الطفل

التربية الايجابية للأبناء.. تعرّف كيف تربي أطفالك

بقلم إباء أحمد السنوسي
التربية الايجابية

في ظل التقدم التكنولوجي والتقنية الحديثة، أدى سوء استخدامهما إلى انعدام القيم ،فكان يجدر بنا في أسرة وطب أن نتحدث عن التربية الايجابية وأهميتها، ووسائلها فالتربية الايجابية بمختلف مسمياتها هي كيفية تعامل الوالدين مع أبنائهم وهي وظيفة لا تحتاج لشهادة بل عمل يحتاج إلى أن تكون على معرفة بعلم النفس، وعلم الاجتماع، وفنون الطهي، فهي مسؤولية تحتاج لاكتساب الخبرة والمهارات، فكما نهتم بالعلوم الطبية للحفاظ على صحتنا بشكل يومي، علينا أن نكون على علم بعلوم التربية الايجابية لكي نمارس دورنا كوالدين بطريقة أفضل.

اعتقادات مغلوطة وأخطاء بشأن التربية الايجابية:

وقبل أن نتطرق إلى موضوع التربية الايجابية علينا أن نتعرف على بعض الاعتقادات الخاطئة، ومنها ما يلي:

  • أن التربية الايجابية فطرية: حيث يظن كثير من الآباء أن التربية بالفطرة، ولا تحتاج لخبرة وهذا اعتقاد خاطئ، فعلى الوالدين أن يكونوا على علم بعلوم وأسس التربية الايجابية.
  •  التقليد الأعمى في التربية الايجابية لأساليب موروثة حيث يستخدم كثير من الآباء الطرق التقليدية في التربية الايجابية، ولكن لكل زمان أسلوب فتختلف أساليب التربية باختلاف العصر ومن جيل لآخر.
  •  التقليد الأعمى في التربية الايجابية للآخرين حيث أن التقليد الأعمى للغرب دون النظر لما يتفق مع دين أو ثقافة أوما يناسب العادات والتقاليد والأعراف.
  • تحقيق الأمنيات الشخصية في الأبناء دون النظر لما يحبونه وما يتمنونه.
  • الآباء الصالحون دومًا ينتجون أبناء صالحين.
  • من السهل غرس القيم الأسرية والتربوية، وهذا اعتقاد خاطئ فالقيم تحتاج لوقت طويل لغرسها، وتأسيسها ولكي يتم غرس القيم لابد من وجود قدوة ومثل أعلى.
  • إن التربية حرب بين الوالدين والأبناء، ولابد من كسب الحرب، وهذا اعتقاد خاطئ تمامًا فالتربية الايجابية ليست معركة علينا الإنتصار فيها بل هدف مُشترك نسعى سويًا لتحقيقه.
  • معاملة جميع الأبناء بطريقة واحدة، وهذا اعتقاد خاطئ فعلى الوالدين استخدام الأسلوب الذي يناسب كلًا منهم.
  •  معاملة الأطفال أنهم كبار ناضجون.
  • تلبية جميع رغبات الأبناء مما ينتج عنها التدليل الزائد، والأنانية، وأفراد غير متحملي المسؤولية.

ما هي أهمية التربية الايجابية؟

تكمن أهمية التربية الايجابية أنها أداة لتعديل وعي المجتمعات والشعوب من حيث قيمها وثقافتها وعاداتها وأعرافها بل في جميع موروثاتها فهي عملية يتم فيها تعزيز العاطفة، والشعور، والتنشئة الجسدية السويّة عند الطفل، فالعوامل الوراثية والبيئة المحيطة من حيث الأسرة، والأصدقاء، والمجتمع، وما فيها من أفكار روحانية تؤثر في شخصية الطفل؛ لذا على الوالدين اتباع طرق التربية الايجابية السلمية لإنشاء فرد صالح قادر على التعامل والخروج إلى المجتمع.

وقد بين نبينا الكريم أهمية التربية فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته)، وتتمثل أهمية التربية الايجابية في الآتي:

  • ينتج عن التربية الايجابية الصالحة تنشئة فرد صالح للمجتمع، والمساعدة في إعلاء القيم والأخلاق، فكلما ارتفع مستوى التربية الايجابية الصالحة ارتفع مستوى الأخلاق وانخفض مستوى الجرائم في هذه المجتمعات.
  •  ينتج عن التربية الصالحة فرد قادر على العطاء والبذل من أجل الآخرين، ويكون على قدرٍعالٍ من الإحساس بهم. 
  • تُنتج التربية الايجابية الصالحة إنسانًا قادراً على تكوين علاقات اجتماعية سليمة وسويّة.
  • تعمل التربية الايجابية السليمة على غرس القيم والمبادئ مما ينتج عنها أفراد يميزون بين الحلال والحرام، والصواب والخطأ، والحق والباطل؛ مما يحقق الأمن، والطمأنينة، والتقدم المجتمعي عامة، والإقتصادي خاصة. 
  • تُقوّي التربية الايجابية الصحيحة العلاقات الاجتماعية بصفة عامة والعلاقات الأسرية، والعائلية بصفة خاصة.

تعرف على التحديات التي تواجه التربية:

هناك عدد من التحديات تعوق عملية التربية الايجابية بطريقة صحيحة فلنذكر بعض منها:-

  • قلة الخبرة سواء قلة المعلومات أو قلة الخبرة العملية تؤدي إلى إعاقة عملية التربية بشكل سليم.
  • الضغوط اليومية المستمرة التي يعاني منها الآباء، فينتج عنها عدم الاستمرارية في أساليب التربية الايجابية الصحيحة.
  • عدم الاتفاق على أسلوب محدد من قبل الوالدين ينتج عنه شخصية غير متزنة.
  • البيئة المحيطة بالطفل تعوق عملية التربية الايجابية السليمة ، من حيث وجود أصدقاء السوء، وانعدام القيم في المجتمع.
  • التكنولوجيا، والتقنيات الحديثة، واستخدامها بطريقة سلبية.
  • غرس مفاهيم خاطئة للطفل بدون قصد من قبل الوالدين.

ما هي أسس التربية الايجابية؟

هناك عدد من التوجيهات من قبل علماء النفس، والاجتماع، وعلماء التربية الايجابية، وذلك من خلال دراسات أُجريت على ألفين من الآباء، وكانت عن عشر مجموعات من المهارات الأساسية في تربية الأبناء، حيث أُثبِتَ أن هذه المهارات لها أثر بالغ في أن الأبناء يتمتعون بالصحة، والسعادة وتتلخّص المهارات الأساسية في الآتي:

  • وجود الحب الأسري والتعبير عنه، وذلك بالاحتواء داخل الأسرة، والمصاحبة بين الوالدين والأبناء، والاستماع وحُسن الاصغاء لهم، والتقبيل اليومي لهم، فعن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبَّل الحسَنَ بنَ عليٍّ، والأقرعُ بنُ حابسٍ التَّميميُّ جالسٌ فقال الأقرعُ: إنَّ لي عشَرةً مِن الولدِ ما قبَّلْتُ منهم أحَدًا قطُّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَم.
  • تعليم الاعتماد عن النفس، والاستقلال الذاتي، وتحمّلهم المسؤولية بحسب السن، وتعزيز الثقة بالنفس وذلك بتجنب التدليل الزائد.
  • التحكم في التوتر أثناء الغضب حيث أن الآباء عندما يفقدون أعصابهم وقت الغضب في المحيط الذي يوجد فيه أبنائهم فذلك مؤشر على سوء التربية مع أولادهم، وللتحكّم في الغضب هناك عدة مهارات مثل التأمل، وتمرينات التنفس التي يمكن تعلُّمها بغض النظر عن الميول الطبيعية للإنسان.
  • الحفاظ على العلاقة الزوجية والأسرية، وتجنب الخلافات حيث أن الأطفال بصفة خاصة، والأبناء بصفة عامة لا يحبون الصراعات، وبخاصة عندما يكون طرفي الصراع أكثر شخصين لهما أهمية في حياتهما فهناك دراسة أثبتت وجود علاقة بين الحفاظ على سلامة الأبناء وبين التحكم في التوتر وتجنب الخلافات الزوجية.
  • بدء تعليم الأطفال في سن مبكر استخدام أسلوب الرفق واللين ووجود القدوة، وعدم استخدام العنف وخاصة أثناء تعليمهم لأنه يؤدي إلى نتائج عكسية، كما ينبغي تعليم الأبناء في سنٍ باكرٍ الحلال والحرام والطقوس الدينية التي تُعزز التربية السوية لدى الأطفال، فمن السائد أن ما أفسد الأبناء هو الإهمال، والتفريط من جانب الوالدين فى تعليم الدين، والعقيدة الصحيحة وقد ثبت أن الطفل في مراحل السبع سنين الأوائل يخزن المعلومات التي يتلقاها من قبل الوالدين أو من المجتمع لذلك علينا الاستغلال الأمثل لذلك.
التربية الايجابية
  • تخصيص وقت للعب، والمشاركة معهم، فمن أهم وسائل التربية والتعليم هو التعلَّم عن طريق اللعب حيث باللعب تنمو قدرات الأبناء، ومعارفهم.
  • تنمية المهارات المتنوعة، وملاحظة المواهب، واستغلال أوقات الفراغ في ذلك، وبخاصة مع المراهقين.
  • استخدام التكنولوجيا في التربية الايجابية بطريقة صحيحة، وذلك بالاستماع إلى البرامج الثقافية الهادفة.
  • توفير الأمن النفسي للأولاد.
  • الاهتمام بصحة الطفل، وذلك بتعويد الأبناء على العادات الصحية الجيدة.
  • الاتفاق على قواعد أساسية للتعامل بين أفراد الأسرة، ومن هذه القواعد (التحدث بأدب بين أفراد الأسرة، والتعاون في كل أمور المنزل، اهتمام كل فرد بممتلكاته الشخصية).

ما هي أنماط التربية؟

هناك عدد من أنماط التربية نذكر ما يلي:-

  • النمط التسلّطي من قبل الوالدين مما ينتج عنه الطاعة المُطلقة وتكون على أساس الخوف وليس على أساس الحب والاحترام، وينتج عن هذا النمط إما فرد جبان يهدر حقه أو فرد تسلّطي طمّاع .
  • النمط التساهُلي من قبل الوالدين ويوصف بالإهمالي يعني تصرف الأبناء كما يريدون دون محاسبة أو تعقيب، وعدم تعليمهم القيم الأخلاقية مما ينتج عنه أفراد غير قادرين على تحمّل المسؤولية كما ينتج عنه تعلّم الأنانية، والجشع .
  • النمط المرجعي ويعتمد في الأساس على مبدأ المساومة.
  • النمط الديمقراطي ويعتمد هذا النمط في الأساس على المشاركة، والحوار بين الوالدين وأبنائهم مما ينتج عنه أبناء قادرين على تحمل المسؤولية ولديهم ثقة بالنفس قوية.

وللوصول إلى أفضل نمط، فعليك اتباع النمط الحازم حيث الجمع بين الأنماط السابقة وتكون على علم بكيفية أستخدم كل نمط في وقته المناسب.

ما هي أساليب التربية الايجابية؟

تعددت أساليب التربية الايجابية وتنوعت، ومن أهمها بل في مقدمتها المحاكاة والتقليد وخاصةً في مرحلة الطفولة المبكرة لذلك يجب أن نكون على حرص عند التعامل أمام الطفل فهناك دراسات أثبتت أن العوامل الوراثية لا تؤثر في شخصية الطفل بقدر البيئة المحيطة به وفيما يلي سنعرض الأساليب الصحيحة في التربية:-

  • القدوة الحسنة في التربية الايجابية لكي يتم غرس القيم ينصح بعدم الاكثار من الكلام عن القيم بقدر ما تُطَبَّق أمامه مع مُراقبة الوالدين للأبناء. 
  • الرفق واللين في المعاملة وخاصة عند تقويم السلوك، وتعليمهم القيم.
  • النقاش، والحوار والإقناع ومشاركة الأبناء في وضع القواعد الأساسية للتعامل وفي وضع الثواب والعقاب وفي تحديد السلوكيات السيئة. 
  • التغافل عن بعض الأخطاء.
  • تحديد جلسة اسبوعية للاجتماع بين أفراد الأسرة يتم فيها النقاش والحوار ونقاش ما تم في الثواب والعقاب. 
  • اتفاق الوالدين على أسلوب محدد للعقاب، والثواب، والثبات عليه فعدم الاتفاق على أسلوب محدد من قبل الوالدين يؤدي إلى تشتت الأبناء.
  • استخدام أسلوب التشجيع والتحفيز، حيث تشجيع السلوك الإيجابي سواءًا كان تشجيعًا معنويًا أو تشجيعًا ماديًا بالهدايا ويُفضل عدم الإكثار من التشجيع المادي فالتشجيع على سلوك إيجابي يؤدي إلى استمرارية هذا السلوك وتطويره كما يفضل إستخدام ما يسمى بلوحة الشرف ، وهي تناسب من سن ثلاث إلى تسع سنوات فمن يلتزم بالقواعد والقوانين يتم وضع نجمة في لوحة الشرف ويثاب عليها في الجلسة الأسبوعية .
  • استخدام أسلوب الثواب بعد الفعل مباشرة. 
  • استخدام أسلوب العقاب بحسب حجم السلوك ويكون بعد الفعل مباشرة مع الحذر من استخدام الأسلوب التسلّطي أو العدوانية، والعنف، والقسوة لأنه يؤثر على الشخصية حيث يؤدي لعدم الثقة بالنفس، وكثير من العادات السلبية.
  • تجنب التدليل الزائد في التربية الايجابية حيث يؤدي إلى عدد من العادات السلبية .
  • احترام مشاعر الأبناء أمام الآخرين، وتجنّب الحديث عن عاداتهم السلبية، وأخطائهم أمام الآخرين؛ لأن النقد والسخرية يؤدوا إلى ضعف الثقة بالنفس والانطواء، وأحيانًا إلى العند، واستمرارية السلوك السلبي. 
  • احترام الوالدين لبعضهما البعض، وتجنب الخلافات. 

وهناك خطوات في التربية الايجابية للتعامل مع الأخطاء وتقويم السلوكيات ومنها ما يلي:

  • تحديد السلوكيات السيئة التي يقوم بها الأبناء ويُكررونها باستمرار، وذلك بهدف تغييرها ويتم تحديد السلوكيات على حسب العمر فمثلا من ثلاث إلى ثماني سنوات تُدوّن خمسة سلوكيات، ومن تسعة سنوات إلى سن الستة عشر سنة تُدَوّن عشرة سلوكيات. 
  • وضع قواعد تُحجّم السلوكيات السيئة فمثلا مشاهدة التلفاز لوقت متأخر، يقوم الوالدان بتحديد قوانين لمشاهدة التلفاز والمكافأة بأنواعها لمن يتبع القواعد ومن الأفضل العمل على تغيير القناعة أفضل من العمل على تغيير السلوك وذلك بالحوار والمُناقشة السويّة.

وفي النهاية نؤكد على أهمية التربية، والقراءة، والبحث عنها، وتحديد الهدف منها؛ وذلك لإنشاء جيل صالح يساعد في نهضة مجتمعه كما نضع في اعتبارنا عند اختيار أسلوب التربية النتائج والتركيز على المدى البعيد لهذا الأسلوب ومدى مُناسبته لشخصية الطفل.

السابق
طريقة عمل اللازانيا باللحمة المفرومة بالطعم الإيطالي الأصلي
التالي
فتق الحجاب الحاجز.. الأنواع وعلاقته بارتجاع المريء