًا لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: “لا تزال أمتي بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْرَ”، وذلك أيضًا لتجنب الإرهاق الزائد.

 تناول تمرة أو ثلاث تمرات مع شرب كوب أو اثنين من الماء (ويُفضل تجنب الماء البارد)؛ حتى نُعوض نقص البوتاسيوم والسكر ونُهيء المعدة لتلقي الطعام بعد فترة الصيام الطويلة، ولا بأس ببعض العادات الجيدة إذ يبدأ البعض بتناول الشوربة الدافئة (مثل شوربة العدس)، أو التمر مع القهوة العربية باعتدال، أو اللبن الرائب مع التمر.

 انتظر لمدة ربع ساعة على الأقل قبل تناول وجبة الإفطار، ويُمكن استغلالها في أداء صلاة المغرب.

تقسيم السعرات الحرارية بين وجبتي الإفطار والسحور ووجبة صغيرة بينهما؛ يُفضل أن تحتوي على الفاكهة أو الخُشاف بدلًا من الحلويات، ولا ننسى الاعتدال في تناول الحلويات وليس بصفة يومية، وعدم تأخير تناولها.

الحرص على ألا تزيد نسبة النشويات في وجبة الإفطار عن 40% من مجموع السعرات الحرارية، ونحاول أن تكون من النشويات المُعقدة مثل منتجات الحبوب الكاملة والخبز الأسمر.

الحرص على احتواء وجبة الإفطار على كمية كافية من الخضروات، سواءً المطبوخة أو الخام في طبق السلاطة، وكذلك تنويع مصادر البروتينات بين اللحوم باعتدال والأسماك والبقول المطبوخة أو المُستنبتة في السلاطة.

 تناول الطعام ببطء مع المضغ الجيد، واستغلال وقت تجمع الأسرة على الإفطار في تبادل أطراف الحديث وخلق جو من الود والمرح.

 شرب كميات كافية من الماء (وتقليل العصائر خاصة المُحلَّاة)، لا يقل عن 8 أكواب من الماء على مدار فترة الأكل.

 بين الإفطار والسحور يمكن تناول ثمرة فاكهة، وبعض المكسرات (ملء قبضة اليد)، أو استبدال الحلويات بطبق من البليلة المصنوعة من حبة القمح الكاملة؛ واللبن كامل الدسم وبعض المكسرات ومنها الفول السوداني.

 الحرص على الحركة ويمكن استغلالها في صلاة القيام مع الأسرة (نظرًا لظروف الحجر المنزلي)، وقد أثبتت الأبحاث أن الركعة الواحدة تحرق بين 10-20 سعرة حرارية، ولا ننسى ممارسة رياضة المشي سواءً داخل المنزل أو حوله.

 تأخير السحور قدر المُستطاع حتى تُقلل من فترة الصيام.

 تناول النشويات بكثرة في السحور تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم سريعًا، ثم الجوع بعد فترة قصيرة؛ كما يؤدي إلى إدرار البول وزيادة الشعور بالعطش، لذلك فإن السحور يجب أن يحتوي على بروتينات ودهون والقليل من النشويات، لأن البروتينات تؤدي إلى الشبع لمدة تتراوح بين 6-8 ساعات، بينما الدهون من 8-10 ساعات، ولا تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم بسرعة والجوع بسرعة.

 يُفضل احتواء السحور المثالي على الأطعمة التالية، مع مراعاة التنوع والاعتدال في الكميات، ولا تزيد عن نصف رغيف خبز أسمر متوسط:

  • الفول المدمس مع زيت الزيتون (أو الزيت الحار) والليمون.
  • البيض والجبن القريش مع زيت الزيتون والطماطم والزيتون الأسود.
  • الجبنة البيضاء مع الطماطم والفلفل وزيت الزيتون، مع الجرجير أو الخس أو السريس.
  • يُفضل البعض تناول الحليب، أو اللبن الرائب أو الزبادي (يُدعِّم البكتيريا النافعة) مع حبات التمر، أو البليلة بحبة القمح الكاملة؛ عليها الزبيب والفول السوداني أو المكسرات.
  • التونة المُصفّاة مع زيت الزيتون والفلفل الأخضر مع الجرجير أو الزيتون الأسود، مع ملاحظة تجنب الإكثار من التونة (مرتين في الأسبوع بحد أقصى) خاصة المعلبة، ومحاولة تجهيزها في المنزل بأنواع الأسماك الزيتية (توجد طرق لعمل التونة في المنزل).
  • شرب الماء بكمية كافية.
  • تناول كميات الطعام يكون باعتدال وتجنب ملء البطن، تجنب النوم بعد السحور مباشرة، وانتظار صلاة الفجر فرصة لإراحة المعدة والحركة.

 الحرص على أخذ القسط الكافي من النوم (7-8 ساعات)، والاستيقاظ قبل صلاة الظهر، والتعرض للشمس بعد صلاة العصر، ولا بأس بساعة من النوم، والاستيقاظ قبل المغرب وتلاوة القرآن انتظارًا للإفطار.

التغذية السليمة في رمضان كما أوضحنا في أسرة وطب، لا تقتصر فقط على الأكل والشرب، ولكن مفهوم التغذية السليمة في رمضان أشمل من هذا، فهو يهدف إلى تدعيم الصحة البدنية والنفسية والروحانية، بما ينعكس بصورة إيجابية على صحة الجهاز المناعي الذي يتأثر بالعامل النفسي والروحاني بجانب العامل البدني، تقبَّل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم.

السابق
بانية فراخ مقرمش بتتبيلة رائعة.. المقادير والطريقة
التالي
بسكوت العشر دقائق اللذيذ.. طعم وقرمشة لا توصف