التغذية الصحية

الالتهاب المزمن كيف تسيطر عليه بشكل طبيعي وفعّال؟

الالتهاب المزمن

يُعد الالتهاب الحاد (قصير الأجل) ردة فعل طبيعية يتبعها الجسم في الدفاع عن نفسه ضد الأمراض والعدوى، ولكن قد تؤدي بعض العوامل إلى أن يصبح مزمنًا (طويل الأجل)؛ فقد يستمر لفترات طويلة تصل إلى سنوات، ويؤدي هذا الالتهاب المزمن إلى تسلسل مرضي خطير على المدى الطويل. كيف نتجنب الالتهاب المزمن ونحسن الصحة العامة؛ باتباع نمط حياة طبيعي متكامل يتضمن نظام غذائي مضاد للالتهاب؟، هذا ما سنتناوله في هذا المقال من أسرة وطب.

ما هو الالتهاب الحاد والالتهاب المزمن؟

الالتهاب الحاد هو آلية يتبعها الجسم لحماية نفسه من العدوى، مثلًا إذا أصيب الإنسان بجرح يحدث جهاز المناعة ردة فعل تؤدي إلى علامات ظاهرية في موضع الإصابة مثل: الاحمرار والتورم والحرارة والألم، إذ يتدفق الدم ويزيد من خلايا الدم البيضاء وبعض الخلايا المناعية والمواد المساعدة مثل السيتوكينات، في منظومة متكاملة، ثم تهدأ بعد القضاء على الميكروب، وهذا النوع من الالتهابات مطلوب للحفاظ على الجسم من الأمراض والعدوى بصفة عامة. 

ولكن قد يستمر الالتهاب ويصبح الالتهاب مزمنًا دون ظهور أعراض ملحوظة، وقد يظهر نتيجة السمنة المفرطة ونتيجة الضغوط النفسية وقلة الحركة، يسبب هذا النوع أمراضًا كثيرة على المدى الطويل مثل: السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والأمراض الإدراكية مثل الخرف والزهايمر، والسرطانات وغيرها من الأمراض الخطيرة. 

هل يُمكن تشخيص الالتهاب المزمن؟

للأسف لا يلجأ المريض إلى الطبيب إلا بعد تفاقُم أحد الأمراض المذكورة، وهناك بعض المؤشرات في تحليل الدم مثل: بروتين سي التفاعلي (CRP)، ومادة (IL6)، و (TNF alpha)، و (Homocysteine).

أسباب حدوث الالتهاب المزمن

تعزز العادات المُستمرة في نمط الحياة والتغذية من فرص حدوث الالتهاب المزمن، مثل:

  • التدخين سواءً مباشرًا أو سلبيًا (مجالسة شخص مدخن).
  • قلة ممارسة الرياضة والحركة بصفة منتظمة.
  • كثرة التعرُّض للضغوط النفسية بصفة مستمرة في العمل والمنزل.
  • قلة النوم إذ يجب ألا تقل ساعات النوم عن 6-8 ساعات، وكذلك وقت النوم بالليل أفضل للمساعدة على إفراز هرمون الميلاتونين، وكذلك انتظام أوقات النوم يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم و انتظام إفراز الهرمونات المناسبة لكل فترة من اليوم.
  • استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة المُسببة للالتهاب والتي سوف نذكرها.

 أمراض يسببها الالتهاب المزمن

  • التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis).
  • مرض السكري من النوع الثاني.
  • أمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب.
  • تراكم الدهون، والتهاب بطانة الأوعية الدموية، وانسداد الشريان التاجي.
  • تدهور الإدراك عند كبار السن والإصابة بالألزهايمر.
  • الأمراض السرطانية.
  • الصدفية (Psoriasis).

دور التغذية الصحية في تقليل الالتهاب المزمن

يفتقر النظام الغذائي الغربي الذي انتشر عندنا في صورة مطاعم الوجبات السريعة، والأطعمة المُصنعة إلى عناصر هامة نسميها Micronutrients وهي الفيتامينات والمعادن (الموجودة في الخضروات والفاكهة) كما يفتقر إلى أوميجا 3 والألياف، ويحتوي على كمية كبيرة من الملح والأوميجا 6 (في زيوت القلي النباتية)، والسمن الصناعي المُهدرج (Trans-fats)، والسكر، ومنتجات الدقيق الأبيض، كل هذه المواد تؤدي إلى الالتهاب المزمن.

أما الوجبات المُضادة للالتهاب فتتميز بتوازنها واحتوائها على العناصر الغذائية الضرورية للجسم؛ والمتوفرة في الأكل الطبيعي غير المُعالج أو المُصنَّع، والطازج الذي يخرج من الأرض كلٌ في موسمه، وتعتمد مصادر الدهون والبروتينات على المصادر النباتية أكثر من الحيوانية، ومصادر الكربوهيدرات على الحبوب الكاملة والخضروات والفواكه النشوية.

أطعمة يُنصح بتجنب الإكثار منها لتقليل الالتهاب

  • السكر فقد ثبت تأثيره الكبير في زيادة معدلات الإصابة بأمراض الشرايين، ومقاومة الأنسولين الذي يتسبب في السكري من النوع الثاني، لذلك ينصح بتجنب: المشروبات السكرية وعصائر الفاكهة المحلاة بالسكر أو المُعلبة.
  • شراب الذرة عالي المحتوى من الجلوكوز أو ما يسمى (High fructose corn syrup)، ويكون تحت أسماء متعددة مثل: شراب الذرة؛ سكر الفاكهة؛ الفركتوز؛ شراب الفاكهة. والمستخدم في الكثير من المنتجات المصنّعة لرخص سعره مثل: البسكويت والحلويات المُغلفة ومعظم منتجات الأطفال من مقرمشات والرقائق والمُعجنات. 
  • المقليات والشيبس، والسمن الصناعي (المهدرجة)، والزيوت النباتية المعالجة (مثل زيت الصويا والذرة) المستخدمة في العديد من الأطعمة المصنعة، حيث قد يؤدي الاستهلاك المنتظم إلى خلل في نسبة أحماض أوميجا 6 إلى أوميجا 3 الدهنية (يفضل أن لا تزيد النسبة عن 4 إلى 1)، والتي يعتقد بعض العلماء أنها قد تعزز الالتهاب، ويمكن أن يكون للإفراط في تناول اللحوم المصنعة آثار التهابية أيضا على الجسم.
  • اللحوم المُصنعة مثل اللانشون، والهوت دوج، والنقانق، والسلامي.
  • المعلبات والأغذية المغلفة، لما فيها من نسب عالية من الدهون المُشبعة، والمواد الحافظة، ومكسبات الطعم واللون. 
  • المُعجنات والخبز الأبيض، والمكرونة، والحلويات المصنوعة من الدقيق الأبيض.

أطعمة مضادة للالتهاب ينصح بتناولها

يُعتمد فيها على أطعمة غير مُعالجة (مُحتفظة بعناصرها المفيدة)، وطبيعية طازجة كثيرة الألوان مأخوذة من الأرض، وغير مصنعة بغرض زيادة مدة تخزينها أو إضفاء طعم أو قوام عليها.

دعونا نوضح هذه النقاط أكثر:

حبة القمح الكاملة
  • كمثال للكربوهيدرات المُعقدة تتكون من ثلاثة أجزاء: القشرة الخارجية (الردة أو النُخالة أو Bran)؛ والغنية بالألياف والفيتامينات، والجنين (جنين القمح أو Germ)؛ الغني بالفيتامينات والمعادن، والجزء الداخلي الأبيض (السويداء أو Endosperm) الأقل فائدة وهو الذي يتبقى لنأكله كدقيق أبيض بعد المُعالجة.
اللحوم المُصنَّعة
  • مثل النقانق واللانشون؛ تحتوي على نسبة عالية من الدهون الحيوانية. بالإضافة إلى الزيوت النباتية المُهدرجة. وتكون عالية المحتوى من أوميجا6 وهي دهون رغم أهمية وجودها بنسب معقولة. فإنه قد ثبت أن زيادتها لها علاقة بزيادة الالتهاب في الجسم.
أوميجا 3
  • هي الدهون الموجودة في الأسماك الدهنية مثل البوري والماكريل والسردين. وكذلك في بعض البذور مثل بذر الكتان وزيت بذر الكتان (الزيت الحار)، وبذور الشيا والكينوا. والمكسرات غير المُملحة. ينصح بعدم تجاوز نسبة أوميجا6 إلى أوميجا 3 عن 4 إلى 1، ولكنها تصل في النظام الغربي إلى 16 إلى 1 وهي نسبة خطيرة تعرِّض للإصابة بأمراض الأيض الغذائي.
البروتينات
  • ينصح بتناول اللحوم الحمراء مرة واحدة في الأسبوع، ويُعتمد أكثر على الأسماك خاصةً الزيتية (1 – 2 أسبوعيًا). والدجاج مرة أسبوعيًا، ويفضل الحصول على البروتينات من المصادر النباتية مثل البقول (الفول، والحمص، والعدس، والفاصوليا واللوبيا…).
الفيتامينات والمعادن
  • لا يستطيع الجسم إنتاج كل الفيتامينات والمعادن الهامة لعملياته الحيوية ومضادات للأكسدة؛ لذلك يجب الحصول عليها من الطعام. إذ تتوفر في: الفاكهة لا سيما الغامقة اللون (الفراولة والتوت البري والكرز والعنب)، بالإضافة إلى الموالح الغنية بفيتامين سي. والفواكه الدهنية مثل الأفوكادو والزيتون، والخضروات خاصةً البروكلي، واللفت، والبنجر (الشمندر)، والكرنب والقرنبيط. والبذور المُستنبتة مثل براعم البروكلي، والفلفل بألوانه يحتوي على فيتامين سي بكمية تساوي أضعاف ما هو في الموالح.
الزيوت الصحية
  • مثل زيت الزيتون ولكن يجب تخيُّر النوعيات المعصورة على البارد، وزيت جوز الهند، ويمكن أيضًا إستخدام الزبدة البلدي.
  • التوابل مثل الكركم، والجنزبيل، والفلفل…
  • الشاي خاصةً الأخضر يحتوي على مضادات الأكسدة.
  • شرب الماء من 6 – 8 أكواب يوميًا.

تأثير الأكل على ما يصيبنا من أمراض أكثر من تأثير الدواء عليها، سواءً في مرحلة الوقاية أو مرحلة العلاج. تخيل شخصين يتناولان نفس الأدوية أحدهما يأكل وجبات متوازنة مضادة للالتهاب؛ لا تسبب التهاب مزمن. والآخر يأكل وجبات تزيد الالتهاب في جسمه، هل تتوقع أن يستفيد جسم كلاهما بنفس الدرجة من الدواء؟، وهل يستطيع جسم كلاهما التخلص من نواتج هذه الأدوية بنفس الكفاءة؟، أكلك الخطأ منذ الصِّغر الذي يسبب لك التهاب مزمن هو الذي يرسم لجسمك خارطة طريقه إلى تصلب الشرايين. والأزمات القلبية، والسكتة الدماغية، ومرض السكري ، والخرف المبكر، والسرطان، ولكن هل يمكننا عكس هذه الآثار الضارة للالتهاب المُزمن أو تقليلها؟، الإجابة: نعم، وكلما كان مبكرًا زادت فرص التحسُّن.

السابق
طريقة عمل حلى الليمون اللذيذ في 5 دقائق
التالي
طريقة عمل الفراخ المشوية بالفرن برائحة الشواء الذكية