الطب العام

التصلب المتعدد أسبابه، وأعراضه، وطرق علاجه.

بقلم: د. منى فوزي.

التصلب المتعدد من أمراض المناعة الذاتية، إذ يهاجم جهاز المناعة خلايا المخ والنخاع الشوكي (الجهاز العصبي المركزي) فيؤدي إلى تلفها، وقد يؤدي إلى عجز أو إعاقة دائمة؛ فما هي أسباب الإصابة بهذا المرض؟ وما هي أعراضه؟ وكيف نعالجه؟ وكيف نساعد مريض التصلب المتعدد ليتكيف مع مرضه، ونقلّل الآثار الضارة لتلف خلايا المخ. إجابات هذه الأسئلة في هذا المقال من أسرة وطب.

يهاجم جهاز المناعة الغلاف الذي يغطي الألياف العصبية، ويسبّب مشاكل في التواصل بين المخ وباقي أجزاء الجسم، وقد يُسبّب التصلب المتعدد تلف دائم للأعصاب.

يعتمد اختلاف اعراض التصلب المتعدد على مدى تلف الأعصاب، فيفقد أحد المرضى القدرة على المشي بينما تمر فترات طويلة على مرضى آخرين دون ظهور أي أعراض.

يُسرع العلاج من التعافي من النوبات، ويُعدّل من مسار المرض، ويُقلّل الأعراض؛ لكنه لا يشفي نهائيًا.

اسباب التصلب المتعدد:

سبب التصلب المتعدد ليس معروفًا، إلا إنه يعد من أمراض المناعة الذاتية؛ إذ تُتلف خلايا الجهاز المناعي المادة الدهنية التي تغلف وتحمي الألياف العصبية في المخ والنخاع الشوكي (المايلين).

تصبح الألياف العصبية مكشوفة عند تلف طبقة المايلين، فيتوقف أو يتعطل التواصل بين هذه الألياف.

ترجع الإصابة بالتصلب المتعدد إلى بعض العوامل الوراثية والبيئية. 

عوامل المخاطرة:

تشمل العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بالتصلب المتعدد ما يلي:

  • السن: تبدأ الإصابة غالبًا بالتصلب المتعدد من سن العشرين إلى سن الأربعين، ولكن ذلك لا ينفي حدوث الإصابة في أي سن.
  • النوع: تُصاب الإناث مرتين إلى ثلاث مرات أكثر من الرجال بهذا المرض.
  • التاريخ العائلي: تُشير إصابة أحد الوالدين أو الأخوة إلى احتمالية الإصابة بالمرض.
  • الإصابة بعدوى معينة: مثل فيروس إبشتاين الذي يسبّب عدوى كرّيات الدم البيضاء.
  • السلالة: الشعوب البيضاء خاصًة شعوب أوروبا الشمالية أكثر عُرضة للإصابة بالتصلب المتعدد من الشعوب الأسيوية، والإفريقية، والأمريكية.
  • المناخ: ينتشر التصلب المتعدد في الدول معتدلة المناخ، والتي تشمل كندا، والولايات المتحدة الشمالية، ونيوزيلندا، وشرق أستراليا، وأوروبا. 
  • فيتامين د: يرتبط نقص فيتامين د، وقلة التعرض لأشعة الشمس بزيادة فرصة حدوث المرض.
  • الإصابة ببعض أمراض المناعة الذاتية: مثل أمراض الغدة الدرقية، والأنيميا الخبيثة، والصدفية، وداء السكري (النوع الأول)، والتهاب الأمعاء.
  • التدخين: يتعرض المدخنون الذين أصيبوا بأعراض التصلب المتعدد للمرة الأولى لانتكاسة أخرى لا يتعرض لها غير المدخنين.

اعراض التصلب المتعدد:

تختلف الأعراض من شخص لآخر وخلال دورة المرض اعتمادًا على مكان إصابة الخلايا العصبية، وتكون غالبًا أعراض حركية مثل:

  • تنميل أو ضعف طرف أو أكثر يحدث غالبًا في جانب من الجسم أو الساقين أو الجذع.
  • إحساس بصدمة كهربائية مع حركة الرقبة خاصًة عند تحريكها للأمام.
  • مشية غير متزنة مع وجود رعشة، وعدم تناسق.
  • مشاكل في الرؤية تشمل:
  1. انعدام الرؤية جزئيًا أو كليًا في عين واحدة مع إحساس بالألم أثناء حركة العين.
  2. ازدواج الرؤية.
  3. اضطراب الرؤية.
  • اضطراب الكلام.
  • إرهاق.
  • دوار.
  • تنميل وإحساس بالألم في بعض أجزاء الجسم.
  • مشاكل في الأمعاء، والمثانة.
  • مشاكل جنسية.  

تشخيص التصلب المتعدد:

لا يوجد تشخيص مُحدّد للتصلب المتعدد، إذ يتم تشخيصه عن طريق استبعاد الحالات المرضية الأخرى التي لها نفس الأعراض.

يبدأ الطبيب بالكشف السريري، ومعرفة التاريخ الطبي، ثم يطلب الفحوصات الآتية: 

  • صورة دم كاملة: للمساعدة في استبعاد الأمراض الأخرى التي لها نفس الأعراض، والتحقق من المؤشرات الحيوية المصاحبة للتصلب المتعدد.
  • البزل القطني: عن طريق سحب عينة من السائل النخاعي وتحليلها؛ للكشف عن الأجسام المضادة المصاحبة للتصلب المتعدد.
  • الرنين المغناطيسي: يكشف عن المناطق المصابة في المخ، والحبل الشوكي. قد تُحقن مادة وريديًا لإظهار المناطق التي تُشير إلى أن المرض في حالة نشطة.
  • اختبارات الجهد المثار: إذ تُسجل الإشارات الكهربائية الصادرة من الجهاز العصبي استجابًة للمثيرات، وقد يستخدم اختبار الجهد المثار المحفزات البصرية أو الكهربائية للكشف عن سرعة وصول المعلومات خلال الممرات العصبية.

علاج التصلب المتعدد:

يهدف العلاج إلى التعافي السريع من النوبات، والسيطرة على الأعراض وتقدم المرض.

علاج نوبات التصلب المتعدد:

  • الكورتيزون: يقلّل تناول البريدنيزولون بالفم أو الميثيل بريدنيزولون وريديًا من التهاب الأعصاب.

من آثاره الجانبية: الأرق، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، والتقلبات المزاجية، واحتجاز السوائل في الجسم.

  • فصل البلازما: عن طريق فصل جزء من البلازما عن خلايا الدم، واستبداله بمحلول بروتيني (البومين). يُستخدم هذا العلاج عند وجود أعراض جديدة وشديدة، وعند عدم الاستجابة للكورتيزون.

علاج لتأخير تقدم المرض:

  • أوكليزيماب (أوكريفاس): أقرت منظمة الغذاء والدواء هذا العقار لعلاج التقدم الأولي للتصلب المتعدد، يؤخر تناول هذا العقار تقدم المرض قليلًا.
  • يوجد العديد من الأدوية المُعدّلة للتصلب المتعدد الانتكاسي.

تصدر الاستجابة المناعية المصاحبة للتصلب المتعدد في مرحلة مبكرة من المرض؛ لذا يقلّل استخدام هذه الأدوية مبكرًا معدل الانتكاسات، وضمور المخ.

يعتمد اختيار العلاج على شدة الأعراض، وفترة المرض، والتكلفة، والحالة الصحية للمريض، وتشمل الأدوية الحقن، الأدوية الفموية.

تشمل أدوية الحقن ما يلي:

تشمل الأعراض الجانبية أعراضًا تشبه الإنفلونزا، وتفاعلات موضع الحقن.

يجب متابعة إنزيمات الكبد عن طريق تحليل الدم لاحتمالية تعرض الكبد للتلف نتيجة استخدام هذا العقار.

قد تُنتج أجسام مضادة معادلة تنقص من كفاءة الدواء.

  •   أسيتات الجلاتيرامير (كوباكسون، جلاتوبا): قد يمنع هذا العقار هجوم الجهاز المناعي على المايلين، ويُحقن تحت الجلد.

من آثاره الجانبية: تهيج الجلد، وتفاعلات موضع الحقن.

     تشمل أدوية الفم ما يلي:

  • فينجوليمود (جيلينيا): يقلّل تناول هذا الدواء مرة يوميًا من معدل الانتكاس.

يحتاج المريض إلى متابعة ضغط الدم وسرعة ضربات القلب لمدة ست ساعات بعد الجرعة الأولى؛ إذ قد يقلّل هذا الدواء سرعة ضربات القلب، وتشمل الأعراض الجانبية الأخرى الصداع، وارتفاع ضغط الدم، واضطراب الرؤية.

  • دايميثيل فيوماريت (تيكفيديرا): تناول هذا الدواء مرتين يوميًا يقلّل الانتكاسات، وتشمل الأعراض الجانبية: الغثيان، والإسهال، وانخفاض عدد كريات الدم البيضاء؛ لذا يحتاج المريض إلى متابعة صورة الدم بانتظام.
  • دايروكسيميل فيوماريت (فيوميريتي): هذا الدواء مُصرح به لعلاج انتكاسات التصلب المتعدد، وتأثيره مماثل للدايميثيل فيوماريت؛ لكن أعراضه الجانبية أقل.
  • تيريفلونوميد (أوباجيو): يُسبّب هذا الدواء تلف الكبد، وسقوط الشعر، كذلك يسبّب عيوب خلقية عندما يتناوله الرجال والنساء؛ لذا يجب تناول أقراص منع الحمل مع هذا الدواء ولمدة عامين بعد توقفه؛ تجنبًا لحدوث حمل قد ينتج عنه طفلًا مشوهًا نتيجة تناول هذا الدواء.
  • سيبونيمود (مايزنت): تناول هذا الدواء مرة يوميًا يقلل من معدل الانتكاس، ويمكن استخدامه لعلاج الحالات الثانوية المتقدمة للتصلب المتعدد.

تشمل الأعراض الجانبية: العدوى الفيروسية، وتلف الكبد، ونقص كريات الدم البيضاء، كذلك يسبّب ضررًا للأجنة.

 تشمل الأدوية الوريدية ما يلي:

  •  أوكرليزوماب (أوكريفاس): هذا الدواء مصرح به لعلاج التصلب المتعدد الانتكاسي والأوّلي، وأثبتت التجارب السريرية قدرة هذا الدواء على تقليل معدل الانتكاس، وإبطاء حدوث الإعاقة، ويُعطى عن طريق الحقن الوريدي، وتشمل آثاره الجانبية: ارتفاع درجة الحرارة، والغثيان، وانخفاض ضغط الدم، ولا يُمكن إعطائه لمرضى الالتهاب الكبدي ب، كذلك قد يسبّب أورامًا سرطانية خاصًة سرطان الثدي.
  • ناتاليزوماب (تيسابري): يمنع هذا الدواء مرور الخلايا المناعية من الدم إلى المخ، والنخاع الشوكي، ويعد الخط العلاجي الأول لمرضي التصلب المتعدد الشديد، والخط الثاني للأنواع الأخرى، قد يسبّب استخدام هذا الدواء الإصابة بعدوى فيروسية خطيرة في المخ.

علاج آثار وأعراض التصلب المتعدد:

   يهدف علاج آثار وأعراض المرض إلى مساعدة المريض على التكيُف مع المرض، والتقليل من آثاره الضارة، ويشمل علاج الآثار والأعراض ما يلي:

  • العلاج الطبيعي: يمكن الاستعانة بأخصائي العلاج الطبيعي لتعّلُم تمرينات الشد والإطالة، واستخدام الأجهزة التي تساعد المريض على أداء المهام اليومية بسهولة.

يساعد العلاج الطبيعي مع الأجهزة المساعدة على الحركة على علاج ضعف الساق، ومشاكل المشي المصاحبة للتصلب المتعدد.

  • مرخيات العضلات: لعلاج الألم، والتقلصات، وتشنج العضلات خاصًة في الساقين.

تشمل مرخيات العضلات: باكلوفين، وتيزانيدين، وسيكلوبنزابرين.

  • أدوية لعلاج الإجهاد:  تساعد هذه الأدوية على علاج الإجهاد المصاحب للمرض، وتشمل أمانتادين، ومودافينيل، وميثيل فينيدات، كذلك قد تُستخدم  الأدوية المضادة للاكتئاب.  
  • أدوية لزيادة سرعة المشي: مثل دالفاميبريدين الذي يساعد على زيادة سرعة المشي عند بعض الأشخاص، ويُمنع من تناول هذا الدواء مرضى الكلى.
  • الأدوية الأخرى: لعلاج الاكتئاب، والأرق، ومشاكل التحكم في المثانة والأمعاء المصاحبة للمرض.  

  يساعد الدعم النفسي لمريض التصلب المتعدد على إبطاء تقدم المرض، وتخفيف حدة نوباته؛ لذا لا تتردد في تقديم أي دعم للمريض فقد تكون سببًا في مساعدته على التكيف مع المرض، وتَقبُل آثاره. 

السابق
طريقة عمل محشى الفلفل المصري
التالي
طريقة عمل الزبادي بالعسل الأبيض